دور الجريمة المنظمة فى الصراع بأوكرانيا - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 2:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دور الجريمة المنظمة فى الصراع بأوكرانيا

نشر فى : السبت 24 ديسمبر 2022 - 8:15 م | آخر تحديث : السبت 24 ديسمبر 2022 - 8:15 م

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب جون روهيل، يقول فيه إن فرض عقوبات اقتصادية على روسيا ــ بسبب شنها حربا ضد أوكرانيا ــ أدى إلى تعاونها مع المنظمات الإجرامية لتخفيف أثر العقوبات. استفادت موسكو من هذا التعاون عن طريق جنى أرباح طائلة من مشروعات غير قانونية كتهريب الأسلحة والمخدرات وتسليح حلفاء للكرملين داخل الأراضى الأوكرانية، كما تعمل هذه الجماعات على عرقلة عملية الإصلاح السياسى والاقتصادى بكييف. وسيستمر هذا التعاون طالما استمر فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا... نعرض من المقال ما يلى:
بداية، ظهرت الجريمة المنظمة كقوة فاعلة فى أوكرانيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى عام 1991. ومع ذلك، اختار الكرملين عدم القضاء عليها تماما، إذ وفرت الجماعات الإجرامية لموسكو فرصا فريدة، فمن خلال غض الطرف عن الكثير من أنشطتهم وإضفاء الشرعية على ثرواتهم وأعمالهم، تمكن الكرملين من الوصول إلى منافذ لجنى الأرباح غير القانونية والاستفادة من شبكات التهريب الواسعة وغيرهما من الخدمات غير المشروعة.
فى جنوب شرق أوكرانيا، حيث يتركز النشاط الإجرامى بشكل كبير، أقام أفراد من المخابرات الروسية علاقات معهم على مدى عقود، واعتمدت معظم الأعمال الإجرامية المتطورة فى شبه جزيرة القرم على العلاقات مع الأجهزة المخابراتية الروسية للبقاء على قيد الحياة. كما وسع الكرملين تعاونه مع الجماعات الإجرامية فى جميع أنحاء الاتحاد السوفيتى السابق.
أما فى منطقة دونباس الأوكرانية، سمحت كثافة الجريمة ــ نتيجة ضعف المؤسسات المحلية ــ للجماعات الإجرامية بتكديس قوة اقتصادية وسياسية كبيرة بعد الانهيار السوفيتى. ولكن بعد بدء الحرب الروسية بالوكالة فى المنطقة جنبا إلى جنب مع الاستيلاء على شبه جزيرة القرم فى عام 2014، قدمت جماعات دونباس الإجرامية الكثير من القوة البشرية للجماعات المسلحة المنشأة حديثا وحاولت تجنيد آخرين فى المناطق الأوكرانية المجاورة لحمل السلاح ضد القوات الحكومية.
تميل جماعات الجريمة المنظمة بشكل عام إلى إضعاف قدرة الدولة، أو قدرة الحكومات على العمل بشكل صحيح، مما يسمح لها بزيادة قوتها وتأثيرها. لذلك وسّع الكرملين من تعاونه مع هذه الجماعات لإضعاف أوكرانيا واستكمال جهوده الحربية.
• • •
الآن، تحظى قضية تهريب أسلحة غربية لأوكرانيا إلى فنلندا والسويد والدنمارك وهولندا باهتمام كبير، وانعكست مخاوف سابقة أعربت عنها السلطات الأوروبية بشأن ضعف أوكرانيا أمام الجريمة المنظمة وتداعيات ذلك على القارة. ففى الوقت الذى تم فيه استخدام أسلحة من أوروبا الشرقية فى العديد من الهجمات الإرهابية على مدى العقد الماضى، من المحتمل أن يؤدى انتهاء العديد من الأسلحة التى تم تهريبها من أوكرانيا فى أوروبا إلى زيادة الأوضاع سوءا.
فى أبريل، اتهم مسئولون أوكرانيون روسيا أيضا بتهريب أسلحة إلى أوكرانيا من منطقة ترانسنيستريا الانفصالية فى مولدوفا فى محاولة لتسليح حلفاء محليين، وكذلك استخدام المهربين لجلب أسلحة وتكنولوجيا عسكرية خاضعة للعقوبات للجيش الروسى عبر جورجيا.
وفقا لبعض مسئولى المخابرات وإنفاذ القانون الغربيين، أدت العقوبات الاقتصادية إلى إجبار الكرملين على توسيع أنشطة التربح الإجرامى. كما اعتقد مسئولو الناتو والاتحاد الأوروبى أن عصابة كبيرة لتهريب التبغ فى بلجيكا تم الكشف عنها فى سبتمبر الماضى قامت برعايتها المخابرات البيلاروسية والروسية لاستخدام أموال عملياتها فى مواجهة العقوبات. وبالمثل، زادت الصناعات التى تسيطر عليها الدولة فى روسيا وبيلاروسيا من التعاون مع الجماعات الإجرامية لتصدير النفط والغاز والسلع المقلدة لتجاوز العقوبات.
• • •
منذ بداية الغزو الروسى، لاحظ مسئولو الأمن الأوروبيون أيضا ارتفاعا فى تهريب المخدرات إلى أوروبا عبر الطريق الشمالى من أفغانستان مرورا بآسيا الوسطى وروسيا، على الأرجح بسبب قيام موسكو بتخفيف القيود على هذه الأنشطة. حيث يسمح فرض الضرائب على تجارة المخدرات للكيانات الحكومية الروسية بجمع الأموال. ولكن كما هو الحال مع الأسلحة، فإن إغراق أوروبا بالمخدرات يخلق مشاكلها الخاصة، إذ يمكن أن تضغط تدفقات المخدرات المتزايدة على أنظمة المحاكم والسجون والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى.
وبعد قرار الغرب بتجميد الكثير من احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية والأصول المالية الأخرى، لجأ المجرمون الروس، بالتنسيق مع الكرملين، إلى العملات المشفرة للمساعدة فى جمع الأموال والتهرب من العقوبات. كما استخدمت موسكو مجموعات القرصنة الإجرامية للمساعدة فى شن هجمات إلكترونية على أوكرانيا والأهداف الغربية.
• • •
إن احتضان الكرملين للجريمة المنظمة يؤكد شعور روسيا باليأس باعتبارها الدولة الأكثر تعرضا للعقوبات فى العالم. ومع ذلك، فإن روسيا تشكل تحديا أكبر من الدول المارقة الأخرى الخاضعة للعقوبات مثل فنزويلا أو إيران أو كوريا الشمالية. فاقتصادها الصناعى الكبير نسبيا ومواردها الطبيعية وحدودها الواسعة وتكاملها الاقتصادى مع أوراسيا تجعل عزلها أكثر صعوبة.
تشجيع نمو الجريمة المنظمة فى أوكرانيا كان له فوائد أخرى لموسكو. إذ ساعدت الجماعات الإجرامية المحلية الأوكرانيين الذين يسعون إلى تجنب التجنيد الإجبارى على مغادرة البلاد، مما قلل من القوى البشرية المتاحة فى كييف. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على الثقافة الإجرامية الراسخة والفساد فى أوكرانيا يجعل عملية الإصلاح الاقتصادى والسياسى صعبة.
طبعا، حاولت وكالات إنفاذ القانون الغربية زيادة التنسيق مع أوكرانيا لوقف الجريمة المنظمة المدعومة من روسيا منذ اندلاع الحرب، فى حين عززت كيانات مثل الإنتربول، واليوروبول، وفرونتكس، وغيرها من تعاونها مع كل من أوكرانيا ومولدوفا فى الأشهر الأخيرة لتعزيز المواجهة.
من الواضح أن الحرب ضد الجريمة المنظمة المدعومة من روسيا تظل ضرورية للجهود الحربية الأوكرانية، وسيتطلب الأمر من الغرب إيلاء قدر كبير من الاهتمام لمواجهة استمرار تطور الجريمة المنظمة فى البلاد بمجرد انحسار القتال الروسى ضد أوكرانيا.
جوهر القول، سيستمر تعاون روسيا مع المنظمات الإجرامية لأنه ضرورى لها من أجل حماية اقتصادها وإطالة أمد مجهودها الحربى، وسيواصل الكرملين هذه السياسات طالما ظلت العقوبات سارية.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد

التعليقات