الذين هبطوا من السماوات المفتوحة - محمد موسى - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 2:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الذين هبطوا من السماوات المفتوحة

نشر فى : الثلاثاء 22 مارس 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 22 مارس 2016 - 10:35 م
«الهدف من حركة إعلام إيجابى هو محاولة وضع المهنة فى نصابها الصحيح، والخروج بإعلام يليق بالشعب المصرى».

من السهل على قادة حملة «إعلام إيجابى» انتقاد المشهد الإعلامى المنهار، أما الخروج بإعلام يليق بالشعب المصرى، فموعده يوم الحشر، أو تغيير الإرادة السياسية تجاه فكرة الإعلام وتعريف كلمة الشعب، أيهما أقرب.

سجل الجرائم ضد الإعلام عامر وطويل، منذ خمسينيات التأميم الفكرى للشعب، ليصبح على «لسان رجل واحد» فى السياسة، إلى دولة مبارك التى ترهلت وشاخت، لدرجة نسيان أعز ما تملكه الريادة المصرية، وهو ماسبيرو، ولسوف يأتى يوم يدفع فيه النظام السياسى ثمن إهمال الإعلام، ويندم على بيع عقول شعبه.

سماوات مبارك كانت مفتوحة لكل من أراد أن يساهم فى تضليل وتشكيل العقل المصرى عبر الإعلام، وعندما تسربت رغبات عليا فى أن يكون لنظامنا السياسى أذرعة إعلامية، فرح البعض وأنا منهم، لأن الإعلام الوطنى ركن أصيل فى التنمية. ما حدث كان المزيد من فتح السماوات، فهبط على أرض مصر مغامرون وجوابو آفاق، كما هى العادة منذ هيرودوت إلى دى نيرفال، اشتروا الصحف والقنوات، وأسسوا المواقع والشركات، وأصبحوا أحق من النظام بالسيطرة على العقل المصرى.

فى يوليو 2015 كتب فاروق جويدة «أن هناك أوراقا ومستندات وأسماء لأشخاص شاركوا فى هذه العمليات وحصلوا على أموال منها، ولا أتصور السكوت على مثل هذه الأخبار لأنها لا تخص سمعة أفراد، ولكنها فى الحقيقة سمعة وطن».

ومن القاهرة انطلقت وسائل إعلامية لدول صديقة وشبه صديقة، بواجهات لمغامرين من كل نوع. رجال أعمال بلا تاريخ إعلامى. أصدقاء «دولة أمن الدولة» الرهيبة فى عهد مبارك، ومهندسو الإعلام التوريثى لنجله الفاشل. تجار سلاح وسياسيون هاربون من بلادهم. مستشارون لحكام وولاة عهد من الخليج، مراكز سياسات واستشارات إعلامية، والقائمة طويلة. وبدلا من أن تواجه الدولة الغزوة الإعلامية «الصديقة»، يذهب مسئولون، أحيانا بالزى الرسمى، إلى مكاتب هذه القنوات لتبادل الأنخاب والمصالح.

ليس الهدف فقط محو الذاكرة الآنية للشعب المصرى، بل أصبحت القاهرة تفتح صدرها وإعلامها للتوترات الخليجية، وتحارب بالنيابة عن بعض الأطراف، ومن يأكل مال اليهودى يحارب بسيفه، كما قالها الشعب المصرى الحويط، من أيام بتاح حتب حكيم الأسرة الخامسة، إلى بقلظ حكيم الستينيات.

انتهى عصر «الرائد ماسبيرو» بمشتملاته، واتصل الرئيس السيسى أربع مرات أخيرا، بقناة سعودية وأخرى مصرية خاصة، ونقلت «المصرى اليوم» عن عاملين بتلفزيون الدولة أن «السيسى يتجاهل ماسبيرو».

ماسبيرو هو الذى يتجاهل الإعلام، فهو متفرغ للميسيجات والأونطة، يجلس عليه مذيعون أثريون وشيوخ فكاهيون وحلالو عقد، يردون على مشاكل الناس، ويوجهون القلوب والعقول الحائرة. ولا فرق فى الجهل بالدين والإنسانيات بين الدكتور محمد والشيخ أسامة. مذيعون من السبعينيات، واستديوهات رخيصة، وساعات مفتوحة يملؤها كل شيخ بطريقته. الكل يصرخ: ويييى مكملييين، وييى لسه معانا ميسيجااات.

رعب ينسخ نفسه على كل الموجات، ويتركنا للإعلام القادم من الخابج،ولحملات من نوع حملة «إعلام إيجابى». الحملة التى حرقت نفسها بمجرد التصريح الركيك للمنسقة: «لسنا تابعين لأى جهة تابعة للدولة»>

حملة الإعلام الإيجابى ستكون من نوعية نصائح الحكيم الخالد بقلظ، الذى يريد لنا منذ الستينيات أن نكون على قلب ولسان وسذاجة رجل واحد، وحتى آخر العمر.

محمد موسى
محمد موسى  صحفي مصري