إعدام.. مسرح الفن - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إعدام.. مسرح الفن

نشر فى : السبت 10 يوليه 2010 - 10:41 ص | آخر تحديث : السبت 10 يوليه 2010 - 10:41 ص

 كأننا ضد المسرح، وتماما كما لو أن بيننا من يتبع سياسة القضاء على المرض عن طريق القضاء على المريض.. و«المريض» فى هذه الحالة، حسب تقارير رسمية، هو «مسرح الفن» الذى يديره جلال الشرقاوى، وأهم مظاهر هذا المرض تتلخص فى ثلاثة أمور: عدم توافر شروط الأمان، خاصة ضد الحريق. وبناء المسرح غير صالح من الناحية الإنشائية، ذلك أن السقف لا يرتكز على أعمدة، بالإضافة إلى أن المسرح لم يمنح ترخيصا بمزاولة نشاطه.. وبعيدا عن التشكيك فى مدى صحة هذا الكلام، وبافتراض أنه صادق وسليم، فإن السؤال الذى لابد أن يطرح هو: ألا يمكن معالجة تلك المآخذ؟.. أى: هل من المستحيل توفير شروط الأمان، على أفضل مستوى، وبكل المعايير الصارمة، فى المسرح.. ثم هل من العسير تدعيم العمدان التى يستند عليها السقف.. وهل من الصعب إصدار ترخيص بمزاولة نشاط المسرح، الذى يقدم عروضه منذ ثلاثة عقود؟

الإجابة تأتيك من قلب الواقع: لا.. فبدلا من أن يجتمع مندوب من كل جهة يهمها الأمر ــ وزارة الإسكان، الداخلية، الثقافة ــ مع جلال الشرقاوى، وأحد أعضاء نقابة الفنانين، لبحث كيفية علاج متاعب ومشاكل «مسرح الفن»، يجد أن قرارا، صدر ونفذ بإعدام «المريض»، وذلك بغلق أبوابه بالشمع الأحمر، وكأنه مقبرة غير صالحة للحياة.

عاشق المسرح، المتبتل فى محرابه، جلال الشرقاوى، لجأ إلى القضاء كى ينصفه، وهذا ما أتمناه، لكن لا أتوقعه، فالقضية لا تتعلق بالقانون بقدر ما تتعلق بثقافة مجتمع وتوجهات مؤسسات رسمية، فلو أن المسارح، بقيمتها الحضارية، حظيت باهتمام جاد من جمهور واسع، ولو كان المجتمع المدنى قويا بما فيه الكفاية، لما تم إغلاق «مسرح الفن» بمجرد قرار..

أما عن المؤسسات الرسمية، فإنها عودتنا على عدم تصديق وعودها، وإلا فأين ذهبت التأكيدات بأن الانتهاء من ترميم وتصليح وتجهيز المسرح القومى لن يستغرق أكثر من شهرين؟، وها هى نهاية السنة الثانية تقترب ولا يزال المسرح القومى صامتا منذ احتراقه فى 27 سبتمبر عام 2008، وهنا من المنطقى أن نتذكر بغضب يمتزج بالأسى ما حدث فى واقعة احتراق دار الأوبرا المصرية عام 1971، التى قيدت ضد مجهول، وصدرت تعليمات بإعادة بنائها، بذات الطراز المعمارى البديع، وتأكيدا لصدق الوعود، نشرت الصحف الرسمية أيامها صورة للرئيس أنور السادات، مبتسما برضاء وهو ينظر لنموذج مجسد لدار الأوبرا الجديدة، لكن المكان، سريعا، تحول، حسب وصف أحمد بهاء الدين، إلى «خازوق دميم»، معبأ بالسيارات، ونسى الأمر إلى أن عادت سيرته، على استحياء، عقب ما قيل عن التفكير فى هدم الخازوق الدميم كى يجرى بناء أوبرا جديدة.. غالبا، لن تشيد. إنها، فى تقديرى، لعبة، وراءها ما وراءها.. كذلك الحال بالنسبة لـ«مسرح الفن»، الذى يعمل البعض بحماس على إعدامه، بما يشبه القانون، وليس عن طريق حرقه.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات