هل نستطيع أن نجرى انتخابات رئاسية حقيقية؟؟ - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 1:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل نستطيع أن نجرى انتخابات رئاسية حقيقية؟؟

نشر فى : الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 9:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 9:00 م
من أهم إنجازات 25 يناير هو دستور 2014 الذى يعتبر شبه معطل، ونريد أن نطبقه فى الانتخابات الرئاسية القادمة. 

فقد نص الدستور المصرى فى مواده الأربعة بدءا من المادة 208 مرورا بالمادة 211 على إنشاء المفوضية الوطنية للانتخابات اختصاصها ودورها ومما تتكون وطبيعة عملها. ونصت المادة 208 على أن «الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة، تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بدءًا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابى، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة. وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون».

وقد وافق مجلس النواب على مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات فى يونيو الماضى فى أجواء أشبه بالصامتة مجتمعيا، ودون طرح هذا المشروع للحوار المجتمعى خاصة حول المادة محل الخلاف وهى المادة 34 والتى تخص الإشراف القضائى على الانتخابات. وجرى التصويت فى حضور ثلثى أعضاء المجلس بعد حسم المادة 34 الخاصة بالإِشراف القضائى، والتى شهدت أزمة كبيرة بين نواب التشريعية والحكومة، انتهت بتمرير رؤية الحكومة فى أن يتم إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات من شهر يناير 2024، أى بعد 10 سنوات من العمل بالدستور فى 2014، حيث أصبحت نص المادة: «يتم الاقتراع والفرز فى الاستفتاءات والانتخابات، التى تجرى خلال السنوات العشر التالية للعمل بالدستور، والتى تنتهى فى السابع عشر من يناير 2024 تحت إشراف قضائى كامل، من أعضاء الجهات والهيئات القضائية، ويجوز للهيئة الاستعانة بأعضاء الجهات والهيئات القضائية بعد انتهاء هذه الفترة».

***

من جانب آخر ينص جزء من المادة 140 من الدستور المصرى «تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل» أى حوالى 4 شهور بمعنى أن البداية تكون فى فبراير القادم أى بعد أقل من 4 شهور!!! والمادة 142 من الدستور المصرى «يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكى المرشحَ عشرون عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تأييد أكثر من مترشح، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون». 

فيجب ألا يواجه أى منافس هجوما غير موضوعى بتهم ملفقة أو تهم مخلة بالشرف وهى فى حقيقتها غير ذلك. 

باختصار.. الانتخابات الرئاسية على المحك والمناخ العام غير ملائم لحدوثها ولابد من توافر ضمانات رئيسية إذا كنا بالفعل نريد أن نقيم تجرية ديمقراطية حقيقية ليس مشهدا مسرحيا يعطى فقط انطباعا زائفا للعملية الديمقراطية. وقد شهدت الأيام الماضية نقاشا على نطاق محدود بين الشباب وبين القيادات السياسية حول أهم وأبرز الضمانات التى من غيرها لن نستطيع أن نسمى ما سوف يجرى السنة القادمة «انتخابات». 

أولا: الضمانات الدستورية: ضرورة تعهد النظام السياسى فى مصر والتزامه بعدم المساس بالدستور الحالى، أو الإقدام على تعديله قبل الانتخابات الرئاسية، خاصة تلك المواد المتعلقة بالحقوق والحريات فيه، والمتعلقة بعدد سنوات ومدد الرئاسة. فتحديد سنوات ومدد الرئاسة فى الدستور المصرى وبخلاف كونها محصنة (أى لا يجوز تعديلها إلا بإعطاء المزيد من الضمانات) فإنها ملمح دستورى مشترك فى أى نظام ديمقراطى مستقر فى العالم، وهى ضمانة تضع قواعد أساسية للعبة السياسية لا يمكن التخلى عنها أو المفاوضة بشأنها، كسياق عام لأى عملية انتخابية ديمقراطية تنافسية تتم فيها عملية تداول سلمى للسلطة. 

ثانيا: لجنة الإشراف (الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات): لابد أن تتسم تلك الهيئة بالحيادية والنزاهة الكاملة والتجرد والاستقلال السياسى التام، بعيدا عن أى علاقة أو تدخل من السلطة السياسية، وضمان وجود إشراف قضائى كامل على تلك الانتخابات، بوجود قاض على كل صندوق، وعبر عملية لوجستية متفق على مراحلها وشكلها، تضمن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية بشكل كامل.

ثالثا: التحصين السياسى للمرشحين: بما يعنى وقف أى ملاحقات قضائية أو استهداف سياسى غير مشروع للمرشحين الرئاسيين، ووجود ضمانات سياسية لعدم تعرضهم لأى عملية استهداف أو إلحاق الأذى بهم.

***

رابعا: حرية الإعلام: بأن ترفع الدولة يدها عن فرض الرقابة السياسية على الإعلام والصحف، ورفع الحجب عن المواقع الإلكترونية التى تعبر عن المعارضة السلمية فى مصر للعمل، التى لم تحرض على أى فعل عنيف أو طائفى أو مشاعر كراهية.

وهنا تأتى أهمية تقديم ضمانات لأن يحظى المرشحون الرسميون للرئاسة بمساحات متكافئة عبر وسائل الإعلام الرسمية المختلفة التابعة أو الخاضعة لسيطرة للدولة. فلا يمكن الحديث عن وجود انتخابات نزيهة، دون توافر أداة رئيسية يستطيع المرشح وأنصاره النفاذ إليها بحرية واستخدامها فى الوصول إلى الجمهور لعرض برنامجه السياسى. 

خامسا: حرية المجتمع المدنى: وهو ما يعنى رفع التجميد والتهديد بالحبس والاعتقال فى قضايا وهمية الهدف منها فقط منع المنظمات المدنية الحقوقية الناشطة من القيام بدورها، حيث أنه لا يمكن الحديث عن وجود انتخابات نزيهة فى مصر، دون دور فاعل ومتابعة حاضرة وواسعة من قبل مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر، فلابد أن تقوم بدورها لكل فاعلية فى عملية المتابعة والتقييم عن قرب خلال كل مراحل العملية الانتخابية ومن إصدار التقارير ونشرها حول جميع تفاصيل العملية الانتخابية.

سادسا: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين: من التيارات المدنية والسياسية التى لم تتورط فى أية أعمال عنف، وضمان حرية العمل السياسى والحزبى المدنى فى مصر، ووقف أى عملية استهداف أو ملاحقة تتم للأحزاب السياسية أو أعضائها أو أنصار المرشحين المحتملين وأعضاء حملاتهم ووظائهم وممتلكاتهم المالية. إذ لا يمكن الحديث عن حرية عمل انتخابى، أو قيام الأحزاب والمرشحين بحملات تواصل مع الجماهير، بينما أعضاء وشباب تلك الأحزاب والحملات قد يكونون عرضة لأى عملية استهداف أمنى.

سابعا: إتاحة الفرصة أمام المؤسسات الدولية ذات المصداقية والتى تتولى متابعة الانتخابات فى أى بلد ديمقراطى من القيام بدور مماثل فى مصر، وإتاحة الفرصة أمامها لمتابعة إجراءت الانتخابات بما يضمن ارتقاءها للمعايير الدولية. وهو إجراء لن تنفرد به مصر، بل هو أمر إجراء يحدث فى كل دول العالم الديمقراطية. وتريد عبر هذا الإجراء أن تقدم رسالة للجميع حول سلامة ونزاهة العملية الانتخابية الديمقراطية بها وأنها ترتقى للمعاير الدولية.

دون هذه الضمانات من الصعب أن يكون هناك مناخ صحى عام عادل يتوافر فيه الحد الأدنى من النزاهة والشفافية للانتخابات الرئاسية القادمة.

 

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات