18 يوم - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 12:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

18 يوم

نشر فى : السبت 22 أكتوبر 2011 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 22 أكتوبر 2011 - 9:20 ص

كأن الروح الجماعية التى انصهرت فى ميدان التحرير، انتقلت إلى هذا الفيلم الذى أبدعه عشرة مخرجين. صحيح، من قبل، شاهدنا أفلاما مكونة من ثلاث قصص أو أربع، حققها ثلاثة أو أربعة مخرجين، لكن هذه المرة، يطالعنا على الشاشة، فى مسابقة لم تحدث من قبل، هذا الكم من الأفلام، بتوقيع مخرجين ومخرجات، من عدة أجيال، وإن كان يغلب عليهم روح الشباب، نابضة بالحيوية والعزيمة والأمل. والأهم أن مقاطع الأفلام تتوالى أمامنا، من دون كتابة اسم المخرج، وبالتالى بدا وكأننا فى بهو مرايا، تتكامل مع بعضها بعضا، تعكس، من زوايا متعددة، حدثا مصيريا جليلا، يمتد طوال «18 يوم».. ويقدم بحنو وتقدير، النماذج البشرية المشاركة فى الثورة، بمن فى ذلك هؤلاء الذين وقفوا ضد الثوار، بل ضد مصالحهم التى انفجرت الثورة من أجلها، وذلك بسبب ضعف وعيهم فى حجرة ضيقة، فى منطقة عشوائية، تتحمل الزوجة، هند صبرى، قسوة الحياة بجلد، زوجها ــ شأن عشرات الرجال ــ عاطل عن العمل. يأتيه صديق له، ضخم الجثة، يعطيه ورقة من فئة الخمسين جنيها ويعده بمثلها عقب الانتهاء من «المصلحة». المصلحة هى تأديب وتشتيت شباب ميدان التحرير، العملاء، المندسين، الذين يأكلون الكنتاكى ويمارسون، فى الخيام، أعمالا منافية للآداب، ويريدون إسقاط الرئيس. وبحماس يغادر الفارس الخائب، التعيس، مؤيدا من زوجته الغلبانة، حاملا معه ما تيسر من سلاح أبيض. وعن طريق المشاهد الوثائقية، والأخبار التليفزيونية، نشهد طرفا من هجوم الغوغاء على شباب التحرير، ويتابع الفيلم عودة بطله الأرعن، منهكا، مهلهل الملابس المهلهلة أصلا. يمد يده لزوجته بورقة الخمسين جنيها، مخضبة بالدم. لقطة، تقول الكثير، باختزال وتكثيف.

 

من بين الأفلام، تبرز صورة بائعة الشاى فى ميدان التحرير، صبغت شعرها أمس باللون الأصفر. تحلم بالزواج، ضابط من غلاظ القلوب يحطم أكوابها. تتماهى مع شاب محمول على الأعناق، يهتف طلبا للعدالة والحرية. تأتى ساعة الجحيم مجسدة فى عساكر يضربون الثوار بهراوتهم، وقناصة جبناء يطلقون رصاصهم. بائعة الشاى تتهاوى صريعة، وتركز الكاميرا المرهفة على عينيها وقد بقى فيهما شيئا من أمل.. وثمة، فى فيلم آخر، حلاق، حاصل على ليسانس الحقوق، يفتح وكأنه فى أحد أيام الثورة، يغلق الباب أثناء المواجهات. يسمع دقات على الباب وأصوات تطلب جرعة ماء لمصاب. بعد تردد يفتح الباب، يدخل مصاب، وآخر، ثم آخرين. طبيب يجرى خياطة جروح الأبطال داخل الدكان، يساعده الحلاق، يندمج معه فى العمل، يقص الشعر المحيط بجروح الرأس، ولاحقا، مع ازدياد الأعداد، يقوم بالخياطة بنفسه. إنها قصة من قلب الواقع.. ولا تفوق مجموعة الأفلام أن تخصص واحدا منها لما جرى داخل مقر «أمن الدولة» من تعذيب منحط لواحد من خير أولاد مصر.. ولكن، خارج السلخانة، تهتف الجماهير «أمن الدولة.. باطل».. الهتافات، بمغزاها الثورى، الإنسانى، الساخر أحيانا، جزء من بنية الفيلم، شأنها شأن المشاهد الوثائقية، والأخبار الواردة على القنوات، وكلها تندمج فى النفس الروائى، فيأتى «18 يوم» معبرا عن روح الميدان البطولية، التى لن يفتر ألقها.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات