عين شمس - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 7:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عين شمس

نشر فى : الثلاثاء 12 مايو 2009 - 7:58 م | آخر تحديث : الثلاثاء 12 مايو 2009 - 7:58 م

 لا تصدق الموهوب إبراهيم البطوط حين يزعم أن «عين شمس» فيلم مرتجل، حققه دون سيناريو أو تصميمات مسبقة، نعم، الفيلم ينساب هادئا، رقيقا، ناعما، ولكن من قال إن تشيكوف كتب قصصه بلا تخطيط مبدئى.

«عين شمس»، عمل فريد فى نوعه، لا يشبه إلا نفسه، قد يبدو عفويا، يتهادى بقوة الدفع الذاتى، لكن، بعد مشاهدته، تكتشف أن البطوط رسمه بوضوح فى ذهنه، وكل ما فى الأمر أن مخرجه، وهو أيضا كاتب السيناريو مع تامر السعيد، استطاع بمهارة أن يدمج التسجيلى بالروائى، وتأملاته الذاتية مجسدة فى تعليقاته الصوتية بالواقع الموضوعى للناس والمكان، والأغنيات بالمواقف والوقائع، وجعل أداء ممثليه الجدد متسما بالصدق والطبيعية، وتحرر مع مصوره هشام فاروق إبراهيم من أسر البلاتوهات ليرصد، بحنو، البيوت والشوارع والوجوه البشرية، ونجح مع واضع الموسيقى المصاحبة، أمير خلف، أن يستخدمها كأداة وصل بين مشهد وآخر، وتعمد مع مونتيره، أحمد عبدالله، أن يبدو فيلمه أقرب للحالة، آهة طويلة، نابعة من القلب، تصل للقلب.

«عين شمس» اسم أحد أحياء القاهرة، له تاريخ موغل فى القدم، كان عاصمة لمصر فى أيام الفراعنة، والآن، أصبح مكانا مكتظا بالسكان، تتساند بيوته مع بعضها بعضا، كما يتساند الأهالى، و«عين شمس» هو أيضا اسم الطفلة الجميلة، المشاغبة، اللطيفة، التى تصاب باللوكيميا، شأنها فى هذا شأن الحى نفسه، المصاب بما يشبه السرطان، ذلك المرض المنتشر فى المأكل والمشرب والهواء، إحدى بطلات الفيلم، الطبيبة «مريم» تطالعنا فى البداية، وهى تزور العراق، الآلات الحربية المحترقة، المدمرة، والأطفال المنهكين، المرضى، والمستشفيات المتداعية، هكذا، بعدد من المشاهد التسجيلية ترصد ما حل بالأشقاء.

فى القاهرة، تزاول الطبيبة عملها، وتتوالى شخصيات الفيلم الحميمة، كل منها يتمتع بحضور قوى مهما كان دورها صغيرا: خال الطبيبة، رجل الأعمال الذى يعانى من ضائقة مالية، المدرسة التى تتمنى الزواج، الشاب الذى يريد الهجرة، والد «عين شمس» سائق التاكسى الذى يعرف مرض ابنته، والدتها التى ينفطر قلبها دون أن تصرخ أو تولول، الفيلم لا ينجرف أبدا فى تيار الميلودراما، يجسد الواقع المر لكنه يلتفت لمناطق القوة المتمثلة فى التساند، وفى لقطة عابرة داخل مشهد تسجيلى لقمع مظاهرة، زى متظاهرين يحملون جندى أمن مركزى بائسا مصابا بعيدا عن ميدان المعركة.. ترحل الطفلة عن عالمنا، لكن أنشودة «عين شمس» تؤكد أن والدىها أنجبا ولدا، أطلقا عليه اسم «عين شمس».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات