إبداع الأخذ والعطاء - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 7:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إبداع الأخذ والعطاء

نشر فى : الثلاثاء 25 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 25 يونيو 2013 - 8:00 ص

ساقتنى الظروف لمعرفة الجراح الموهوب، الدكتور شريف عمر، وتعمقت علاقتى به، والعكس غير صحيح، فأنا، بالنسبة له، عابر سبيل، من أهالى المرضى، وهو، عندى، طوق نجاة، أنقذ، بفضل الله، أقرب الناس لقلبى، بل حررنى من فوبيا الأورام، وجعلنى أنظر لهذا المرض، تماما مثل كل الأمراض، الشفاء منه وارد بسخاء.. أيامها، منذ أكثر من عقدين، فكرت فى إعداد برنامج تليفزيونى، تقدمه العزيزة سلمى الشماع، بعنوان «الإبداع»، فى شتى المهن، التمثيل، المحاماة، التدريس، الرسم، النجارة، وكعادتى، لم أنفذ المشروع الذى يتراءى لى الآن، مثل كل المشروعات التى لم نحققها، أهم وأجدى من أشياء أخرى انغمسنا فيها.. وحين سألته عما إذا كان ثمة إبداع فى الجراحة، أجاب بحماس، بعد صمت قليل: طبعا، بالتأكيد، وهو يتوقف على مدى قدرة الطبيب على ملاحظة ما ينجزه الأساتذة والزملاء وحتى التلاميذ.. علقت بدهشة «حتى التلاميذ؟».. استكمل: نعم، فمن الممكن أن ألاحظ جمال الغرزة التى حاكها هذا التلميذ الذى يساعدنى فى إجراء العملية، وكيف أنها دقيقة، ومربوطة بفيونكة لن تحتاج لجهد فى فكها وسحب الخيط، من دون أن يترك أثرا. طبعا، أستعير هذه الغرزة، وقد أضيف إليها.. كذلك الحال بالنسبة للزملاء والأساتذة.

 

رؤية د.شريف عمر، تمتد إلى شتى جوانب الحياة، بما فى ذلك مهنة النقد، فالنقاد، يأخذون من بعضهم بعضا، ملاحظة، أو طريقة صياغة جملة، وكثيرا ما أجد ــ راضيا أو مغتاظا ــ إحدى متعلقاتى، فى سطور آخرين.. وبدورى، أنسج أحيانا، بعض التعبيرات، على منوال أساتذتى، وزملائى أيضا، وأحاول أن تكون معقولة. وقد أوفق أو أفشل. لكن، هى فى النهاية، نوع من الأخذ والعطاء.

 

هذا الكلام أقوله لأبرر استعادتى ــ المعترف بها ــ لنظرية الصديق العزيز، الناقد المهم، طارق الشناوى، المتعلقة بتعفف على بابا وشراهة أخيه قاسم.. الشناوى، مع كل مدخل رمضان، ينصح المشاهدين بتتبع عدة مسلسلات وليس كلها، وإلا لن تتحمل طاقتهم استمرار الاستيعاب، وسيصبحون، مثل قاسم، الطماع، الذى زاغت نظراته داخل المغارة، واندفع فى جمع كل ما يراه، حتى إنه نسى كلمة السر، وجاءت نهايته وخيمة. نزعة الاكتفاء عند على بابا، والرغبة الرعناء فى الاستحواذ عند قاسم، تمتد فى مقالات طارق الشناوى، وتغدو من المعايير التى يقيس بها مدى اندفاع البعض فى بلع ما لا يمكن هضمه، سواء مالا أو جاها.

 

فى العام الأخير، آلت السلطة لمن خلت قريحتها من الإبداع، لأنها لم تلتفت لضرورة «الأخذ والعطاء». انساقت وراء أفكارها البائسة المتسترة وراء شعارات فضفاضة، رافضة استيعاب أى أفكار أو رؤى من الممكن أن تمسى مفيدة.. والأدهى، أنها، تصرفت مثل «قاسم»، ما أن دخلت المغارة حتى سال لعابها، وبينما أخذ «قاسم» يردد، بنشوة مجنونة «ذهب. ياقوت. مرجان»، كان حال السلطة يردد «مجلس وزراء. مجلس شورى، محافظين»، وحاولت وضع هذه الحمولة فى زمبيل واحد، أكبر وأثقل من طاقتها وقدرتها، وبالضرورة، وجدت نفسها فى مأزق وعر، خاصة أنها نسيت كلمات السر «الآخرون، أصحاب المغارة الأصليون، الشعب» وبالتالى، من المتوقع، أن يكون مصيرها مثل مصير قاسم.

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات