هل بدأت المواجهة الأمريكية الإيرانية فى الخليج؟ - علاء الحديدي - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل بدأت المواجهة الأمريكية الإيرانية فى الخليج؟

نشر فى : الإثنين 13 مايو 2019 - 10:05 م | آخر تحديث : الإثنين 13 مايو 2019 - 10:05 م

فى خطوة تصعيدية جديدة، أعلنت الولايات المتحدة عن تحريك حاملة الطائرات أبراهام لنكولن ونشر مجموعة من قاذفات القنابل الثقيلة من طراز بــ٥٢ فى منطقة الخليج العربى، وهو ما اعتبره البعض بداية لعملية حشد عسكرى تمهيدا لتوجية ضربة عسكرية ضد إيران. وجاء رد الفعل الإيرانى بعد عدة أيام ليزيد الموقف توترا. فقد أعلنت طهران عن نيتها الانسحاب الجزئى، وليس الكامل، من الاتفاق النووى خلال ستين يوما ما لم تنفذ الدول الأوروبية تعهداتها السابقة بتفعيل آلية خاصة يتم بمقتضاها تفادى العقوبات الأمريكية على إيران. الأمر الذى دفع الاتحاد الأوروبى بدوره إلى التهديد بالعودة إلى فرض العقوبات مجددا على إيران فى حال إذا ما انسحبت الأخيرة من الاتفاق النووى.

فهل يعنى ما تقدم، أننا بصدد رؤية خطوات تصعيدية أخرى قادمة من الولايات المتحدة أو إيران تفضى فى النهاية إلى حدوث مواجهة عسكرية محتومة كما يرى البعض؟ وأن واشنطن عازمة على المضى قدما فى خططها غير المعلنة لتغيير النظام فى إيران، وأن ما يحدث حاليا ما هو إلا تصعيد مدروس من الجانب الأمريكى لبناء تحالف دولى ضد إيران على غرار ما فعله كل من بوش الأب ثم من بعده بوش الابن فى حربهما ضد صدام حسين العراق؟ أم أننا بصدد سلسلة من التهديدات والأزمات المتصاعدة دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة بينهما؟

لا شك أن التهديد الإيرانى بالانسحاب الجزئى من الاتفاق النووى قد صب فى مصلحة ترامب الذى طالما ما عبر عن استيائه من الموقف الأوروبى المتخاذل (فى رأيه) من إيران. وقد نجح ترامب أخيرا فى دق إسفين بين إيران التى كانت متطلعة لموقف أوروبى أكثر انسجاما معها وبين دول الاتحاد الأوروبى التى كانت أحرص ما تكون على بقاء إيران فى الاتفاق النووى رغم العقوبات الأمريكية المتصاعدة ضدها. هذه العقوبات التى شملت إدراج الحرس الثورى الإيرانى فى قائمة المنظمات الإرهابية فى الآونة الأخيرة، فضلا عن تفعيل المقاطعة الشاملة لصادرات النفط الإيرانية بانقضاء فترة السماح لبعض الدول باستيراد النفط الإيرانى، وصولا إلى وقف صادرات النفط بالكامل، أو بعبارة أخرى «تصفير» صادرات إيران من النفط. ومع نفاذ صبر القيادة الإيرانية بعد انسحاب الشركات الأوروبية وتدهور الوضع الاقتصادى، كان على الجانب الإيرانى إيصال رسالة واضحة للجانب الأوروبى باتخاذ خطوة ما لانقاذ الموقف من مزيد من التدهور بعد أن ثبت عدم فائدة الاستمرار فى الاتفاق النووى. إلا أن التصعيد الإيرانى أتى بنتيجة عكسية، وحقق لترامب هدفه من عزل طهران عن «أصدقائها» الأوروبيين. فهل يعنى ذلك أن ترامب قد اقترب خطوة من تحقيق هدفه فى بناء تحالف دولى ضد إيران؟

نتذكر جميعا أن أول زيارة لترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض كانت للسعودية لحضور القمة العربية الإسلامية الأمريكية، وحشد التأييد اللازم لعزل إيران. وهو ما حاولت الإدارة الأمريكية تكراره فى وارسو فى فبراير الماضى، وهو ما تواكب مع تواتر أنباء عن إنشاء تحالف إستراتيجى شرق أوسطى يضم بين صفوفه مصر والسعودية والولايات المتحدة. إلا أن عدم حماس العديد من الأطراف الأوروبية المؤثرة وعلى رأسها أقرب حلفاء ترامب مثل بريطانيا، بجانب مشاركة مصر بمستوى متواضع فى هذا المحفل، أدى فى النهاية إلى تغيير أجندة هذا الاجتماع وتحويله عن هدفه الأصلى. وجاءت الانتكاسة الحقيقية بعد ذلك بما نقلته بعض وكالات الأنباء عن انسحاب مصر، أكبر الدول العربية وأقواها، من الاجتماع الاخير لدول التحالف الإستراتيجى هذا.

وبالرغم من ذلك، استمرت الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب فى سعيها الحثيث لعزل إيران وتقويض اقتصادها من خلال عدة إجراءات كما شرحنا سابقا، وكان آخرها الإعلان عن تحريك حاملة الطائرات وبما يوحى بعدم التوانى عن استخدام القوة ضد إيران إذا لزم الأمر. وهو ما ردت عليه طهران بالإعلان عن معاملة القوات الأمريكية فى المنطقة معاملة المنظمات الإرهابية، وهو ما يعنى التهديد الصريح باستهداف القوات الأمريكية المتواجدة أساسا فى سوريا والعراق، وربما أيضا فى دول الخليج الأخرى مثل قطر والبحرين والكويت. ويعزز من هذا التهديد الإيرانى وجود مؤشرات عن احتمالات تصعيد ومواجهات قادمة بين إسرائيل وبين إيران/ حزب الله فى سوريا أو لبنان أو كليهما معا. فهل يعنى ذلك فعلا أننا بصدد حرب إقليمية واسعة تشمل سوريا ولبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وإيران؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعلى ماذا يراهن الطرفان؟

التقدير، أنه رغم كل التصريحات الإعلامية أو ما يقال عن احتمالات قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية ضد إيران مثلما يدعو جون بولتون مستشار الأمن القومى الأمريكى، ناهيك عن الإعداد لغزو إيران على طريقة غزو بوش الابن للعراق فى عام ٢٠٠٣، فإن ايران اليوم ليست مثل العراق بالأمس، كما أن روسيا اليوم أيضا ليست روسيا الأمس، وهى تعد إيران دولة جوار حليفة تدخل فى دائرة أمنها القومى المباشر. كما أن انشغال واشنطن بما يحدث فى فنزويلا، وهى فى الفناء الخلفى للولايات المتحدة، وانشغالها أيضا بالمباحثات الجارية مع كوريا الشمالية بما تمتلكه من قوة نووية حقيقية، يضعف من الموقف الأمريكى بأولوية التعامل مع إيران قبل الانتهاء من الملفين السابقين وهما الأكثر إلحاحا وخطورة على الأمن القومى الأمريكى. وعليه، فإن واشنطن تعمل على استنزاف القدرات الإيرانية فى كل من سوريا ولبنان من خلال إسرائيل، وفى ذات الوقت العمل بكل قوة وجدية على خنق الاقتصاد الإيرانى بوقف صادراته من النفط بشكل كامل، والمراهنة على انهيار النظام الإيرانى تحت وطأة الضغوط الاقتصادية.

أما على الجانب الإيرانى، ورغم التصريحات الإعلامية القوية الصادرة عنه باستعداده لمواجهة الولايات المتحدة والانسحاب بالكامل من الاتفاق النووى وإغلاق مضيق هرمز، إلا إنه يعمل على تفادى أى مواجهة حقيقية مع القوات الأمريكية ويكفيه ما يعانيه من خسائر جراء الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية على مواقعه فى سوريا والتى كلفته الكثير ماديا وبشريا حتى الآن. ناهيك عن حرصه على تصدير ما يمكن تصديره من نفط أو جذب بعض رءوس الأموال من خلال الالتفاف على نظام العقوبات المفروضة عليه لتخفيف وقع الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها. فى ذات الوقت، التحلى بالصبر الإستراتيجى، مراهنا وآملا فى سقوط ترامب فى انتخابات الرئاسة القادمة فى نوفمبر ٢٠٢٠، ووصول إدارة أمريكية جديدة يمكن التفاهم معها.

إذا، فكلا الطرفين يراهنان على عامل الوقت، وفى انتظار سقوط الطرف الآخر. وعليه يصبح السؤال، أيهما سيسقط أولا؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

التعليقات