نشرت الصحف المصرية أخبارا عن الندوة التى نظمتها الجمعية المصرية ــ اللبنانية لرجال الأعمال تحت عنوان «البنوك والقطاع الخاص» شراكة اقتصادية ومجتمعية لفتت نظرى وأثارت انتباهى.
جاء فيما استعرضته الدكتورة لميس نجم مستشارة محافظ البنك المركزى للمسئولية المجتمعية رئيسة لجنة التنمية المستدامة باتحاد بنوك مصر أن مبادرة القطاع المصرفى فى مجال الصحة بلغت نحو ٧ مليارات جنيه شملت الإسهام فى منع قوائم الانتظار للعميات الجراحية.
الواقع أن قائمة الإسهامات شملت أيضا مشروعات أخرى منها تطوير كورنيش النيل فى الأقصر وأسوان والإسهام فى قطاع التكنولوجيا التطبيقية وتوزيع الغذاء فى شهر رمضان.
من الواضح أن د. لميس قد أجادت عرض النجاحات التى حققها البنك المركزى ــ وفقا لتعبيرها فى الصحف ــ فى نشر فكر وثقافة المسئولية المجتمعية فى القطاع المصرى.
بداية أحيى بلاشك تلك المبادرة التى تعلن عن مشاركة حقيقية من البنك المركزى لدعم خدمات الدولة أيضا البنوك المصرية التى توظف قسطا من أرباحها لصالح المواطن المصرى حتى وإن كان رأس المال فى الأساس هو مدخرات الإنسان المصرى.
قرأت الخبر وتوقفت عند ما يخصنى: مبلغ الإنفاق الذى ساهم فى «منع» قوائم انتظار العمليات الجراحية. أعتقد أن التعبير الأدق هو «تقليص» قوائم انتظار العمليات الجراحية إذ إن منع قوائم انتظار إجراء العمليات الجراحية هدف غير وارد على لائحة أمانى الخدمات الطبية فى كل بلاد العالم. هناك دائما قائمة انتظار إلى جانب الحالات العاجلة التى لا تقبل انتظارا وتتعلق بموقف المريض فتمر عن طريق الطوارئ.
قرأت الخبر وأنا أشاور زميلى الجراح المجتهد والمشهود له بالكفاءة والتفوق فى جراحات القلب فيما يمكن عمله حتى نتفادى إلغاء «لستة» اليوم لستة من المرضى هم بالفعل تم تجهيزم وإعداد ملفاتهم لإجراء الجراحات المختلفة لكن غياب بعض مستلزمات الجراحات الهامة يهدد بالغاء «لستة» اليوم لحين توفير تلك المستلزمات التى يعتمد عليها الجراح فى عمله والتى بدونها لا يمكن إجراء العملية.
أليست تلك قائمة انتظار غير حقيقية تضاف إلى قائمة الانتظار الطبيعية التى تسجلها كل أقسام الجراحة فى المستشفيات نتيجة لتزايد أعداد المرضى الذين تم تشخيصهم وتقرر علاجهم بالجراحات المختلفة؟
يحتل المريض مكانا فى المستشفى انتظارا لاستيفاء مستلزمات العملية طالت المدة أو قصرت وفقا للظروف التى معها يكون قرار البدء فى العلاج أمرا مرهونا بتوافر المستلزمات. يظل المريض على قائمة الانتظار: انتظار مستلزمات العملية على سبيل المثال المؤكسدات التى تستخدم أثناء إجراء العملية أو الصمام الذى يجب أن يحل محل صمام القلب التالف.
لست ممن يحملون الدولة والحكومة كل تبعات الأمر لكنى من المؤمنين بأن السعى والاجتهاد فى أداء الرسالة فرض عين على كل من يمارس مهنة تتعلق بخدمة المواطن: تأتى الخدمة الطبية على رأس تلك القائمة.
مساهمة المجتمع المدنى فى دعم مهام المؤسسات الخدمية فى مجال الصحة واجب قومى يجب ألا يخضع لسياسة موحدة تضعها الدولة وهذا ثانى اقتراح أقدمه لفرسان الحوار الوطنى الدائر الآن فى قاعات أتمنى أن تكون مفتوحة على أرض الواقع.
تطوير مهام المجتمع المدنى وتجديد فكره والتركيز على إعادة النظر فى سياساته ووسائل تنفيذها ومناقشة مشكلات المؤسسات الخدمية واحتياجاتها التى تعوق أداءها لنقص المستلزمات أمر بالغ الأهمية يحتاج إلى دراسات واقعية ومكاشفة تضمن وضوح الرؤية الكامل. يجب ألا تحاسب إدارات المؤسسات الطبية على طول قوائم الانتظار والذى تخلقه ظروف وملابسات يمكن حلها بدعم من المجتمع المدنى كل مؤسسة وفقا لظروف وطبيعية العمل لها، قد يحدث المرض ذاته أعراضا مختلفة تماما من إنسان لآخر لذا قد تختلف طريقة العلاج من إنسان لآخر بعد علاج السبب الرئيسى.