فكرة «مهرجان المعاقين» التى يتبناها الكاتب الصحفى حسام عبدالهادى جديرة بالترحيب والمؤازرة، فلو تحققت ستفتح أمامنا أفقا إنسانيا جديدا، وستلفت نظرنا إلى منسيين يعيشون بيننا، وبالضرورة، ستثير مناقشات بناءة ومتحضرة، ربما تسهم فى انتشالنا من مستنقع الجدل المتخلف حول النقاب، وتنقذنا من التسكع على أبواب اليونسكو لنعرف لماذا أغلقت أمام الوزير..
«مهرجان المعاقين» هو الأول من نوعه فى مصر، وفى التحقيق الذى قام به أشرف توفيق فى جريدة العربى، والذى أبدى فيه عدد كبير من الفنانين استعدادهم للمشاركة فى المهرجان ــ الأمر الذى يبشر بالخير ــ تحفظ خالد أبوالنجا على كلمة «المعاقين»، ومعه الحق فى هذا، فثمة أكثر من مهرجان مخصص للمعوقين، اختار عنوانا أكثر دقة، مثل «المهرجان الدولى لأفلام إعادة التأهيل» الذى يقام فى نيويورك كل عام، و«مهرجان التواصل» الذى يعقد فى ساكرامنتو، بالولايات المتحدة، سنويا.. أيا كان العنوان، فإن الجوهر واحد، فهذه المهرجانات، غالبا، تقدم الأفلام الروائية والتسجيلية والعلمية، وبعضها من إبداع ذوى الاحتياجات الخاصة، وتساندها الجمعيات والهيئات، وتقف إلى جانبها القنوات التليفزيونية، ويشارك فيها نقاد وأطباء وعلماء.
معظم سينمات العالم، قدمت أفلاما عن المعاقين، العديد منها حصل على جوائز رفيعة المستوى: «كاسبر هاوزر» الذى حققه الألمانى فيرنر هيرتزوج، نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مهرجان كان 1975، وهذا الفيلم يحمل اسم بطله، المعوق ذهنيا، وبالتالى لا يعرف الشر، ولا يعرف كيف يدافع عن نفسه، ويموت قتيلا، مندهشا مما يجرى له، فهو لا يدرك الخطر. أما «اليوم الثامن» للبلجيكى جاكو فان دورفيل فإن بطليه «دانييل أوتوى» و«باسكال دوكونين» حصلا على جائزة أحسن تمثيل، مناصفة، فى مهرجان كان 1996، والفيلم عن صداقة عابرة بين رجل سليم وآخر خارج توا من مصحة عقلية ويريد الذهاب إلى بيت والدته. وبعد رحلة طويلة يصلان إلى المنزل. ينزل السليم من السيارة ويطرق الباب. يفتح له الساكن ويخطره بأن البيت آل له عقب وفاة صاحبته منذ سنتين، وأنه أبلغ المصحة بذلك. يعود الرجل إلى السيارة ويسأل صديقه عما يعرفه. يجيب المعوق بجملة واحدة لا يمكن أن تنسى، جملة تثير التأمل وتطرح عشرات الأسئلة، يقول: نسيت أنها ماتت.
«مهرجان ذوى الاحتياجات الخاصة»، إذا أحسن إعداده وتنفيذه، وإذا جعلنا نطل على أفلامهم وأفلامنا فى هذا المجال، حتما، سيمنحنا رؤية، نحن فى أشد الحاجة لها.