ماذا يعنى بايدن بكلماته القليلة.. تعليقًا على مشروع إصلاح القضاء الإسرائيلى؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 6:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا يعنى بايدن بكلماته القليلة.. تعليقًا على مشروع إصلاح القضاء الإسرائيلى؟

نشر فى : الأربعاء 15 فبراير 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : الأربعاء 15 فبراير 2023 - 8:05 م

نشرت صحيفة The New York Times مقالا للكاتب توماس فريدمان، قام فيه بتحليل بيان بايدن الذى جاء كرد على مشروع نتنياهو ووزرائه لتقييد سلطات المحكمة العليا الإسرائيلية. كما تناول الكاتب أهمية توقيت صدور البيان... نعرض من المقال ما يلى:
يوم السبت الماضى، تظاهر ما لا يقل عن 50 ألف إسرائيلى وإسرائيلية ضد خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتجريد المحكمة الإسرائيلية العليا من استقلالها ووضعها تحت سيطرته، وهنا يثور التساؤل: «ما رأى الرئيس بايدن فى هذا؟».
قبل أى شىء، بايدن مؤيد لإسرائيل مثله مثل أى رئيس أمريكى سابق، كما أن له علاقة طويلة مع نتنياهو وبينهما احترام المتبادل. أحد دواعى القلق على هذه العلاقة يأتى من التحول الجذرى للنظام القضائى فى إسرائيل الذى يحاول تحالف نتنياهو المتطرف القيام به، مما قد يلحق ضررا خطيرا بالديمقراطية الإسرائيلية، وبالتالى علاقاتها الوثيقة مع أمريكا والديمقراطيات فى كل مكان.
يوم السبت الماضى، جاء رد بايدن على محاولات نتنياهو ووزرائه المتطرفين تقويض سلطات القضاء فى إسرائيل كالتالى: «عبقرية الديمقراطية الأمريكية والديمقراطية الإسرائيلية هو أنهما مبنيتان على مؤسسات قوية، على ضوابط وتوازنات، على قضاء مستقل. إن بناء توافق فى الآراء بشأن التغييرات الأساسية مهم لضمان اقتناع الناس بها حتى يمكن استدامتها».
بهذه الكلمات القليلة تكون المرة الأولى التى يلقى فيها رئيس أمريكى بثقله فى نقاش إسرائيلى داخلى حول طبيعة الديمقراطية فى تل أبيب. وعلى الرغم من أن بيانه يتكون من بضع كلمات، إلا أن تعليق بايدن يأتى فى وقت حرج ويمكن أن ينشط ويوسع المعارضة الكبيرة لما يسميه خصوم نتنياهو بانقلاب قانونى من شأنه أن ينقل إسرائيل إلى معسكر الدول التى تبتعد عن الديمقراطية.
• • •
لكلمات بايدن أهمية من عدة نواحٍ، أولا هى تؤكد على موقف الرئيس الأمريكى المؤيد لنهج التسوية الذى دعا إليه الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوغ، والداعم لاستقلال القضاء الإسرائيلى. وعلى الرغم من أن رئاسة إسرائيل هى وظيفة شرفية إلى حد كبير، إلا أن المنصب يحمل وزنًا أخلاقيًا. هرتسوغ رجل طيب يحاول تجنب ما يخشى أنه قد يكون أخطر صراع مدنى داخل المجتمع الإسرائيلى إذا حدث هذا التغيير الكبير فى النظام القضائى من قبل مؤسسة إسرائيلية يمينية متطرفة.
هرتسوغ ناشد نتنياهو وائتلافه للتراجع وتنظيم نوع من الحوار الوطنى الحزبى الذى يمكن أن يدرس بعناية نوع التغييرات القضائية التى قد تكون مفيدة لإسرائيل والقيام بذلك مع الخبراء القانونيين، بطريقة غير حزبية وبطريقة تحافظ على نزاهة النظام القضائى القائم منذ نشأة دولة إسرائيل.
لسوء الحظ، رفض نتنياهو مطالب الرئيس الإسرائيلى، الأمر الذى دفع الأخير للإعلان فى 24 يناير الماضى عن ما يسمى بالإصلاح القضائى: «الأسس الديمقراطية لإسرائيل مقدسة، بما فى ذلك نظام العدالة وحقوق الإنسان والحريات، ويجب علينا حمايتها وكذلك القيم التى تم التعبير عنها فى إعلان الاستقلال. بينما الإصلاح الدراماتيكى، عندما يتم بسرعة دون مفاوضات، يثير المعارضة وقلق عميق بين الجمهور». وأضاف: «غياب الحوار يمزقنا من الداخل، وأنا أقول لكم بصوت عالٍ وواضح: برميل البارود هذا على وشك الانفجار. هذه حالة طارئة».
مع كلمات بايدن، يجد نتنياهو نفسه الآن فى موقف، إذا استمر فى المضى قدمًا، فلن يكون مجرد متجاهل للرئيس الإسرائيلى؛ بل متجاهل للرئيس الأمريكى. كما أن اتخاذ بايدن موقفًا بشأن هذه القضية بهذه الطريقة المحسوبة والواضحة سيشجع القادة الديمقراطيين الغربيين الآخرين وأعضاء مجلس الشيوخ وكبار المبعوثين الأمريكيين على القيام بذلك أيضًا، مما سيؤدى إلى تنشيط المعارضة.
السبب الثانى لأهمية كلمات بايدن هو توقيتها، فبحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن بعض الجوانب الأكثر إثارة للجدل فى الإصلاح القضائى الذى يريده نتنياهو أُجرى يوم الإثنين الماضى فيما عرف بالقراءة الأولى أو المرحلة الأولى؛ إذ يمر مشروع القانون بثلاث قراءات أو مراحل ليصبح قانونًا، وأشار الائتلاف إلى أنه يسعى إلى إطلاق التشريع فى الكنيست بحلول أبريل القادم».
ثالثًا: وضع بايدن نفسه وأمريكا إلى جانب الأغلبية الإسرائيلية التى تعارض قيام نتنياهو بدفع «إصلاحه» والذى فى حقيقته يبدو أنه انقلاب قضائى. أفاد استطلاع نُشر يوم الجمعة الماضى أن أكثر من 60 فى المائة من الجمهور الإسرائيلى يريد أن توقف الحكومة أو تؤخر جهودها التشريعية لإضعاف محكمة العدل العليا وتأمين السيطرة السياسية على التعيينات القضائية.
كما أن البيان يضع أمريكا بشكل مباشر خلف المدعى العام، أفيخاى ماندلبليت، الذى وجه الاتهام لنتنياهو فى عام 2020 بتهم الاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة، كما ندد بالتغييرات القضائية لنتنياهو باعتبارها مجرد محاولة مقنعة لإلغاء محاكمته وتجنب السجن.
رابعا: وأخيرًا، ما فعله بايدن سيضيف مصداقية إلى صوت أمريكا فى دعم الديمقراطية عالميًا. حيث يقال دائما أن أمريكا لا تتحدث عن الديمقراطية إلا عندما تنتهك الصين الحقوق والحريات فى هونج كونج، لكن الحقيقة أن الولايات المتحدة تتحدث عن الديمقراطية عندما تكون مهددة فى أى مكان. والدليل هو انتقاد ما يقوم به نتنياهو ووزراؤه الآن.
• • •
نظرًا لأن إسرائيل ليس لديها دستور والسلطة التنفيذية تسيطر دائمًا على الكنيست (البرلمان الإسرائيلى)، فإن الفصل الوحيد بين السلطاتــ الضابط الوحيد للسلطة التنفيذية ــ هو القضاء الإسرائيلى المستقل والمحكمة العليا. وما يقترحه نتنياهو هو أن أغلبية ضئيلة من أعضاء الكنيست ــ 61 من أصل 120ــ تستطيع تجاوز أى قرار للمحكمة العليا، كما يمكنها أن تضع أى قوانين تريدها.
ستمكن خطة نتنياهو أيضا الحكومة من السيطرة على اختيار القضاة، الذى لطالما كان فى أيدى لجنة مستقلة، كما ستقيل المستشارين القانونيين المستقلين فى كل وزارة. حاليًا، يتم تعيين الأخيرين من قبل ديوان الخدمة المدنية ولا يمكن عزلهم إلا من قبل المدعى العام. نتنياهو يريد بدلا من ذلك تعيينهم من قبل كل وزير وبالتالى الولاء له.
بوضع كل ذلك معًا، سيكون لدينا حكومة فازت بـ 30 ألف صوت فقط من أصل 4.7 مليون، لها سيطرة كاملة على المحكمة العليا، والاختيار القضائى والمستشارين القانونيين لكل وزارة. باختصار، لا سيادة للقانون.
فإذا كانت رسالة بايدن غير واضحة لتحالف نتنياهو، فإنها ببساطة تعنى: لقد دعمت أمريكا إسرائيل عسكريًا ودبلوماسيًا وبمساعدات بمليارات الدولارات منذ تأسيسها، لأن واشنطن تعتقد أن إسرائيل تشاركها قيمها. ولكن ليس لأنها تشاركها مصالحها. فإسرائيل بقيت على الحياد بين أوكرانيا وروسيا، وغير مبالية بانتهاكات حقوق الإنسان فى الدول العربية، وأحيانًا تبيع الشركات الإسرائيلية تقنيات دفاعية للصين تثير قلق البنتاجون. وعندما تتصرف إسرائيل بطرق لا تتوافق مع قيم الولايات المتحدة فى الضفة الغربية أو غزة، فإن الإسرائيليين يقولون: «تريثوا. نحن نعيش فى صراع دائم وعنيف مع الفلسطينيين. نحن نعيش فى حى مجنون. ومع ذلك، فقد تمكنا (إسرائيل) من الحفاظ على الرقابة القضائية على قواتنا المسلحة، والمؤسسات الديمقراطية القوية، فضلا عن القضاء المستقل والصحافة الحرة».
الآن، هذه الحجة مهددة بشكل خطير بسبب ما يحاول نتنياهو القيام به. وبعدها، ماذا سيتبقى بعد القيم؟ المصالح المشتركة؟ لن تكون كافية، فهى ليست ثابتة بل متغيرة.
• • •
ببيانه البسيط، يشير بايدن إلى أنه مهما فعلت إسرائيل، يجب ألا تحيد بشكل أساسى عن تلك القيم المشتركة.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى:

التعليقات