هاتولى راجل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 6:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هاتولى راجل

نشر فى : السبت 26 أكتوبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 26 أكتوبر 2013 - 8:00 ص

لهواة دراسة الوظيفة النفسية للفن، يمكنهم متابعة كيفية تقبل الجمهور لأحداث ووقائع وشخصيات هذا الفيلم. فى سابقة جديرة بالانتباه، تغص صالة العرض بالبنات والسيدات، من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية.. شباك التذاكر، طبعا، لا توجد به لافتة تقول «للنساء فقط»، لكن، فيما يبدو، ان ما تناقلته الألسنة، كان له الفضل فى جذب بنات حواء، فضلا على الشذرات المتناثرة، فى المجلات والجرائد، عن موضوع الفيلم الذى يقدم مجتمعا افتراضيا، مصريا، تتحكم فيه المرأة، وينزوى دور الرجل، وتغدو الإناث بمواصفات الذكور، بينما يصبح الذكور، بضعفهم، ومتاعبهم، وغبنهم، أقرب إلى الإناث.

بعيدا عن تقييم الفيلم، مؤقتا، لابد من الاعتراف بحالة البهجة التى منحها العمل لجمهور ارتفعت ضحكاته، خاصة فى المواقف التى تقدم الرجل، جائرا، ضعيفا، مغتاظا، حين يواجه ممارسات تتطابق مع ما تتعرض له النساء، واقعيا.. وآية ذلك، عندما تتحرش فتاة، بالألفاظ، بالشاب المؤدب، الخجول، أحمد الفيشاوى، فى الطريق العام، ويتجنبها، لكن فتاة أخرى تتعقبه، تمد يدها لتتحسسه.. يجفل منها مذعورا.. ومع الضحك الصاخب للمشاهدات، يدرك المرء أن الموقف المعروض على الشاشة، يحقق نوعا من الثأر التخيلى، لقطاع واسع من بناتنا اللاتى تعرضن بالضرورة للتحرش.

فكرة الفيلم قديمة، لكن لم تفقد نضارتها، حققها الكاتب الإغريقى، أريستوفان، فى مسرحية كوميدية بعنوان «برلمان النساء»، قبل الميلاد بأربعة قرون، تدور حول نساء أثينا وقد قررن الانقلاب على حكم الرجال الفاشل، الذى أدخل البلاد فى حروب بلا ضرورة، ووصلوا بأحوال العباد إلى الحضيض. يستيقظن مبكرا، يرتدين ملابس أزواجهن، وذهبن إلى «الجمعية العامة لأثينا»، واستصدرن قانونا ينص على تولى النساء مقاليد الحكم، وفعلا، يتخذن قرارات فى منتهى الحكمة والعدالة، ومنها توزيع الثروة على الأهالى، ومصادرة الملكية المغالى فيها.. وعندما يعدن إلى بيوتهن، يجدن أزواجهن، بملابس النساء، يتسامرون ويثرثرون. بعد «برلمان النساء»، ظهرت الفكرة فى العديد من المسرحيات والروايات والأفلام.

العبرة، فى العمل الفنى، لا تتوقف على الفكرة فى حد ذاتها، ولكن تتعلق بكيفية معالجتها، ومدى اتساع وعمق الرؤية المطروحة من خلالها. هنا، فى «هاتولى راجل»، لن تجد رؤية بقدر ما نجد «افيهات»، الفيلم يبدأ، قبل ظهور العناوين والأسماء، بداية بليدة حيث يسرد البروفيسور عزت أبوعوف شيئا من تاريخ ما حدث فى مصر، وكيف قامت النساء بالهيمنة على المجتمع. وبعد العناوين يطالعنا، فى حارة شعبية، مشهد بالغ الحيوية والطرافة، فثمة امرأة تقوم بتنجيد القطن، وثانية تقود توك توك، وثالثة تشاكس الشاب العابر أمامها، بعبارات نابية، مستترة، من نوع «فينك يا مسامير لما كنا خشب».. لكن الفيلم لا يتابع توغله فى أحراش الحارة، فالسيناريو الذى كتبه كريم فهمى، فى أولى تجاربه، يهتم بأبطاله أكثر من اهتمامه بالمجتمع، ويوفق فى رسم ابعادهم، على نحو كاريكاتورى، يوائم الاتجاه الكوميدى للفيلم، فإلى جانب الشاب الخجول، البكر، أحمد الفيشاوى، ثمة الشاب الذى يعمل بالدعارة، شريف رمزى.. وكلاهما أدى دوره بإجادة تستحق الإشادة فعلا، وتؤكد أن إبداع الممثل من الممكن ان يكون عاملا حاسما على نجاح الفيلم، برغم سطحية السيناريو، وتخبط الإخراج، حيث ينغمس مخرجنا الجديد، محمد شاكر، فى تصوير مطاردات ومواجهات عنيفة، بين الشرطة النسائية وعصابة تقودها امرأة.

«هاتولى راجل»، يلمع بين الحين والحين، فى المحاكاة الساخرة لمواقف فى السينما المصرية، كأن تقبض شرطة الآداب على ممارسى الدعارة، ونشاهد الشاب ملفوفا فى ملاءة.. أو أن يجهش الشاب البكر، بالبكاء، بعد أن فضت امرأة بكارته.. وعلى طريقة أشرار الأفلام المصرية، تقول له المرأة انها لن تتزوج ممن نامت معه. وإذا كان اغتصاب سعاد حسنى، فى «الكرنك»، من أشهر مشاهد السينما، فإن الفيلم يعيد ذات الموقف، مع تبادل الأدوار، فالضحية، هذه المرة، هو الشاب شريف رمزى، والمغتصب امرأة.. اسمها «فرج»، الأمر الذى أضحك المشاهدات كثيرا، فالفيلم، برغم التحفظات الكثيرة عليه، يحسب له، أنه، أرضى النساء، وثأر لهن من المجتمع الذكورى.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات