شظايا «الانفجار الكبير»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 12:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شظايا «الانفجار الكبير»!

نشر فى : الجمعة 24 نوفمبر 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : الجمعة 24 نوفمبر 2023 - 8:05 م
أعطت الهدنة التى تم التوصل إليها فى قطاع غزة، بصيصا من الأمل فى إمكانية حدوث صمت دائم لآلة الحرب والدمار الصهيونية ضد الفلسطينيين، لكن هذا الأمر لا يبدو واردا فى تفكير القاهرة حاليا، لأن لديها مخاوف هائلة من سيناريو «الانفجار الكبير» المتمثل فى تهجير سكان القطاع إلى سيناء.

فالرئيس السيسى، وخلال الفعالية المصرية لدعم فلسطين فى استاد القاهرة، مساء أول من أمس، قال إن «المنطقة العربية تواجه أزمة جسيمة تضاف إلى سوابق التحديات التى تعانيها على مدار عقود، كما تواجه القضية الفلسطينية منحنى شديد الخطورة والحساسية فى ظل تصعيد غير محسوب، وغير إنسانى اتخذ منهج العقاب الجماعى وارتكاب المجازر، وسيلة لفرض واقع على الأرض يؤدى إلى تصفية القضية وتهجير الشعب والاستيلاء على الأرض»، مشددا على أن «قراره كان حاسمًا بأن نكون بطليعة المساندين لفلسطين»، ومؤكدا أن «تهجير الفلسطينيين بالنسبة لمصر خط أحمر ولن نسمح به».

كذلك فى الجلسة الطارئة التى عقدها مجلس النواب الثلاثاء الماضى، لمناقشة الإجراءات والتدابير التى اتخذتها الحكومة المصرية إزاء التصدى لدعوات التهجير القسرى للفلسطينيين، بدت هذه المخاوف ماثلة للعيان، بل وكاشفة عن حجم القلق المتزايد فى دوائر صنع القرار فى البلاد، من إمكانية تنفيذ دولة الاحتلال الصهيونى لهذا المخطط.

رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولى، قال خلال هذه الجلسة إن «مصر لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات كافة التى تضمن أمن وصون حدودها»، متعهدا بأنه «حال حدوث أى نزوح إلى الأراضى المصرية سيكون لها رد حاسم وفق القانون الدولى».

أما مجلس النواب فأكد فى بيان ختامى لجلسته، ألقاه رئيسه المستشار حنفى جبالى، «رفض المجلس القاطع لإكراه الفلسطينيين على النزوح داخليا، أو تهجيرهم قسريا خارج أراضيهم وتحديدا صوب الأراضى المصرية فى سيناء»، مشيرا إلى أن «البيئة التشريعية المصرية تتضمن مجموعة من التشريعات الكفيلة بردع أى محاولات للاعتداء على أمنها».

مواقف حاسمة وواضحة للغاية للمسئولين المصريين، دعمتها كلمات ساخنة لنواب البرلمان، الذين أقدم بعضهم على تمزيق معاهدة السلام مع إسرائيل، فى إشارة لا تخطئها عين على تصميم مصر القوى على استخدام جميع أدواتها السياسية والدبلوماسية بل والعسكرية إذا لزم الأمر، للحفاظ على أمنها القومى وحماية وتأمين حدودها وأراضيها، ومنع تصفية القضية الفلسطينية على حسابها.
لكن السؤال.. هل هناك بالفعل مخاوف حقيقية، ترفع منسوب القلق لدى القاهرة، وتدفعها لاتخاذ مثل هذه المواقف التصعيدية؟.

منذ الساعات الأولى لبدء العدوان الصهيونى على غزة قبل أكثر من 45 يوما، تصاعدت الدعوات الإسرائيلية المدعومة بتأييد أمريكى أوروبى، لترحيل الفلسطينيين فى غزة إلى مصر وتوطينهم فى سيناء، مقابل مجموعة من الحوافز السياسية والاقتصادية، لكن القاهرة ردت على ذلك بحزم وأعلنت رفضها الحاسم لأى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حسابها.

ما يقلق القاهرة حقا ويعمق مخاوفها من إمكانية تنفيذ إسرائيل لهذا المخطط، التصريحات الأخيرة لقادة الاحتلال عن الاستعداد لبدء المرحلة الثانية من العدوان على غزة، تحت زعم تدمير حركة حماس، عبر توجيه آلة الدمار الصهيونية للعمل بعنف وقوة فى جنوب القطاع، مثلما حدث فى الشمال الذى حولته إلى منطقة غير صالحة للحياة فى المدى القريب.

ووفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، نقلا عن مسئولين أمريكيين فإن واشنطن حثت إسرائيل على تأجيل هجماتها على جنوب قطاع غزة لحين يتم التوصل إلى خطط لحماية المدنيين. ونقلت الصحيفة كذلك عن ضباط ومحللين إسرائيليين رفيعى المستوى القول إن «القوات الإسرائيلية نجحت إلى حد كبير فى السيطرة على شمال غزة»، على حد قولهم، لكنهم أشاروا فى الوقت ذاته أن «إسرائيل لم تتمكن من تدمير القدرات العسكرية لحماس إلا بشكل جزئى ولم تأسر أو تقتل العديد من كبار قادة الحركة».

كما نقلت الصحيفة عن المصادر الإسرائيلية قولها إنه «من المرجح أن تقوم الطائرات الحربية للاحتلال بتكثيف قصفها على خانيونس ورفح، وهى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان فى الجنوب والتى يعتقد أنها مليئة بأنفاق حماس، مثل مدينة غزة فى الشمال. كذلك من المرجح أن يتبع ذلك تقدم القوات البرية من اتجاهات متعددة».

حال حدوث هذا السيناريو الذى يشبه الانفجار الكبير، فإن شظاياه ستصيب مصر بالتأكيد، حيث ستجد نفسها أمام تدفقات هائلة من الفلسطينيين الباحثين عن مكان آمن من الإجرام الصهيونى، وبالتالى ليس أمامها سوى منع تطبيق الخطة الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين قسريا إلى سيناء، عبر تكثيف اتصالاتها الدبلوماسية وتوظيف علاقاتها الدولية والإقليمية، وقبل كل ذلك وضع قواتها المسلحة فى أعلى درجات الاستعداد للدفاع عن أرضها وحدودها.
التعليقات