المظاهر - محمود قاسم - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 1:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المظاهر

نشر فى : الجمعة 19 يناير 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الجمعة 19 يناير 2024 - 7:10 م
من بين القصص التى قدمتها السينما أكثر من ثلاث مرات حكاية بنت البلد التى تعيش فى أحد الأحياء الشعبية حياة بسيطة وتقع فى حب شاب من أبناء الحى وترتبط به، وفجأة تكتشف أنها من أسرة ثرية عريقة وتذهب إليهم وتعيش معهم وتتغير تفاصيل حياتها خاصة تجاه الرجل الذى تحبه، ولأن الرجل لا يريد أن يكون عالة على زوجته فإنه لا يذهب معها إلى الطبقة الجديدة، وبعد أن تكتشف أن الحب أفضل من المال تعود إلى زوجها، رأينا هذه القصة أولا فى فيلم «المظاهر» إخراج وتأليف كمال سليم عام 1945 وهو مقتبس عن الفيلم الأمريكى «العربةالنائمة» عام 1934 عن إحدى الروايات الفرنسية والفيلم المصرى، تمثيل رجاء عبده ويحيى شاهين، أما الفيلم الثانى فيحمل اسم «دايما معاك» إخراج هنرى بركات وتمثيل فاتن حمامة ومحمد فوزى عام 1954، وبعد تسع سنوات قدم حسن الإمام فيلم «بياعة الجرايد» تمثيل ماجدة ويوسف شعبان، وكما نرى فإن هناك سنوات قليلة بين كل فيلم وآخر والتشابه ملحوظ بين قصة هنية فى الفيلم الأول؛ حيث تقع هنية فى حب محمود الصنايعى الماهر الذى يتقدم لخطبتها، وقبل وفاة الخالة تخبر هنية أن تبحث عن عمها الثرى، وتذهب هنية إلى بيت العم وتعيش عنده فى عالم من المظاهر اللاهية التى لا تتناسب مع أفكار محمود، وتصاب العلاقة بتوتر ويذهب كل منهما إلى حاله، وإذا كان محمود عاملا شعبيا فى هذا الفيلم فإن محمد فوزى فى فيلم «دايما معاك» كان يعمل مساعد سائق القطار، أما الزوج فى فيلم «بياعة الجرايد» كان يعمل بائع صحف متجولا، ولذا فإن التباين بين الحكايات يتمثل فى أن قدوم الثروة يأتى على العلاقة العاطفية بمتاعب ملحوظة؛ حيث لا يمكن للطرفين أن يلتقيا، ولا شك أن تفسير اقتباس هذه الأفلام عن اللغة الفرنسية يتوافق مع ما يتسم به الرجل الشرقى من الدماء الحارة، فالزوج فى هذه الأفلام لا يرافق زوجته إلى بيت أهلها، ولذا فإنها بعد فترة البعاد تعود إلى عالمها الأول، وهو الحى الشعبى البسيط، والرزق المحدود، وسوف نرى أن هناك تشابها بين النساء الثلاث أن كل واحدة منهن لم تنجب، ولذا فإن المرأة بائعة الجرائد هى الوحيدة التى تكتشف أنها ثرية بعد الزواج، أما هنية فقد عرفت السر من خالتها قبل أن تتزوج.
كما نرى فإن ثلاثة من المخرجين لديهم خلفية ثقافية فرنسية هم الذين تحمسوا للنص الأدبى، ولا نعرف هل رجع كل منهم إلى الرواية الأصلية الفرنسية التى يصعب علينا تذكر اسمها، أم أن محمد مصطفى سامى قد رجع إلى فيلم كمال سليم، وأنا أرجح زن كاتب السيناريو فى كل فيلم قد قرأ الرواية الفرنسية قبل أن يكتب نص الفيلم، والغريب أن هذا الكاتب قد تغير من فيلم إلى آخر، فكمال سليم هو مؤلف «المظاهر»، أما يوسف جوهر فهو الذى كتب فيلم «دايما معاك»، ومن هنا جاء اختلاف التفاصيل حيث اهتم جوهر مثلا بقصص متعددة فى حياة كل من مساعد سائق القطار الذى لديه فى كل محطة حبيبة وأيضا الفتاة الهاربة التى التقها بعد أن قررت البحث عن حياة جديدة بعيدا عن أختها وزوجها النصاب، كما نلاحظ أن الأغانى محور رئيسى فى الأفلام الثلاثة ابتداء من رجاء عبده، إلى محمد فوزى، حتى ماجدة التى تغنى للمرة الأولى مع نعيمة عاكف وسناء مظهر، أى أن قصة هذا الفيلم تشهد على صعود وهبوط الفيلم الغنائى فى السينما المصرية، فكمال سليم كان من بين المخرجين المتميزين فى عمل الفيلم الغنائى وهو الذى قدم أبرز مطربات عصره فى فيلم «شهداء الغرام»، وكان يمكن أن يكون له باع كبير فى هذا المجال لو لم يلاحقه الموت فى سن مبكرة.
التعليقات