التعليم الطبي في مصر.. ملاحظات واقتراحات - سامح مرقص - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 2:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعليم الطبي في مصر.. ملاحظات واقتراحات

نشر فى : الأحد 16 يوليه 2023 - 8:35 م | آخر تحديث : الأحد 16 يوليه 2023 - 8:35 م

يمثل العدد الهائل من الطلاب عقبة رئيسية أمام الارتقاء بمستوى التعليم الطبى، حيث تستقبل كليات الطب فى مصر حوالى 1200 طالبة وطالب سنويا، بينما تقبل كليات الطب فى العالم المتقدم حوالى 250 لكل كلية سنويا. يواجه التعليم الطبى أيضا قلة الموارد المالية، وضعف البنية التحتية، ونقص فى الوسائل التعليمية المتطورة مثل الإنترنت والمساعدات السمعية والبصرية الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه النظام الجديد لتعليم الطب صعوبات فى تحقيق التعليم التكاملى بسبب ضعف التنسيق بين الأقسام الأكاديمية والإكلينيكية.
هناك أيضا أوجه قصور فى التقييم العلمى والإكلينيكى للطلاب، لذا يجب تشجيع استخدام امتحانات الاختيار من متعدد (MCQs) مما يسمح بتغطية معظم المنهج الدراسى. ولكن هناك اعتراضات على امتحانات الاختيار من متعدد لأنها قد تنتج أطباء دون خبرة فى الكتابة الطبية، لذلك أقترح أن يتضمن التعليم الطبى تعلم قواعد كتابة التقارير الطبية، لأنها مهارة مهمة لكل طبيب أو طبيبة.
تقدم البرامج التعليمية عبر الإنترنت وعلى موقع يوتيوب تحت إشراف وتوجيه معلمين أكاديميين حلا عمليا لمشكلة الازدحام المفرط للطلاب فى قاعات التعليم بالجامعات. كذلك، يمكن اكتساب الخبرات الإكلينيكية من خلال إنشاء مراكز المهارات الإكلينيكية التى تحتوى على أجنحة سريرية وأجنحة إنعاش وغرف عمليات مشابهة للواقع.. وغير ذلك مما يتم استخدامه فى المستشفيات، مع وجود أجهزة تسجيل صوت وفيديو بجوار الأسرة لمراجعة أداء الطلاب. حاليا، هناك اهتمام فى بعض الجامعات المصرية بتوفير التدريب على أجهزة المحاكاة البشرية، والتى انتشرت فى العديد من الدول العربية.
يجب أن يكون هناك نظام لتنمية المهارات التعليمية لأعضاء هيئة التدريس ومراجعة أنشطتهم التعليمية والبحثية سنويًا، مع تحسين أوضاعهم المادية ليتمكنوا من التفرغ لأعمالهم البحثية والتعليمية دون الحاجة إلى الانشغال بممارسة الطب فى القطاع الخاص على حساب مسئولياتهم الأكاديمية.
ينبغى الاستفادة من تجربة كوبا فى التعليم الطبى الملتزم بالمسئولية الاجتماعية، والذى يربط الدراسة بالمشاكل الاجتماعية والصحية المحلية، ويتم تخصيص برامج للطلاب تتوافق مع احتياجات مناطق إقامتهم التى سيتم تكليفهم بالعمل بها لجعلهم أكثر دراية بالمشاكل الطبية التى تنتظرهم بعد تخرجهم؛ مما ينتج عن هذا النظام خريجة أو خريج قادر على التعامل مع الأمراض والمشاكل الصحية المنتشرة فى بيئته بكفاءة.
كما أن طريقة اختيار الطلاب لدراسة الطب تحتاج إلى إعادة النظر، لأن التميز فى شهادة الثانوية العامة لا يعكس مدى ملاءمة شخصية الطالبة أو الطالب لمهنة الطب التى تطلب قدرات عالية فى التواصل مع الآخرين والتعاطف مع المرضى، لذلك تهتم بعض كليات الطب فى بريطانيا بإجراء مقابلة شخصية مع الطلاب للتأكد من مهارة التواصل وفهمهم لأهمية التعاطف مع المرضى، كبديل للمقابلة الشخصية غير العملية فى التعامل مع أعداد كبيرة من الطلاب، وإجراء امتحان الاختيار من متعدد على شاشة كومبيوتر يعده خبراء فى علم النفس لتقييم شخصية الطالب والطالبة قبل القبول النهائى بكلية الطب.
أدى انخفاض مستوى التعليم الطبى الحكومى إلى انتشار ظاهرة إنشاء كليات طب فى الجامعات الخاصة والأهلية، ويتطلب الالتحاق بهذه الجامعات موارد مالية كبيرة ليست فى متناول معظم الأسر المصرية، ولذلك يرى البعض أن هذا النظام هو سلوك طبقى يخدم مصالح الأثرياء فقط، لذا يجب على الدولة مساعدة الطالبة والطالب المجتهد ذى القدرات المالية المتواضعة للالتحاق بهذه الجامعات بتقديم منح مالية بشرط الاستمرار فى التفوق العلمى، كما يجب على هذه الجامعات توفير عدد من الأماكن المجانية للطلاب المتفوقين غير القادرين ماليا.
لا يوجد فى بريطانيا مجال واسع للجامعات الخاصة لأن الجامعات الحكومية تقدم أحسن تعليم، خاصةً جامعات مجموعة راسل Russell Group، التى تضم 24 جامعة على أعلى مستوى أكاديمى.
هناك من يطالب بترشيد التعليم الجامعى المجانى بحيث يقتصر فقط على الطلاب ذوى الدخل المحدود المتفوقين أكاديميا، مع وجود خطة طويلة الأمد لإنتاج عدد كاف من الأطباء لتغطية الاحتياجات الصحية للمجتمع، وتقديم حوافز مالية مناسبة، وتحسين ظروف العمل للحد من نزوح الأطباء خارج الوطن.
أخيرا، يتطلب نجاح كليات الطب وجود هيكل إدارى فعال يلتزم بقواعد الحوكمة والشفافية فى اتخاذ القرارات، ويشجع على استشارة هيئة التدريس وممثلى الطلاب فى الجوانب الرئيسية لإدارة الكلية والأنشطة التعليمية المختلفة.

أستاذ الأشعة التشخيصية سابقا بجامعة شفيلد ــ إنجلترا

التعليقات