عندما تُحوِّل برامج التجسس الهواتف إلى أسلحة - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما تُحوِّل برامج التجسس الهواتف إلى أسلحة

نشر فى : الأربعاء 19 أكتوبر 2022 - 7:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 19 أكتوبر 2022 - 7:50 م
نشر موقع درج تحليلا للكاتب فريد جوترل، عقّب فيه على تقرير للجنة حماية الصحافيين «CPJ» حول المخاطر التى تهدد أمن وعمل الصحفيين فى ظل تطور برامج التجسس.. نعرض من التحليل ما يلى.
تبدد هذا الشعور بالأمان من استخدام خاصية التشفير التام بين الطرفين عام 2019، عندما أعلنت شركة «فيسبوك» المالكة لتطبيق «واتساب» عن وجود ثغرة أمنية تسمح للمخترقين بالتسلل إلى الهواتف الذكية ببساطة، عن طريق الاتصال بالشخص المستهدف عبر تطبيق المراسلة، دون أن يضطر إلى النقر فوق أى رابط.
ليس من المستغرب أن يتعرض الصحفيون أو الناشطون إلى التجسس من قبل الحكومات أو العصابات الإجرامية التى تخشى أن يُفضح أمرها أو تُشوه سمعتها. بيد أن تطوير برامج التجسس المتقدمة التى تستخدم تقنية «النقرة الصفرية» ــ وهى تلك البرامج التى تسيطر على الهاتف دون معرفة المستخدم أو تفاعله ــ بات يُشكل أزمة وجودية للصحافة ومستقبل حرية الصحافة فى جميع أنحاء العالم.
لعل برنامج «بيجاسوس» الذى طورته شركة «إن. إس. أو جروب» الإسرائيلية، أشهر برنامج تجسس للهواتف المحمولة. يعمل هذا البرنامج من خلال اختراق الهواتف الذكية، ولكنه يمنح المتسلل إمكانية السيطرة الكاملة على الجهاز بحرية ــ والوصول إلى الميكروفون والكاميرا، وأى ملفات أو صور مخزنة على الهاتف، وأى اتصالات بالشبكة، والمعلومات عن جهات الاتصال، والرسائل، وتاريخ التصفح، وكلمات المرور، وحسابات البريد الإلكترونى، والتسجيلات، وما إلى ذلك. وكل ذلك دون أن يعرف المستهدفون أن هواتفهم قد تحولت إلى أدوات مراقبة وتجسس.
ربما يكون أحد أكثر الجوانب إثارةً للقلق فى الجيل الجديد من برامج التجسس هو أن أساليب الدفاع القديمة لم تعد تعمل. إذ يمكن أن تتم عملية الاختراق باستخدام تقنية «النقرة الصفرية»؛ والتى تسمح لبرنامج التجسس بتثبيت نفسه على الهاتف دون الحاجة إلى أن يقوم الشخص المستهدف بفتح رابط معين أو تنزيل ملف مرفق. كل ما يتطلبه الأمر لاختراق دفاعات الهاتف هو مكالمة دون الرد عليها أو رسالة نصية غير مرئية. أما الإجراءات الاحترازية مثل التشفير فلم تعد سوى حماية جيدة ضد المخترقين، الذين يعترضون الرسائل مثل الرسائل النصية أو رسائل البريد الإلكترونى أو المكالمات الصوتية بعد إرسالها من الهاتف.
الخوف يمتدّ إلى المصادر
قال الصحفى الاستقصائى زابولكس بانى، الذى نشر الأخبار التى تفيد بأن الحكومة المجرية قد اشترت برنامج التجسس بيجاسوس وتعرض هو نفسه للتجسس، خلال مقابلة مع «لجنة حماية الصحفيين»: «بالطبع، أجد صعوبة أكبر بكثير فى الاجتماع والتواصل مع المصادر، التى تخشى بشكل متزايد من المتاعب التى قد أجلبها إلى حياتهم». وأضاف، «الخوف الأكبر الآن بين الصحفيين المجريين هو أن هذا الأمر (بيجاسوس)، سيكون له تأثير مخيف على المصادر، ومن المفارقات أن هذه التغطية الهائلة سوف تعيق عملنا على المدى البعيد».
الأثر على الصحفيين
يبدو أن نمو هذه الصناعة أدى إلى زيادة المراقبة السرية على زعماء المعارضة والنشطاء والصحافيين، كما وثق «مشروع بيجاسوس» وغيره من التقارير الصادرة عن منظمة العفو الدولية و«سيتيزن لاب» ومنظمات أخرى. وفى ظل صعوبة التأكد من عمليات الاختراق ببرامج التجسس، من الصعب تحديد الإحصاءات الدقيقة. بيد أن الأهداف الأكثر عرضة تتمثل فى الصحفيين الذين كتبوا مقالات مزعجة للحكومات الاستبدادية، مثل فضح الفساد.
أدى الكشف عن برامج التجسس فى الهند إلى زيادة المخاوف من المراقبة إلى مستويات جديدة. فقد أعرب صحفيون مرتبطون بموقع «ذا وير» للجنة حماية الصحفيين، أن ما تم كشفه جعلهم أكثر حذرا. وقال أجوى أشيرواد مهابراشاستا، المحرر السياسى للموقع، «لم نعد نتحدث (عن القصص الحساسة) على الهاتف». مضيفا «حتى عندما كنا نجتمع، كنا نبقى هواتفنا فى غرفة منفصلة». وبرغم أن اجتماعات هيئة تحرير موقع «ذا وير» تُعقد بانتظام من خلال تطبيق «جوجل مييت» (Google Meet)، فإن القصص الحساسة تناقش بشكل شخصى.
وفى المجر، أخبر صحفيون «لجنة حماية الصحفيين» أن ترتيب الاجتماعات مع المصادر أصبح أبطأ وأكثر تعقيدا. كما أصبحت المصادر أكثر ترددا وعزوفا عن الاجتماع. غالبا ما تجرى المقابلات فى الهواء الطلق مع ترك الهواتف المحمولة بعيدا من المكان.
الاشتباك مع عدو خفى
قد يكون عدم اليقين هذا هو الجانب الأكثر ضررا فى برامج التجسس. على المدى الطويل، قد يقرر الصحفيون الذين يشعرون بالتهديد من عدو غير مرئى قد يعرض مصادرهم وحياتهم الخاصة للمراقبة العامة، الابتعاد عن التحقيقات المثيرة للجدل، وتقليص نطاق تغطية منشوراتهم، وهو ما يعنى توجيه ضربة قاضية لحرية الصحافة.
تتضافر عوامل عدة تجعل من الصعب العثور على برامج التجسس على الهواتف. الهواتف نفسها مصممة بحيث يصعب اختراقها، ما يجعلها منيعة ضد البرامج الضارة المزعجة متدنية المستوى، ولكن المفارقة هى أنها تجعل من الصعب ابتكار حماية من برامج التجسس. تحدث عمليات الاختراق بشكل خفى وصامت، برغم أن المخترقين أفادوا بأن هواتفهم «تسخن بشدة» فى بعض الأحيان، أو أن عمر بطارية الهاتف يكون أقصر من المعتاد. ونظرا إلى أنه من المحتمل محو برامج التجسس عند تحديث الهاتف أو إعادة ضبط نظامه، فمن الصعب على خبراء الأمن فحصها ودراستها.
تشكل الحماية من برامج التجسس تحديا مماثلا.
فى غياب معلومات موثقة حول عدد الاختراقات التى تعرض لها الصحفيون، ركزت وكالتا «رويترز» و«أسوشييتد» برس على التأكد من اتخاذ كل الاحتياطات الأمنية الممكنة، مع التشديد على الحاجة إلى توعية الصحفيين بالمخاطر. تنصح «أسوشييتد برس» مراسليها بالاحتفاظ بهواتف منفصلة للعمل والاستخدام الشخصى. كما تقوم أيضا بتثبيت برنامج «إدارة الأجهزة المحمولة» على هواتف عمل المراسلين، ما يسمح لموظفى الأمن بمراقبة الهواتف بحثا عن أى نشاط مشبوه. قال أنكور أهلواليا ــ أحد أعضاء فريق الأمن فى وكالة «أسوشييتد برس» ــ «فى ما يتعلق بتتبع بيجاسوس، نحن لا نملك فعل أى شىء فى هذا الصدد فى الوقت الحالى؛ إذ إن مجموعات الأدوات المتاحة للقيام بذلك من بُعد محدودة للغاية».
خيارات محدودة
تبيّن صعوبة قدرة الأفراد على الدفاع عن أنفسهم ضد برامج التجسس أن الحكومات والمؤسسات العالمية يجب أن تتدخل. من غير المرجح أن تختفى تكنولوجيا المراقبة، والطلب عليها؛ ومن ثم يتمثل التحدى الآن بالنسبة إلى الحكومات والمدافعين عن الحقوق فى إيجاد أساليب لتنظيم الصناعة، ومنع استخدام منتجاتهم لقمع حرية التعبير وغيرها من الحقوق.
تشمل التدابير المحتملة الأخرى المقترحة للحد من استخدام برامج التجسس ما يلى:
1ــ وقف بيع أدوات المراقبة واستخدامها ونقلها، لحين تنفيذ اللوائح التى تحترم حقوق الإنسان، على النحو الذى دعت إليه أكثر من 180 منظمة مدنية وخبيرا مستقلا.
2ــ وضع قيود على الواردات والصادرات: فرضت الولايات المتحدة قيودا على الواردات على مجموعة إن إس أو، ويتزايد الضغط فى الاتحاد الأوروبى لتنفيذ لائحة (قانون الاتحاد الأوروبى) بشأن تصدير تقنيات المراقبة ذات الاستخدام المزدوج من قبل الشركات الموجودة فى الاتحاد الأوروبى.
3ــ معاهدة منظمة دوليا تسمح بالبيع فقط للحكومات الموقعة عليها، والتى تتعهد بالامتثال لقواعد استخدام برامج التجسس.
4ــ تحميل مصنعى برامج التجسس المسئولية القانونية عن المراقبة غير المشروعة باستخدام برامجهم.
أحد الأسباب هو أن برامج التجسس انتشرت بسرعة كبيرة لدرجة أن العديد من الحكومات ليس لديها الهياكل القانونية والتنظيمية المعمول بها لمحاسبة المخالفين. والسبب الآخر هو أنه نادرا ما يتمكن الضحايا حتى من إثبات هوية من يتجسس عليهم وعليهن دون تعاون من شركات برامج التجسس نفسها، والتى بالطبع ترفض دائما تحديد هوية عملائها، بناء على اتفاقيات عدم الكشف ومطالبات الأمن القومى.
التحدى الآن هو ما إذا كان بإمكان المشرعين والمدافعين عن الحقوق صياغة مجموعة عالمية فعالة من القوانين واللوائح والوعى والحلول التكنولوجية لمنع إساءة استخدام تقنيات المراقبة، وما إذا كان بإمكانهم فعل ذلك قبل أن تتضرر قدرة الصحافيين على أداء وظائفهم بشكل لا يمكن إصلاحه من جراء التهديدات لسلامتهم ومصادرهم.
النص الأصلى https://bit.ly/3TxuPuW

التعليقات