الهمج - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 2:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الهمج

نشر فى : الإثنين 15 أكتوبر 2012 - 9:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 أكتوبر 2012 - 9:30 ص

أن يجتمع المخرج الأمريكى، الناقد بقوة لنظام بلاده، أوليفر ستون، مع كل من صاحب التاريخ الطويل، جون ترافولتا، والموهوبة تماما، سلمى حايك، فإن مشاهدة عملهم تغدو شديدة الإغراء..

 

ولكن، أثناء المشاهدة، وربما بعدها، لن تتذكر أحدهم بوضوح، لأن بطل الفيلم، هو الفيلم نفسه. الكل، بمن فيهم صاحب الكاميرا المفعمة بالنشاط، المصور، دانيل ميندل، وواضع الموسيقى المكثفة، آدم بيترز، وبقية الفنانين والفنيين، ينصهرون فى بوتقة «الهمج»، ذلك العالم الوحشى، المتأجج بعلاقات غريبة، شرسة، الغدر أهم ما تتسم به، بالإضافة لشتى أنواع الخداع، يمارسها أبطال الفيلم ضد بعضهم بعضا، ويمارسها المخرج علينا، والذى يبدأ عمله بصوت رواية، لن نعرف من هى إلا فى النهاية، تحكى لنا عن «أوفيليا»، التى تُختصر اسمها الشكسبيرى بحرفى «أو»، التزاما بعنوان الرواية المأخوذ عنها الفيلم، لكاتبها دون وينسلو. «أو»، بأداء أوما ثورمان، تعيش مع صديقين حميمين، يعاشرونها معاشرة الأزواج ــ والعياذ بالله ــ فى وئام وانسجام، بلا تنافس أو غيرة..

 

وهما مكسيكيان، يزرعان المخدرات التى تهرب إلى كاليفورنيا. أحدهما مندفع، والآخر يحتكم للعقل، كأنهما شخص واحد فى جسدين. يجتمع بهما عدة رجال، يطلبون منهما، فيما يشبه الأمر، التعاون مع تاجر معين. فى الاجتماع يشرح أحد الرجال للمزارعين، ولنا، دور أصحاب مهن مرموقة فى عالم المخدرات، فثمة باحثون زراعيون لتجويد الأنواع، وصيادلة لجعل المنتج أشد فاعلية. المزارعان يرفضان، فتندلع الصراعات، ويتحول الفيلم إلى جحيم من العنف. العصابة تداهم المزارعين. تخطف عشيقتهما. تطالبانهما بفدية كبيرة.

 

يسير «الهمج» فى اتجاهين: يتابع ما يجرى للمخطوفة من امتهان، جسدى ومعنوى، مع إرسال صور وجهها المعذب، الدامى، عبر «النت» إلى المزارعين.. وفى سياق آخر، يرصد الفيلم اندفاع العاشقين نحو السطو على أموال لا تكفى ولا تفى بالمطلوب، مما يدفع بهما إلى الاستعانة بضابط مباحث فيدرالية ــ يقوم بدوره جون ترافولتا ــ كى يمدهم بمعلومات عن العصابة الخاطفة. يلبى طلبهم بعد تعرضه لضربة مدية من المزارع الشرس.. المزارعان يكتشفان أن العصابة تقودها سيدة حديدية، بأداء سلمى حايك. عندئذ يدخل الفيلم فى منعطف جديد، أشد عنفا وشراسة.

 

لا يفوت السيناريو أن يمنح كل بطل من أبطاله شيئا من الملامح الشخصية الخاصة، فمثلا، ضابط المباحث الفيدرالية، ترافولتا، المتستر على عمليات التهريب، يعانى ألما بسبب زوجته المحتضرة، ورئيسة العصابة، سلمى حايك، ذات قلب محطم بسبب ابنتها التى تمردت عليها وهجرتها.. وهى الابنة التى يقوم المزارعان بخطفها، وطبعا، توافق الأم على تبادل الرهينتين.. ولأن العصابتين، المزارعان والتاجرة، جبلا على الغدر، فإن كلاهما يعد العدة لتصفية الآخر فى لحظة التسلم والتسليم، وها هو الرصاص ينطلق من الجانبين، لتتساقط الجثث، مخضبة بدمائها.

 

سريعا، يأتى صوت الراوية لينبهنا إلى أن هذه النهاية التقليدية ليست النهاية الحقيقة التى تعرفها تماما، لأنها طرف فيما حدث. إنها «أو» أو «أوفيليا».. تتوالى ذات المشاهد، لكن مع حضور طرف ثالث، هو ضابط المباحث الفيدرالية، جون ترافولتا الذى يصل مع قوات مجهزة، مدربة، بطائرة هليوكبتر، ليدخل فى معركة حامية، ضد الطرفين، وهو فى هذا ليس طرفا أمنيا مزروعا فى العصابات، على طريقة الأفلام المصرية، ولكن عضوا فاعلا فى التستر على عمليات التهريب، وقد انقلب ضد عصابة التاجرة، حين هدده أحد رجالها بخطف طفلته.. الضابط هنا، عنصر من «الهمج»، ينتهى به الأمر إلى احتفال مؤسسته، المباحث الفيدرالية،، بإنجازه المهنى الهائل، بحضور قنوات تليفزيونية تنقل صور زكائب المخدرات التى تم ضبطها، بفضله، ولكننا، بفضل أوليفر ستون، نعرف الحقيقة.. «الهمج»، فيلم شجاع، وإن بدا شديد الوطأة، بسبب كثافة علاقاته المتشابكة، وانغماسه فى العنف والدم.

 

 

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات