بوكو حرام.. حرام - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 9:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بوكو حرام.. حرام

نشر فى : السبت 20 فبراير 2010 - 9:33 ص | آخر تحديث : السبت 20 فبراير 2010 - 9:33 ص

 فقرة إخبارية قد تكون عابرة، ولكن تستحق الدراسة، وردت فى قناة «الجزيرة»، خلال الأسبوع الماضى، تؤكد الدور الفعال للصورة، وإمكانية أن تصبح أداة كشف هائلة، تبين بجلاء تفاصيل وقائع يتم التعتيم عليها، وبرغم قسوة تلك المشاهد التى تهز الضمائر، وتمس شغاف القلب، فإنها تتجاوز فى تأثيرها، أى كلام مكتوب أو منطوق، خاصة بتلك التفاصيل المذهلة، التى تفوق فى وحشيتها أى فيلم روائى، ندرك أن الخيال لعب فيه دورا ما، فهنا، المشاهد وثائقية، حقيقية، تأتى كالتالى:

مجموعة من رجال نحاف، أياديهم مكبلة خلف ظهورهم، يسيرون فى منطقة جرداء، بواحدة قريبة من قرية نيجيرية تعيسة، وخلفهم مجموعة من جنود، يصدرون لهم أمرا بالانبطاح أرضا. ولا يملك المقبوض عليهم إلا الإذعان. جنديان يجهزان بندقيتهما للاستخدام، ومع كل طلقة رصاص نسمعها، ينتفض أحد الأجساد، انتفاضة قصيرة، صغيرة، ثم يهمد صاحبه للأبد، هكذا ببساطة، من دون صراخ أو استغاثات، فقط صوت جندى يقول لآخر «لا تطلق الرصاصة على رأسه، فأنا أريد قبعته».

ينتقل الشريط الوثائقى إلى حجرة واسعة، يجلس بعض المنتصرين على مقاعد متناثرة فى فوضى، من بينهم جنرال كأنه قادم من الجحيم حالا، وجهه الكبير، غليظ الملامح والقسمات، يخلو من أى تعبير، جامد كجمود صخر، له كرش بالغ الضخامة، يقف ويتلفت ببلادة، ولاحقا، سيطالعنا فى الخارج، يحيط به ضباط صغار، كل منهم يتهيأ لتلبية أى أمر يصدره، علامات الخوف ترتسم واضحة على سحناتهم.. وإلى جانبه، يقف «جنرال» شرطة، أقل منه حجما، وكأن اللقطة تعبر ببلاغة عن طبيعة النظم العسكرية، التى تتفشى فى بلدان العالم الثالث، حيث الأرواح معلقة بإشارة من الجنرال.

فى مشهد آخر، نرى دفعة جديدة من المقبوض عليهم، من بينهم رجل يسير مستندا على عكازين، ويتكرر ما حدث مع الدفعة الأولى، تصدر لهم الأوامر بالانكفاء، وتنطلق رصاصات غادرة، وترتعش الأجساد تلك الرعشة المنتفضة قبل أن تهمد تماما.

الواضح أن الدفعتين سبقتهم دفعات أخری، فالكاميرا ترصد جثثا متقيحة وسط برك ومستنقعات، يختلط فيها لون الدم الأحمر بالوحل والمياه الآسنة، وتبدو علامات الرعب والألم على وجوه القتلى، أو على الأقل، هذا ما توحى به.. يقال إن المغدورين هم بقايا جماعة «بوكو حرام» ذات الأفكار المختلة، والتى ارتكبت عدة جرائم.. ولكن هل هناك ما يبرر قتلهم على هذا النحو؟.. وماذا سيحدث بالنسبة للجنرال الندل وبقية جنوده القتلة، بعد أن تحركت هيئات ومؤسسات ضده وضدهم. هذا ما ستجيب عنه الأيام، وإن كان يحسب للكاميرا، والصورة، والقناة، الفضل فى فضح المسكوت عنه.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات