وهم الحلم وكابوس الواقع - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 9:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وهم الحلم وكابوس الواقع

نشر فى : الجمعة 15 مايو 2009 - 5:21 م | آخر تحديث : الجمعة 15 مايو 2009 - 5:21 م

 صديقى يملك شركة صغيرة، يعمل بها ثلاثة موظفين فقط، وهو من النوع الهادئ، لا يغضب أبدا، يهمه راحة من حوله، تدهورت أموره فى السنة الأخيرة، ومنذ شهرين سافر إلى بلد شقيق لتحصيل مستحقات لم تدفع، عاد أخيرا واتصل بى ابنه مضطربا، طلب منى الحضور إلى مقر الشركة، وهى شقة صغيرة فى إحدى العمارات، ذهبت، لم أجد الموظفين، دخلت إلى حجرته، رأىت الزوجة والابن وطبيبا يلقى بمخلفات حقنة فى سلة المهملات، انزعجت عندما لاحظت احتقان وجهه، ولكن ابتسامة الطبيب الساخرة طمأنتنى، تخوفت أن أسأل عن صحته فسألت عن الموظفين الثلاثة وسبب غيابهم، وكما لو أن سلكا كهربائيا لمس عصبا عاريا عند صديقى، استرد صحته بفعل الغضب قائلا: طردتهم.. خونة.. خونة.

ولأنى من النوع الذى يفضل معرفة الوقائع أكثر من سماع الشتائم لجأت للصمت، ابن صديقى اصطحبنى إلى خارج الحجرة ليشرح لى الموقف كالتالى: صديقى، صاحب الشركة المتعثرة لم يسترد ماله، ولما اقترحت عليه زوجته الاستغناء عن الموظفين أو اثنين منهم، رفض لأن عندهم عيالا، ولكن حين جاءت فاتورة تليفونات المحمول التى تدفعها الشركة حيث إنها ــ التليفونات ــ مخصصة للكلام مع صديقى فقط، الذى ذهل من ضخامة الرقم المطلوب، راجع شركة التليفونات فأرسلت له بيانات بالأرقام التى طلبتها المحمولات الثلاثة، وجد أنها موحدة، وأنها تتعلق بمسابقة تجريها قناة فضائية تعد الرابح بمليونى ريال، وكلما ازداد المتسابق من مرات الاتصال زادت فرصته فى الفوز، حينها، ثار صاحب الشركة، ارتفع صوته وامتضع وجهه وأغمى عليه من شدة الانفعال.

تابعت القناة التى تجرى المسابقة، لم تطرح أسئلة، فكل المطلوب أن تتصل أو تبعث رسالة تكتب فيها اسمك وعنوانك، ثم يظهر مذيع أمامه قارورة زجاجية بها أوراق صغيرة، يلتقط ورقة يفتحها ويصيح على طريقة البائعين فى الموالد قائلا بسعادة مغالى فيها: ألف ألف تريليون مبروك.. فلان الفلانى.. مبروك مبروك مبروك..

تطالعنا على الشاشة الصغيرة فتاة فائزة تفسر كلماتها بصعوبة، وبينما أهلها يصخبون ويرقصون فى عالم الحلم، يعيش صديقى مع موظفيه الثلاثة فى كابوس مؤلم.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات