مصر.. فى بيروت - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر.. فى بيروت

نشر فى : الثلاثاء 11 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 11 يونيو 2013 - 8:00 ص

المصرى الجالس على أحد مقاهى شارع الحمرا فى بيروت، لابد أن يلتقى أصدقاء من هذا البلد العربى أو ذاك، وغالبا، بعد السلامات والقبلات، يبدأ الحديث بآخر جملة قيلت فى اللقاء السابق، الذى مضى عليه عدة شهور..

 

وبرغم أن المجتمعين من المعنيين بالشأن الثقافى والإبداعى، نقادا، شعراء، كتاب قصة، فإن السياسة تفرض نفسها فورا أو بعد قليل، وكيف لا؟ وأنت تشاهد أمامك عربات تخرج من نوافذها أعلام سوريا ولبنان وحزب الله، احتفالا بتحرير مدينة «القصير» الاستراتيجية من أيدى قوات مستترة الجنسيات، فإلى جانب «الجيش الحر» ثمة «النصرة» العراقى، و«القاعدة» مع القادمين من القوقاز وأفغانستان وتونس والجزائر، مع أتراك يشتبه فى عمالتهم لسلطة أسطنبول، المتعلقة بأهداب حلف «الناتو»..

 

فى المقابل، على النقيض، يرى البعض أن «القصير»، المدمرة، الخاوية من أهاليها، لم تتحرر، ولكن سقطت فى يد النظام الجريح، المترنح، الذى يخوض معركته الأخيرة، الدامية.. وفى عنوانها الرئيسى، فى الصفحة الأولى، كتبت إحدى كبريات الصحف «5 حزيران 2013: سقوط القصير». هكذا تربط الجريدة، بذكاء أو بخبث إن شئت الدقة، بين ما حدث فى «القصير»، ونكسة 5 يونيو 1967.

 

الموقف من الوقائع يختلف حسب زاوية الرؤية، وحسب انتماء الشخص المبدئى، وكالعادة، انتقلت المناقشات، التى تدخل فيها بعض رواد المقهى، من سوريا إلى الربيع العربى، وإلى خريف أردوغان، ــ النجم الذى سقط قناعه وبدت ملامحه متطابقة مع تقاطيع الرؤساء الفاشلين ــ إلى مصر، التى غدت، فورا، محور حديث لم أشارك فيه بقدر ما استمعت، مستمتعا، بكيفية رؤية الآخرين لنا، وما يدور عندنا.. وأول ما لاحظته، تلك البهجة التى انتشرت بين الجميع، خاصة حين أخذ البعض يردد النكات السياسية المنتشرة فى مصر، والتعليقات الساخرة على الشبكة الإلكترونية، والانفجار الإبداعى لفن الكاريكاتير.

 

قالت صحفية لبنانية، قادمة من مصر التى تحبها: لم أفهم لماذا ينقطع النور فى بلد كان، منذ فترة قصيرة، يصدر الكهرباء لبلدان مجاورة. واصلت: لم أقتنع بتلك الأسباب التى تتحدث عن نقص المازوت أو زيادة الاستهلاك أو عطب محولات، وكلها مسائل لا يمكن أن تؤدى إلى هذه الحالة المزمنة، وأضافت: «لمست حالة الاستحواذ المحموم التى يقوم بها الحزب الحاكم، ومحاولاته المتوالية لأخونة مفاصل الدولة، وطمس أنوار مصر الثقافية».

 

مؤرخ، ناقد سينمائى، علق بخبرة وذكاء على كلام الصحفية: أتذكر دائما أغنية «الشارع لنا» التى قدمها يوسف شاهين فى «عودة الابن الضال». إنها أغنية الشعب العظيم.. حين أعلن رئيس الجمهورية حظر التجول فى مدن القناة، نزل الناس إلى الشوارع، سهر طوال الليل ولعب شبابه كرة القدم، وانقلب السحر على الساحر، وفرض حظر التجول على من أصدر القرار، ولم يعد الرئيس يستطيع التجول فى المدن المذكورة، فضلا على الإسكندرية.. وحتى فى القاهرة، يتحرك موكبه كما لو أنه يهرب من مطاردة. الشعب يملك الشارع.

 

أما مسألة الأخونة، ومفاصل الدولة، والثقافة، فإن ما يحدث يستحق التأمل، فها هو وزير الثقافة المفروض، المرفوض من الشارع الثقافى. بملامح وجه متكدر، مترع بالضيق والهم والغم، لا يستطيع أن يفتتح مهرجانا أو معرضا، أو حتى يصل لمكتبه. المثقفون المصريون منعوه، والشعب المصرى يحاصر السلطة ويلتهمها.

 

لقد أحببت صورة مصر.. فى عيون اللبنانيين.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات