لهذه الأسباب تضرع الغرب إلى الله ليحمى بوتين! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 11:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لهذه الأسباب تضرع الغرب إلى الله ليحمى بوتين!

نشر فى : الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 7:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 7:40 م

يا لها من ساعات تستحق وصفها بـ«ساعات الحقيقة» تلك التى أعلن فيها يفجينى بريجوجين، قائد مرتزقة فاجنر تمرده على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ووعيده بأنه سيندفع على رأس قواته إلى موسكو ليأت برئيس جديد ويشنق وزير الدفاع فى الميدان الأحمر. فقد كشفت هذه الساعات حقائق.. وصححت مفاهيم.. وبددت أوهاما، من فرط تكرارها ظن الكثيرون أنها حقائق راسخة.
أول حقيقة كشفتها تلك الساعات أن سيد الكرملين ليس بتلك القوة التى تبرر له كل تلك الغطرسة التى صار يطل بها على الجميع؛ فخلال تلك الساعات كافح بوتين من أجل صياغة رد متماسك على التمرد.. فأخرج كهنة الكرملين له وصفة «أنا أو الحرب الأهلية».. التى إذا ترجمتها بلغة الشرق الأوسط تصبح «أنا أو الفوضى»!.
لم تكن «أنا أو الفوضى» رسالة مقصودا بها المسجون الجنائى السابق بريجوجين»، ولا الداخل الروسى فى المقام الأول، بل الغرب. وقد وصلت واضحة إلى عناوينها المقصودة. شاء الله أن أكون فى موقع اجتماع ثلاثة زعماء أوروبيين خلال «ساعات الحقيقة» تلك، مستشار النمسا كارل نيهامر، رئيسة وزراء إيطاليا جورجينيا ميلونى، والرئيس البلغارى رومين راديف، على هامش حضورهم اليوم الختامى لـ«منتدى أوروبا واتشاو» EuropaــForum Wachau فى النمسا السبت الماضى.. فكيف كانت ترجمة الزعماء الثلاثة لشبح الفوضى التى بشر بها سيد الكرملن؟
على الفور فكوا شفرة الرسالة.. وهى أن أوروبا لن تكون فى مأمن من تلك الفوضى إذا ما حدثت فى روسيا.. ذهب المستشار النمساوى إلى عصب الموضوع: «الأسلحة النووية يجب ألا تقع فى الأيدى الخطأ»، بذات اللهجة القلقة جاء رد الرئيس البلغارى: «نحن فى حاجة لاتخاذ تدابير سريعة لحماية الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى.. إذا استمر الوضع الأمنى ​​فى التدهور داخل روسيا.. فما هو مصير آلاف الرءوس الحربية النووية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية فى روسيا؟» تساءل راديف. ميلونى من جهتها اعتبرت أن «الوضع فى روسيا فوضوى للغاية».
سرت الحرارة فى خطوط الاتصال بين الرئيس الأمريكى جو بايدن وحلفائه الأوروبيين فى تلك الساعات، فتحدث مع زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا بشأن التطورات فى روسيا. وقال بايدن: «اتفقنا على عدم إعطاء بوتين أى ذريعة لإلقاء اللوم على الغرب أو الناتو فيما يحدث فى بلاده.. لسنا متورطين، ولا علاقة لنا بذلك، لقد كان هذا جزءا من صراع داخل النظام الروسى».
كانت الترسانة النووية الروسية الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية فى تلك الساعات أيضا، ففى يوم الأحد قال وزير الخارجية أنطونى بلينكين لشبكة CBS: «عندما نتعامل مع قوة عظمى لديها أسلحة نووية، فهذا أمر يثير القلق». فى هذا الموضوع تحديدا كشف وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف لشبكة RT الروسية الاثنين الماضى أن لين تريسى، السفيرة الأمريكية لدى روسيا، اتصلت بوزارة الخارجية الروسية خلال ساعات تمرد بريجوجين لضمان أمن الأسلحة النووية الروسية.
فى تلك الساعات راحت أوروبا تفكر فى أعداد اللاجئين الروس الذين سيتدفقون على دولها المنهكة والتى ينخر فيها التضخم وارتفاع الأسعار بفعل الحرب على أوكرانيا، راحت أوروبا تفكر فى الفوضى التى يمكن أن تضرب الأمن الداخلى نتيجة وجود أعداد كبيرة من الروس الفارين من الحرب الأهلية والأوكرانيين على أراضيها، وما يمكن أن يحدث من احتكاكات بينهم تهدد السلم الأهلى.
راحت الدول الأوروبية ومعها الولايات المتحدة تفكر فى ارتفاع أسعار النفط إذا ما حدثت الفوضى فى روسيا، ثانى أكبر منتج له فى تحالف «أوبك بلس» وتوقف إنتاجها، صحيح أنه يباع فى الأسواق الآسيوية للصين والهند تحديدا، وتقاطعه أوروبا، لكن إذا ما توقف الإنتاج ستندفع بكين ونيودلهى لطلب احتياجاتهما من السوق التقليدية، فيزيد الطلب عن المعروض، فتجن الأسعار والتضخم فى كل مكان فى العالم.
تنفس العالم الصعداء بتراجع بريجوجين عن مغامرته، لكن بوتين لم ولن يرجع لصورته القوية قبلها، سوف يكافح طويلا لتسويق أسباب جديدة لحربه على أوكرانيا، فالغرب أثبت الواقع أنه لا يتحمل فوضى فى روسيا، أو تفتت أراضيها إلى دويلات متناحرة، من دون أن يؤثر ذلك على رغبته دوما فى روسيا ضعيفة أو تابعة.

التعليقات