إنه.. لن ينتحر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إنه.. لن ينتحر

نشر فى : الأربعاء 12 مايو 2010 - 10:37 ص | آخر تحديث : الأربعاء 12 مايو 2010 - 10:37 ص

 فى نهاية «الرجل الذى فقد ظله» يطل علينا، يوسف عبدالحميد السويفى، بأداء كمال الشناوى، من نافذة عالية، على يسار الشاشة. اختفى الجميع، فيما عدا هو، الانتهازى، الذى باع كل شىء، أهله وأصدقائه ومبادئه، وصعد، ارتفع فوق الجثث، ولا يزال باقيا.. وفى ختام «اللص والكلاب»، عقب مصرع سعيد مهران، أحد ضحايا الانتهازى رءوف علوان ــ بأداء كمال الشناوى أيضا ــ الذى يقف متأنقا، وسط رجال الأمن، يقدم لفافة تبغ للضابط الكبير. ويضع سيجارة بين شفتيه، يشعلها له اللواء المهيب.. الفيلمان، أخرجهما كمال الشيخ.

واحد عن رواية لفتحى غانم، والثانية عن رواية لنجيب محفوظ، وتجنبا لإغراء متابعة صورة «الانتهازى»، فى الأدب والسينما، يمكن القول إن هذه الشخصية المقيتة، الغادرة، توفرت بسخاء وقوة، عند فتحى غانم، الذى قدمها، بتفهم عميق، فى معظم رواياته، والتى تحولت إلى مسلسلات وأفلام، وأحدثها «تلك الأيام»، العمل الأول لمخرج جديد، يتمتع بعين سينمائية متوازنة، لا يجرى وراء الإبهار. يتعمد أن يكون فيلمه «كلاسيكيا»، مفهوما وجذابا، يلتزم فيه بمواصفات السينما المصرية الجيدة، بتراثها المرموق.

سيناريو «تلك الأيام» كتبه المخرج أحمد غانم، مع علا عزالدين حمودة، عن رواية لوالده فتحى غانم، وأحدث فيها تغييرات جوهرية فى الزمان، والعلاقات، ذلك أنه نقل الأحداث من الأربعينيات إلى الحاضر.. فى الرواية يرمى المؤرخ، الدكتور لسالم عبيد، إلى دراسة عنف وإرهاب شباب تلك الآونة، ضد الاستعمار وأعوانه، وفى سبيل تحقيق مأربة، يقرب منه أحد هؤلاء الشبان، مارس العنف والإرهاب فعلا، ولكن فى السيناريو، أصبح هذا الشاب ضابط شرطة، قدم استقالته لأنه يشعر بالذنب عقب قتله لإرهابى كان من الممكن أن يقبض عليه. قتله انتقاما لمقتل زميل له على يد هذا الإرهابى.

المؤرخ، فى الفيلم، أستاذ جامعى، يسخر ثقافته وعلمه لخدمة النظام أيا كانت توجهاته، يرنو بشغف إلى منصب وزير، ويبدو، بانتهازيته، على استعداد للقيام بأى دور يطلب منه، وبإبداع ناضج، يجسد محمود حميدة هذه الشخصية، سواء فى علاقته المتدهورة مع زوجته التى تكن له احتقارا شديدا، حيث يواجه الاحتقار ببرود، وعلاقته بأهلها الذين يستقطبهم بالإغداق عليهم، أو والدته الفلاحة التى تحبه بكل جوارحها برغم إدراكها لأعماقه الآسنة، ويحسب للفيلم طريقة تقديمه لشخصية الأم ــ بأداء صفية العمرى التى قد تكون صغيرة على دور الأم ــ فالمهم أنها هنا ليست طيبة على طريقة فردوس محمد أو أمينة رزق، ولكنها فلاحة قوية، ذكية، واقعية وجديدة على شاشة السينما المصرية.

ضابط الشرطة المستقيل، أحادى الجانب فى الفيلم، لا نعرف ولا يعرف أحمد الفيشاوى الكثير عنه، وبالتالى بدت ملامحه جامدة، وإذا كانت صاحبة الوجه الجديد، ليلى سامى، من إيجابيات «تلك الأيام» فإن بؤرة الضعف والتصدع فى الفيلم تأتى فى نهايته، فبعد ضياع حلم الوزارة، ومغادرة الزوجة مع الضابط المستقيل، يفاجئنا الوصولى بانتحاره، الأمر الذى لا يتوافق مع تكوينه، فمثله، بأنانيته، لا يمكن أن يقضى على نفسه.. فلنتذكر زملاءه فى «اللص والكلاب» و«الرجل..».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات