أيها الغرب.. جرائمك كثيرة - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 8:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيها الغرب.. جرائمك كثيرة

نشر فى : الخميس 19 أكتوبر 2023 - 7:25 م | آخر تحديث : الخميس 19 أكتوبر 2023 - 7:25 م

نشر موقع على الطريق مقالا للكاتب نصرى الصايغ، تناول فيه أحوال اليهود فى البلدان العربية مقارنة بوضعهم فى أوروبا، كما ذكر العديد من الجرائم التى ارتكبها الغرب، والتى لم تقف عند حد إقامة وطن لليهود فى فلسطين... نعرض من المقال ما يلى:
فلسطين وحدها لم تدفعنى إلى اليأس. إذ لا شعب أو كيانا، يضاهى الإنسان الفلسطينى، لم أتعلم مواقفى من الكتب. فلسطين كتابى وانتمائى. إنما، فى مسلسل البكاء والأحزان والخسران، صرتُ طافحا بالانتماء إليها، فى كل أحوالها وأهوالها وأحلامها. هذا نوعٌ من العذاب الضرورى لعدم فقدان الأمل.
كنت فلسطينيا وإنما... وحدها، لها الحق فى أن تأمرنى. مرارا، نبّهَتنى من اليأس. اليأس عدو التحرير والإرادة. أريد أن أرى فلسطين عن قرب. أريد أن أسبح فى سمائها، فى فورة الحرية. حفظتُ النصيحة، وترهبنت لخدمة القضية.. أريد أن أرى فلسطين عن قرب. أريد أن أسبح فى سمائها، فى فورة بساتينها، بعرق شعبها.. وكان أن حظيتُ بدعوة جاءتنى بلا موعد. «غدا نذهب إلى الحدود. هل أنت جاهز؟». لا جواب. بسرية تامة. نقلونى إلى ضفاف فلسطين الشمالية. وهناك، تعرفت على أمومة فائقة. على جبال ناطقة، على احتلال وعلى جريمة مستدامة. جريمة تُزوّدنى بقبضة وقلب ومواجع. لمرة أولى ووحيدة. نبتت براعم أمل راسخ. أنا الآن ابن هذا الأمل.
فلسطين مرارا أسَرّتْ لى: تعلَّم. وأنا ما زلتُ أتعلَّم. القهر وحده هو الذى يُعلمنى جديدا. سميّتُ فلسطين وطنى. حبى لها مرهق. وأما عذابها فهو مخاض ولادة فى غدٍ مديدٍ.
• • •
هل فى هذا مبالغة؟ لست مسئولا عن ذلك. ولدت فلسطينيا بالانتماء. وموتى لن يدفن أملى بحريتها. أما بعد؛ فإن غزة الصغرى، هى فلسطين الكبرى. تجرأت على المستحيل. «إسرائيل» هى الكيان الأعظم. هى «الدولة» التى تحظى بدعم القوى الدولية الجهنمية. فلسطين الوحيدة، فى غزة عِزَتها، تتخطى القارة العربية التى تتربى على موتها وعجزها. أغنى بلاد عندنا، إنما؛ يا فقرنا، يا ذلنا، يا عارنا. ماذا بعد؟ لا بد من العودة إلى الروايات التاريخية والوقوف على عصور الجرائم الإبادية.. وفلسطين تنتمى إلى طقس المذابح. «إسرائيل» ليست مشروعا يهوديا بعنوان الصهيونية. هى اختراع وعناية بريطانية. الغرب ينوء بأبناء الثورات. لا بد من مراجعة كتاب الكاتب الفرنسى اليهودى جاك أتالى: Les juifs et le monde et largent
سيرة يهودية ناجحة وناجعة. فى زمن الحكم العربى الإسلامى. عُوملوا معاملة عادلة. التمايز الدينى لم يكن مُحرجا لأحد. الإسلام اعترف باليهودية والمسيحية. تفوق اليهود فى التجارة. شبكة مصالحهم تبدأ من قندهار وصولا إلى طنجة. وأكثر من ذلك. لا نعرف ظلما أو مجازر بحق اليهود. وأحد أبرز الأدلة، أن قائد الجيوش العربية فى إسبانيا، كان يهوديا. وبعد موته، عُيِّن إبنه قائدا.. مثلُ هذا لا نجده فى بيئات غربية. الظلم الغربى مدرسة فى الإجرام. قراءة تاريخ أوروبا تشى بعذاب وتعذيب وإجرام الغرب بحق اليهود.
لم يتعرض اليهود فى البيئات العربية إلى ظلم مستدام أو مؤقت، أما أوروبا العنصرية، فقد كانت تمارس اضطهادا وقتلا ونفيا وسبيا. إذن الغرب كان ينوء بمشكلة هو سببها. اليهود شُرّدوا، قُتلوا، نُهبوا، تبدَّدوا، ظُلموا. كانوا كالطاعون. وصلت مواصيل الغرب إلى ارتكاب الإبادة. فرنسا المحتلة ساهمت بتزويد أدولف هتلر بقوافل يهودية سيقت إلى معسكر أوشفيتز فى الحرب العالمية الثانية. لم يكن اليهود فى أزمة، فى فترات السلطة العربية، بل تبوأوا أعلى المراكز.
«أيها الغرب، تريد أن تتخلص من حثالة الدين اليهودى».. راجع تاريخك. ثم إن الغرب كان سيد الارتكابات. تذكّروا جيدا الإبادات التى نفّذتها قوى الغرب، المدعية أنها تدافع عن عقيدة الإيمان. إيجاد «إسرائيل» كوطن لليهود، لم يكن الجريمة الأولى. من قبل، غزت جحافل «الهولاكو الغربى» القارة الأمريكية. لم يحافظوا على أهلها. أبادوهم بالكامل. بالكامل. هناك جنس بشرى أبيد على أيدى «حاملى الحضارة المنسية بهدف الاستحواذ على الأرض وما فيها». ممالك الغرب قامت بغزو قارة أخرى. سمّوها أستراليا. أوكلوا أمر القتل إلى مجرمى بريطانيا «العظمى».
لا أعرف سببا لهذا الغلو الغربى فى معاملة «الأغيار«. ثم توالت الغزوات الاستعمارية والإبادية. احتلوا الصين العظمى. أفدح حروبهم كانت ضد الصينيين، واسمها حرب الأفيون. ثم اعتدوا على أمة جليلة فى تاريخ العالم. احتلوا الهند وحكموها بجزماتهم ونهبوها بحيث أن عدد القتلى جوعا، لا عدَّ له ولا نهاية.

• • •
فى التاريخ الجديد، لا شىء جديدا. الغرب هو هو. لم يتغير. وحده المشهد يتكرر. أمريكا العظمى، المؤلفة من شتات أوروبى، والمطمئنة إلى إبادة سكان الأرض الأصليين. أنشأت مستعمراتها. ورثت أوروبا وأمجادها. ثم ألحقت الجميع بها. لم يعتدِ أحد على الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، فإنها، بلا أى سبب، غزت دولا. أطاحت بحكومات، ودمّرت مجتمعات، وعاقبت الأبرياء، وسحلت قوى الإنتاج، حوَّلت الشعوب المغلوبة، إلى خدم ومجرد سلعة. لم توفر أمريكا اللاتينية. وصلت إلى الأطلسى وحدوده الشرقية. أى احتلت وأخضعت وألحقت دولا وشعوبا بآلتها المالية. لا دولة مرتكبة للجرائم كتلك التى نفذتها أمريكا. حربان عالميتان بقيادتها. ارتكاب جريمة غير مسبوقة. قنابل ذرية على هيروشيما وناجازاكى، وقتل عشرات الآلاف من الأبرياء، أكرّر: الأبرياء جدا.
هذا هو وجه الغرب «المؤمن» بألوهية المال. لا إله أقوى من الرأسمال. حصيلة حروب أمريكا مذهلة. عددها 134 حربا وهى مستعدة للمزيد. لذا، حضورها فى أوروبا وازن. حضورها فى المحيطات مُباح. أوامرها تُطاع.. و«إسرائيل» ولاية أمريكية – غربية، بلغة عبرية.. أكرر.. «إسرائيل» لم تكن مشروعا يهوديا. هى مشروع غربى للتخلص من اليهود من المضطهدين من الثقافة القومية الأوروبية.
قبل العصر الأمريكى، اجتاحت بريطانيا ثلاثة أرباع الكرة الأرضية وأخضعتها لتاج جلالة الملكة وكان أفدح ما ارتكبته هو وعد بلفور. فلتكن «إسرائيل« الولاية الغربية فى قلب الجغرافيا العربية. حارب فيصل وبريطانيا وفرنسا الاحتلال التركى بنا. لا بد من موطئ قدم. هكذا كان. احتل الفرنسيون الجزائر. شهداء بالملايين. إيطاليا المسيحية غزت ليبيا وألحقتها بها. تقسيم سوريا الكبرى إلى فتات دول: لبنان، جبل الدروز، وهبوا الإسكندرون لتركيا. إقامة مملكة تحت جناحهم فى الأردن.. فتكوا بنا تقسيما وزعوا الفتنة فى كل مجتمع. صنّفوا المواطنين وفق دياناتهم وطوائفهم وأروماتهم. الخراب العربى. لم يكن بين العرب. وكلاء الغرب فى هذه المنطقة، ساهموا فى إضعاف أمة وبعثرتها وجعلها كيانات متذابحة. حروبنا الداخلية فى كياناتنا كانت برعاية غربية. باختصار «إسرائيل« مشروع غربى رأسمالى.. هذا أولا.. من دون الغرب ودعمه تزول. لا ننسى أن فرنسا ديجول، «المعبود عربيا»، هى التى وهبت «إسرائيل» مفاعلا نوويا. تعرضت مصر للعدوان الثلاثى بشراكة بريطانية وفرنسية. لبنان هذا المعتل والمنهك من زمن ولادته، هو هبة ملغومة للبنانيين. يا حرام. نقتتل نحن، لأن تحضير المقتلة تم فى معاهدة سايكس بيكو.
• • •
السؤال الغبى المطروح: أين العرب؟ الجواب واضح وترجمته هى الآتية: لا شعور أو إحساسا بالمأساة الفلسطينية. لقد ذُبحت فلسطين مرارا. طاردوا شعبها فى كل مكان. هجّروه. قتلوه فى الأردن. منعوه من الإقامة المسلحة فى سوريا. أدخلوه فى أتون التناقضات الطائفية، إلى أن تم نفيهم إلى أبعد الأمكنة من فلسطين: تونس واليمن و.. المنافى البعيدة.
وعليه، فإن أعداءنا، وبكل أسف، هم مرجعياتنا. لبنان أكثر من نصفه مع أمريكا. سوريا حلقة من العنف المحموم بقيادة أمريكا وتركيا. وهذه كلها تقيم تحت الإمرة الأمريكية. لا تعجب إذا من موقف الغرب الهستيرى، ضد أصغر بقعة فى العالم: قطاع غزة.
إننا أبرياء. لم نؤذِ أمريكا ولا فرنسا ولا بريطانيا ولا إيطاليا ولا كل زمرة الغرب التى وقفت بعنف إلى جانب «إسرائيل». شعب غزة لا يواجه «إسرائيل». إنه يواجه الأسياد الغربيين، وحلفاءهم من العرب، وهم كثر. إنى مؤمن بأن غزة أمة، لا بل طليعة أمة.

النص الأصلي

التعليقات