انتخاب الرئيس - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 8:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتخاب الرئيس

نشر فى : الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 - 8:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 - 8:20 م

أغلقت لجان الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية، وسط إدراك عام بأن نتيجتها تصب فى صالح فترة رئاسية جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى، ويصبح انتظار إعلان النتائج الرسمية لمعرفة معدلات المشاركة، ونسب التصويت التى حصل عليها المرشحون.
وإذا كانت هناك ملاحظات عديدة فى العملية الانتخابية، ربما يتسع المجال لاحقا لرصدها، فإن السمة الغالبة فى الاقتراع هو ضعف حضور المرشحين الثلاثة الآخرين، خلافا للرئيس السيسى، فى المحيط الانتخابى، من حيث وجود مندوبين لهم فى مراكز الاقتراع، وفى مظاهر التفاعل خارجها، وفى الدعاية التى سبقت التصويت، وهو المشهد الذى هيمنت عليه الأحزاب المؤيدة للرئيس السيسى، رغم وجود مساحة حركة لكافة المرشحين، وإتاحة المجال أمامهم إعلاميا.
يكشف ذلك عن مسألة مهمة أن قدرات النظام الحزبى فى مصر لا تزال محدودة فى مجملها، فالمرشحون الثلاثة المنافسون يرأسون أحزابا، منها ما هو قديم نسبيا مثل الوفد، ومنها ما أفرزته ثورة ٢٥ يناير مثل الديمقراطى الاجتماعى، ومنها ما هو نتاج ثورة ٣٠ يونيو مثل الشعب الجمهورى، وإذا كان الجمهور العام لأول مرة يطلع بهذه الكثافة على الأحزاب الأخرى، ويتعرف على قياداتها، وبرامجها المختلفة، فإن ذلك يلفت الانتباه إلى أهمية تكثيف حضور الأحزاب السياسية، وعدم انتظار المناسبات الانتخابية للنشاط والحركة.
ملاحظة أخرى، تتصل بما سبق، أن إدراك الناخب المصرى لموقع رئيس الدولة لا يزال يرتبط إلى حد بعيد بالنموذج السياسى الرائج منذ عام ١٩٥٢، وهو اختيار رئيس من قلب مؤسسات الدولة، ذى خلفية عسكرية، يستطيع إدارة شئون الدولة، ويحقق الأمن والاستقرار. ورغم وجود تحديات اقتصادية، فإن الانحياز لا يزال للاستقرار خاصة فى ظل تحديات داخلية وخارجية متنامية، وهو ما ذكره بعض الناخبين بتلقائية، ليس فقط فى وسائل إعلام مصرية، ولكن لوسائل إعلام غربية. ولا تزال فى مخيلة المواطن المصرى الرئيس الذى جاء من خارج هذا السياق، وأخفق فى إدارة شئون الدولة، واختلف حوله الناس، وخرجوا عليه فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
المرشحون الثلاث الذين خاضوا الانتخابات منافسين للرئيس السيسى، وهم السادة فريد زهران، وعبدالسند يمامة، وحازم عمر، شاركوا فى التجربة، وتحدثوا إعلاميا، وكان لبعضهم آراء قيمة، ينبغى أن تلتفت إليها الدولة المصرية، لكنهم جميعا جاءوا من مربع السياسة الذى لا يزال غائما بالنسبة للناس، ويجدد بداخلهم مخاوف المرحلة السابقة.
وقد أشارت بعض وسائل الإعلام الاجنبية فى تغطيتها للانتخابات إلى ما سمته غياب المنافسة، وتصورت أن هناك سياسيين آخرين كان من الممكن أن يكونوا أكثر قدرة على المنافسة، إلا انه من الواضح أنها تنطلق من خلفية مجتمعات أخرى، ولم تدرك طبيعة التركيبة السياسية المصرية، التى يزداد فيها حضور الدولة فى حياة الناس، ويصعب فى اللحظة الراهنة أن يأتى رئيس من خارج مؤسسات الدولة يستطيع إدارة شئونها، وهو الامر الذى أدركه وتحدث فيه بعض قيادات المعارضة نفسها. وليس صحيحا فى رأيى أن هناك مرشحين آخرين من المشهد الحزبى الحالى يمكن أن يكونوا أكثر فاعلية من المرشحين الثلاثة فى المنافسة الانتخابية، بل على العكس قدم فريد زهران وحازم عمر تجربتين مختلفتين، جذبا الانتباه إلى أهمية مساهمة الأحزاب فى طرح بدائل سياسات عامة.
يحتاج العبور إلى المجتمع السياسى وفق التصور الغربى إلى بناء مؤسسات حزبية قوية، وتفاعل كثيف مع المواطنين، وقدرة على تقديم كوادر سياسية لديها رؤية، وإمكانية على إدارة مؤسسات دولة، قديمة، ومتشعبة، ومتغلغلة، وهى متطلبات تستدعى وقتا وجهدا.
وفى رأيى أن المقاس السياسى للأحزاب السياسية لا يزال عند حدود التنافس على عضوية البرلمان، والمحليات مستقبلا، واستغلال مناخ التنافس فى الانتخابات الرئاسية لتوسيع نطاق المعرفة بها، ولكن يظل موقع رئيس الدولة عمليا، وليس قانونيا بالطبع، أبعد من قدرات الأحزاب فى لحظتها الآنية.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات