الفلاح ومياه الرى - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 1:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفلاح ومياه الرى

نشر فى : الخميس 10 يونيو 2021 - 8:50 م | آخر تحديث : الخميس 10 يونيو 2021 - 8:50 م
تعتبر مياه الرى من الأمور الحيوية التى يعتمد عليها الفلاح فى الريف، فبدون المياه لا توجد زراعة، بل لا توجد حياة من الأصل.
وتعتمد مصر على الرى من مياه النيل، فمن جملة المياه العذبة الواردة لمصر المقدرة بـ 59.25 مليار م3 تنفق الزراعة 76.82% من تلك الكمية. وبما أن النيل يشكل 92.8% من المياه العذبة، فهو يصبح المصدر شبة الوحيد لزراعة الأراضى فى ربوع مصر.
والمعروف أنه فى مصر، قليلا هى الأراضى الزراعية التى تعتمد على مياه الأمطار أو السيول أو الآبار أو العيون، فالأمطار نادرة فى مصر، والسيول تخص مناطق محددة وتسقط فى أوقات بعينها، والآبار والعيون ترتبط بالخزان الجوفى ما يجعل جميع تلك المصادر تروى أقل من عشر المساحة المزروعة من الأراضى المصرية.
من هنا تعتبر مياه النيل أو الرى المباشر من الترع هى المصدر الأهم قاطبة لرى المحاصيل، لذلك كله وجب العناية بهذا المصدر حتى لا يستنزف، أو يستهلك فى غير الغرض المخصص له.
الكثير من الفلاحين يشكون دوما نقص مياه الرى، والكثير منهم تعرضت أرضه للبوار والشراقى بسبب شح مياه الترع فى أوقات معينة، لم يكن من الممكن أن يحى النبات بغيرها فى ذلك الوقت، خاصة فى المناطق غير المعتمدة على المصادر الأخرى كالآبار إلى جانب الرى السطحى.
لكل ما سبق، فإن مياه الرى تسبب للفلاح قلقا دائمًا، لذلك فهو ينتظر مع كل فجر يوم جديد فتح الأهوسة وجريان المياه فى الترع حتى يقوم برى أرضه، والتى عادة ما تروى مرة كل 10 أيام فى الصيف ومرة كل أسبوعين فى الشتاء، ما لم يقم بزراعة المحاصيل الشرهة للمياه كالأرز ثم القصب.
فى نهاية عام 2020 أطلقت مصر استراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، ضمن محاور الخطة القومية للموارد المائية (2037/2017) بتكلفة 50 مليار دولار كما تذكر الهيئة العامة للاستعلامات، ومن أهم المشروعات التى تقوم الوزارة بتنفيذها حاليًّا ضمن هذه الخطة المشروع القومى لتأهيل الترع، ومشروع التحول من نُظم الرى بالغمر إلى نُظم الرى الحديث، وبرامج التكيف مع التغيرات المناخية، والحماية من ارتفاع منسوب سطح البحر، ومشروعات حصاد الأمطار.
وكان رئيس الدولة قد أشار هذا العام إلى أهمية ضمان جميع عوامل لنجاح آليات التنفيذ لتحديث وتطوير نظم الرى على مستوى الجمهورية لرفع كفاءة إدارة مياه الرى وتخفيض فواقد نقلها، ومن هنا تم القيام بالبدء فى المشروع القومى لتبطين الترع ورفع كفاءة القنوات المائية الفرعية. هنا تجب الإشارة إلى أنه تم بالفعل، تبطين 8226 كيلومترا من الترع فى إطار المرحلة الأولى التى ستنتهى منتصف عام 2022 بتكلفة 18 مليار جنيه.
ضمن المخطط الحكومى أيضًا تدريب الفلاحين على أعمال تشغيل وصيانة أنظمة الرى الحديث وتوعيتهم إعلاميًا للتعريف بفوائد نظم الرى الحديث والذكية. هنا أيضا يشار إلى أنه فى 7 مايو الماضى أعلنت مصر تحويل نحو 285 ألف فدان لنظام الرى الحديث، بالإضافة إلى تقديم طلبات لتحويل 85 ألف فدان أخرى.
إحدى أهم الخطوات الأخرى لتوفير المياه للفلاح هى زراعة المحاصيل غير الشرهة للمياه، وهنا أصبح إحلال بنجر السكر بدلا من القصب واحد من تلك التجارب الناجحة. من الخطوات الأخرى، التوسع فى الرى بالرش والتنقيط، وحفر الآبار لكن بشكل منظم حتى لا يستنزف الخزان الجوفى، والاستفادة القصوى من مياه الأمطار والسيول فى المناطق الجافة التى تسقط عليها سنويًا، والعناية بفتح بوابات الترع بانتظام وبقدر عال من العدالة حتى لا يظلم البعض مقابل منح الآخرين حقوقًا أكبر، والتخلص من الحشائش وورد النيل ما يقلل الفاقد الكبير الذى يبلغ 35% من إجمالى المياه الورادة عند بحيرة السد بسبب تلك الحشائش وبسبب البخر وغيرها من الأسباب. من المهم كذلك الاستفادة من مياه الصرف الزراعى، وقد بدأت الحكومة فى ذلك العمل منذ عدة أشهر، عبر مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة.
وبطبيعة الحال، هناك خطوات خارجية مهمة، على رأسها إعادة إحياء مشروع قناة جونجلى لتوفير 7 مليار م3 ومشروع بحر الغزال لتوفير 7 مليارات م3 أخرى، وكذلك مشروع موشار بجنوب السودان لتوفير 4 مليار م3.
من خلال تلك الخطط والمشاريع وغيرها فإنه من الممكن أن يتم استيعاب الزيادة السكانية التى تعد المصدر الرئيس لنقص حصة المواطن من المياه، وسيكون كل ما سبق عائدًا همًا فى مشروع تطوير الريف المصرى.. وللحديث بقية.
عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات