لماذا سقط موراليس؟ - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 9:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا سقط موراليس؟

نشر فى : الأربعاء 13 نوفمبر 2019 - 10:20 م | آخر تحديث : الخميس 14 نوفمبر 2019 - 11:11 ص

فى 18 ديسمبر 2005 تم انتخاب المزارع البوليفى إيفو موراليس رئيسا للجمهورية بأغلبية 53.7% فى انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها 84.5%. وكان الرجل صاحب الفكر الماركسى أول رئيس يستطيع الفوز بالأغلبية المطلقة ومن الجولة الأولى منذ انتخابات 1978. وفى 12 نوفمبر 2019 خرج مخلوعا من البلاد ليلجأ إلى المكسيك جزاء وفاقا لتلاعبه بالدستور من أجل البقاء فى السلطة مدى الحياة.
ففى فترته الرئاسية الأولى من 2005 إلى 2009 نفذ الرجل برنامجا للإصلاح الاجتماعى والاقتصادى، لصالح الطبقات الفقيرة فزادت شعبيته، ليقرر فى 2008 إطلاق عملية لتعديل دستور 1967 الذى تم انتخابه على أساسه وكان يمنعه من إعادة الترشح لفترة رئاسية ثانية تالية لفترته الأولى.
وفى 2009 تم تعديل الدستور حتى يمكنه خوض الانتخابات الرئاسية مرة ثانية، مع استمرار الحد الأقصى لعدد الفترات الرئاسية (فترتين فقط)، وبالطبع لن يتم احتساب الفترة الأولى ضمن الفترتين حتى يضمن البقاء فى السلطة حتى 2019 على الأقل. وخاض موراليس الانتخابات فى 2009 وحقق فوزا بأغلبية كبيرة بلغت 64.2% من إجمالى عدد الأصوات فى حين حصل أقرب منافسيه وهو رييس فيلا على 27% وبلغت نسبة المشاركة فى الانتخابات حوالى 90%.
وأثناء الترويج للتعديلات الدستورية فى 2008 تعهد موراليس بعدم خوض الانتخابات لفترة رئاسة ثالثة، ولكن متى كان الزعماء الملهمون الذين يتصورون ويصور لهم من حولهم أن البلاد والعباد لا تستطيع البقاء دون وجودهم وأن بقاءهم فى السلطة هو الضمانة الوحيدة لمواصلة الإنجاز والبناء والنهضة، يلتزمون بوعودهم، خاصة إذا كانت تتعلق بخروجهم من السلطة مع انتهاء ولايتهم الدستورية. لذا فإنه لم يلتزم بوعده وخاض انتخابات 2014 طمعا فى فترة رئاسة ثالثة بدعوى أن الدستور يعطيه هذا الحق.
فاز موراليس فى تلك الانتخابات بأغلبية بلغت 61.38%، وشككت المعارضة فى نزاهة العملية الانتخابية التى جاءت فى أعقاب تصاعد الغضب الشعبى ضده.
وللمرة الثانية يقرر موراليس وحزبه تعديل الدستور من أجل فتح الباب أمام بقائه فى السلطة مدى الحياة، بإلغاء تحديد عدد فترات الرئاسة. وتم طرح التعديل للتصويت فى استفتاء شعبى فى 21 فبراير 2016 لتصوت الأغلبية ضده وتعلن رغبتها فى إنهاء رئاسة موراليس عبر القواعد الدستورية. ولكن الرجل الذى أصبح أطول رؤساء بوليفيا بقاء فى السلطة على الإطلاق، رفض الالتزام بقواعد الديمقراطية التى حوّلته من مزارع لنبات الكوكا الذى يستخرج منه مخدر الكوكايين إلى رئيس للجمهورية، ولجأ إلى صديقه رئيس المحكمة العليا لكى يجد له مخرجا.
وفى 2017 أصدرت المحكمة العليا حكما باعتبار أن «النص الدستورى الذى يحدد عدد فترات الرئاسة غير دستورى» وأنه ينتهك حقوق الإنسان للمرشحين وبالتالى يجوز للرئيس إيفو موراليس خوض الانتخابات الرئاسية إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.
وبالفعل خاض الرجل الانتخابات الرئاسية للمرة الرابعة، فى أكتوبر الماضى وبعد أن كان يفوز بأغلبية كبيرة، لم يحصل الرجل فى هذه الانتخابات سوى عل 47.08%، ولكن لأنه تفوق على أقرب منافسيه بأكثر من 10 نقاط مئوية فلم يحتاج إلى خوض جولة الإعادة.
وشككت المعارضة فى نزاهة الانتخابات، ورفض الشعب الالتفاف على رغبته فى إنهاء حكم موراليس بالآليات الدستورية، فنزل إلى الشارع مطالبا برحيله، ليضطر الرجل إلى إنهاء ولايته الرابعة بعد بدايتها بأيام قليلة ويغادر البلاد لاجئا إلى المكسيك.
دفع موراليس ثمنا باهظا لتشبثه بالسلطة وانقلابه على الإرادة الشعبية وقواعد الديمقراطية وتلاعبه بالدستور. وبدلا من دخوله التاريخ كزعيم بارز صاحب تجربة سياسية وإنسانية متميزة، انضم إلى قائمة الزعماء المستبدين الذين أطاحت بهم شعوبهم وانتهت حياتهم فى المنافى أو فى السجون.

التعليقات