قلب الأسد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 8:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قلب الأسد

نشر فى : الأحد 18 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 18 أغسطس 2013 - 8:00 ص

على طريقة حواديت بنات الهوى، فى السينما، حيث تتورط صاحبة الصون والعفاف فى الخطيئة، لأنها تحتاج مالا من أجل إجراء عملية جراحية لوالدتها، يروى لنا هذا الفيلم ذات الحكاية، مع تحويل البطلة لبطل، اسمه «فارس الجن» صاحب قلب طيب، أبيض وشفاف، يدفعه ضميره اليقظ، وإحساسه بالمسئولية، تجاه السيدة المريضة، التى كانت تعطف عليه، إلى كسر زجاج نافذة عربة فارهة، لسرقة «موبايل» حديث وساعة من الألماس، كى يوفر بثمنها تكاليف علاج المرأة الحنون.. هكذا، دافع نبيل للسرقة!.. ولأن المسروقات تخص رئيس العصابة الكبير، «سليم الوزان» بأداء حسن حسنى، فإن رجاله يطاردون «الجن»، المتعدد المهارات: يعدو بأقصى سرعة، يقفز قفزات عريضة، يتشقلب، يلاكم، يقود السيارات، الملاكى والنقل الخفيف والثقيل، ثم.. يجيد الرقص والغناء.

قصة الفيلم بسيطة، خفيفة، شاهدناها من قبل، بتنويعات مختلفة: طفل صغير، يخطفه رجل شرير، اسمه «زينهم» ــ سيد رجب ــ ويجعله يعمل معه فى تنظيف مخلفات السيرك. يكبر الطفل ليصبح «محمد رمضان»، صاحب الوجه المصرى، القادم من أغوار البيئات الشعبية، يتحايل على الحياة بكل السبل الشريفة، يتعامل مع شبل يصحبه إلى الأهرام، مع صديقه الأثير، الوحيد، سيد ــ ماهر عصام ــ كى يتصور السياح مع الأسد الصغير، نظير عدة جنيهات.. لكن نوافذ الثراء تفتح لبطلنا، مع أبواب الشر، عندما يعجب به «رئيس العصابة»، نظرا لقدرته على التحمل، فداخل جراج قصر «سليم الوزان» بديكوراته واكسسواراته المستعارة من أفلامنا القديمة، حيث القش والبراميل والحبال المسدلة وإطارات السيارات، تجرى عملية تعذيب «الجن» كى يعترف بمن ورائه، لكن «الجن» المتماسك، القوى، يدفع رئيس العصابة لضمه إلى رجاله، ويمنحه عدة رزم من الأوراق المالية.

يسير الفيلم فى مساره التقليدى: يثبت «فارس الجن» جدارته بالمكانة التى حظى بها. ينجح فى تهريب شحنة سلاح «يحصل على مزيد من المال، يدفع تكاليف العلاج، يظل مخلصا لخطيبته، برغم إغراء عشيقة «الوزان»، الدلوعة، المدمنة، نانا، بأداء حورية فرغلى، مما يجعلها تحقد عليه.

شخصيات «قلب الأسد» أحادية الجانب. مجرد عناوين، والمواقف المتوالية، تكاد تكون معروفة سلفا، وبالتالى جاء الأداء التمثيلى، إجمالا، باهتا، مكررا، يجنح إلى الكليشيهات المعتادة: حسن حسنى، بلا أى خصوصية، يبدو كأنه على عجلة من أمره، يريد الانتهاء كى يلحق بعمل آخر. حورية فرغلى تمثل بجسدها وليس بوجهها. ماهر عصام، مجرد صديق البطل، بلا تاريخ ولا أسرة ولا علاقات. ومحمد رمضان، هو نفسه ما رأيناه من قبل، فى «عبده موتة» و«الألمانى».. لا يزال يعتمد على الأداء الخارجى، والانفعالات البسيطة، مثل الغضب أو الحب أو الألم، من دون أن نراه فى انفعالات مركبة، من إحساسين أو أكثر، وهو الأمر الذى لم يتحه له السيناريو الذى كتبه حسام موسى، وتعمد أن يجعل حواره طنانا، متحذلقا، من نوع «فارس الجن ما يضربش راجل مسن»، أو «اللى يحضر الجن وما يعرفش يصرفه، يعرف إن الجن هايقرفه» أو «الرجولة ما لهاش قطع غيار»، أو «إذا أردت النجاح.. تاجر فى السلاح».

ربما جاءت الأغنية الاستعراضية أدق تعبير عن الفيلم.. فثمة إضاءة مثيرة، متعددة الألوان، وملابس لافتة للنظر، غريبة وجذابة، بما فى ذلك قبعة محمد رمضان، وياقة جاكتته الواقفة، فضلا عن إيقاع الأغنية السريع، الراقص، وهذه أمور قد تكون مرضية للعين، ولكن لا تتجاوزها للعقل، فما معنى كلمات مثل «أديك فى السقف تمحر. أديك فى الأرض تفحر. أديك فى الجركن تركن. أديك فى الحارة سجارة. أديك تلبس نضارة».. وهكذا.

منذ بداية الفيلم، تنهمر الموسيقى المصاحبة، بلا توقف، وكأن صناعه لا يعلمون شيئا عن فضيلة الصمت، ودوره الدرامى، أو الفنى.. وأغلب الظن أن واضع «الموسيقى التصويرية»، حسام موسى، وليس مؤلفها كما تزعم التترات، اختارها من أفلام «الأكشن».. وهنا تجدر الإشارة من باب الإنصاف أن المخرج الجديد، كريم السبكى. يثبت مهارة لا شك فيها، بالنسبة لمشاهد المطاردة، بين «الجن» ورجال العصابة، سواء بملاحقة السيارات، أو القفز فوق الأسوار، أو المواجهة باللكمات.. ولكن هذه الحرفية العالية، شأن الأغنية إياها، قد تحبس الأنفاس، يتابعها المشاهد بشغف، ولكن لا تصل للعقل، الذى قد يرضيه فيلم قادم.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات