مواقف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 7:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواقف

نشر فى : الخميس 20 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 20 يونيو 2013 - 8:00 ص

فى الستينيات، تبادل كل من ثروت عكاشة وعبدالقادر حاتم منصب وزير الثقافة. الخلاف بينهما جاء واسعا، عميقا، ولكن يبدو لنا الآن مفيدا، شريفا، مجديا.. سياسة عكاشة تؤمن بالكيف، بينما حاتم يرمى إلى الكم. الأول، عمل على إنشاء معاهد فنية وتكوين فرق باليه وكونسرفتوار، والثانى أطلق الكثير من الفرق المسرحية، مع زيادة ساعات الإرسال التليفزيونى، وكما جرت العادة، حاول كل منهما إثبات صحة توجهاته.. وفى إحدى المرات، عقد ثروت عكاشة اجتماعات موسعة، متوالية، مع السينمائيين والمسرحيين، والمثقفين، وطبعا، لكل من الوزيرين رجاله.. وكان الناقد عبدالفتاح البارودى مقتنعا تماما بسياسة الكم، ولأن مقالاته تتسم بطابعها المحافظ، الذى يجنح نحو اليمين، فإننا اعتبرناه خصما على نحو ما.. وقف البارودى مهاجما، بشدة، من تحدث عن «الهجوم التترى لفرق التليفزيون، وحاول الوزير العصبى المزاج، إيقافه.. لكن البارودى، بإصرار، واصل دفاعه عن سياسة حاتم، الأمر الذى أثار غضب قطاعات من الموجودين، وقال فيما قاله «وزير يأتى ووزير يرحل، ولا يبقى على الساحة إلا صناع الثقافة. نحن.. عظم الثقافة» موقف البارودى الشجاع، جعلنا ننظر له بعين الاحترام.

 

بعد عدة عقود، فى إحدى زيارات حسنى مبارك للتليفزيون المصرى، حلا لكبار المسئولين أن يجتمع الرئيس بالفنانين. فى الصف الأول، جلس أصحاب التاريخ الطويل، أمثال محمد توفيق وتحية كاريوكا. وفى نهاية اللقاء، الحمل والمرهق، طلب مسئول من القاعدين، فى الصف الأول، أن يتقدموا، فردا فردا، لمصافحة الرئيس.. فورا، بلهجة حاسمة، مهذبة، قالت تحية كاريوكا: نحن.. كبار السن، فليتفضل الرئيس ليصافحنا.. انتاب المسئول حرجا شديدا، وفورا، قام الرئيس مغادرا المنصة، نازلا السلالم، لمصافحة الفنانة.. موقف تحية كاريوكا، بما يتضمنه من كرامة وكبرياء، يعطى أمثولة تستحق التأمل.

 

بعد عدة عقود، فى إحدى دورات المهرجان القومى للسينما المصرية، تقرر تكريم الفنان الكبير، المثقف ثقافة رفيعة، محمود مرسى، وكان من حسن حظى أن أكلف بوضع كتاب عنه، متضمنا حوارا معه.. وافق النجم النادر، بعد أخذ ورد وعناء. ولكن. حين عرف أن التقاليد تقتضى صعوده إلى خشبة المسرح، لاستلام تمثال التكريم، من الوزير، انزعج، ورفض بشدة وحزم، وقال: لا.. أنا لست مغرورا، ولكن الفنان أهم من أى وزير.. أنا، ينادى على، وأصعد إلى خشبة المسرح، مبتسما، متظاهرا بالسعادة، لأتسلم شهادة حسن عملى. الفنان أهم من الوزير، وأطول بقاء منه، والتاريخ، تجاهل العديد من الوزراء، لكنه يذكر، بمحبة وإنصاف، حسين رياض، وأمينة رزق وزكى رستم.. وفعلا، كان لمحمود مرسى ما رآه.

 

الآن، موقف مثقفينا وفنانينا: بهاء طاهر، الغيطانى، مجدى أحمد على، خالد يوسف، سميرة أحمد، القعيد، سكينة فؤاد، ناعوت، صلاح عنانى، محمد سلماوى.. وبقية الأسماء التى لا يتسع المجال لذكرها، يثبت أن مصابيح مصر ونجومها، لن ينطفئ ضياءها.. وأن التاريخ، حتما، سينسى كل من حاول إعتام حياة المصريين.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات