السعدنى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السعدنى

نشر فى : السبت 15 مايو 2010 - 10:11 ص | آخر تحديث : السبت 15 مايو 2010 - 10:11 ص

 سواء كتب عن شخصيات أو قضايا، ذهب إلى جوف التاريخ أو انغمس فى الحاضر، تعرض لموضوعات مفرحة أو محزنة، لابد أن تجد فى سطوره لمسة ساحرة، تبدو لك جديدة إلى حد النضارة، حتى لو كنت تعرف ما يتحدث عنه.. إنه محمود السعدنى، صاحب الأسلوب الفاتن، الذى لا ينتمى إلا له، يجمع بين عمق المتأمل وحرارة المعايش، لا تفوته المفارقة الباعثة على السخرية، يدرك الجانب الكوميدى المضحك فى أشد المواقف الصعبة أو القاسية، ولأنه حكاء من الطراز الرفيع، تحولت عنده أيام المعتقل وسنوات الشتات إلى حكايات أخاذة، يرويها مصرى، ابن بلد، لماح، متوقد الذكاء، يؤمن أن الحياة لا تمنح السعادة للمرة دائما، ولا تكشر له عن أنيابها، طوال الوقت.

من بين الكتب التى ضمت مقالات السعدنى، ثمة كتاب هو، عندى، المصباح المنير دائما، عنوانه «المضحكون»، فى مظهره، ومادته، يحلل ويفسر ويقيم نجوم الكوميديا فى المسرح والسينما، ولكن فى بعد من أبعاده يرصد بعين خبير ملامح المزاج المصرى ونمط القيم الإيجابية والسلبية عند المصريين، والتى تنعكس بالضرورة، على سلوك ومسار من يتحدث عنهم، بما فى ذلك من ارتفع وظل على القمة، ومن لمع لبعض الوقت ثم انطفأ، ومن بدأ مشواره متعثرا وخرج بعيدا عن دائرة الضوء سريعا..

إنهم عنده مثل «الزرع فى حديقة فواكه»، لكل منهم طعم خاص ومذاق محدد ونكهة مختلفة، وينجح السعدنى فى تحديد قيمة كل منهم، جوانب القوة والضعف، فعندما يقارن بين موهبة على الكسار التى تتفوق على موهبة نجيب الريحانى، يتلمس سبب ذبول شمعة الكسار وبقاء شعلة الريحانى موقدة، حتى بعد وفاته، فالكسار لم يكن فى رأسه سوى الضحك السهل الذى وفرته له تلك النصوص التافهة التى كتبها له «بعض الأرزقية» أو التى قام هو بتوليفها، مثل «سرقوا الصندوق» و«لو» و«بعينك»، بينما كان فى عقل الريحانى تلك البوصلة التى قادته للتعاو مع أنبغ رجالات عصره: بديع خيرى وسيد درويش وبيرم التونسى.. هذه التقسيمة الصحيحة، يعتمدها السعدنى، فى تقييمه للطابور الطويل من المضحكين.

فى هذا الكتاب، كما فى غيره من الكتب، تتجلى معارف محمود السعدنى، التى لم يستقها من الكتب وحسب، بل من أحراش الحياة، فهنا، يتحدث عن الموالد والشوادر والبلياتشو والأراجوز والنجوم الشعبيين فى المسارح الجوالة، فضلا عن شىء من التاريخ، والعلاقات الإنسانية، وبأسلوب مشرق، حميم، وإن كان ساخرا، مترعا بالمحبة وإن جاء جارحا، ومرحا، ممتعا، فى كل الأحيان.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات