نظيم شعراوى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظيم شعراوى

نشر فى : الأربعاء 7 يوليه 2010 - 10:37 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 يوليه 2010 - 10:37 ص
لم يأخذ دور البطولة مطلقا، لكن حضوره لا يمكن الاستغناء عنه، فهو فى أدواره الثانوية أو الهامشية، يمنح العمل نكهة الحقيقة، ويضفى عليه طابعا واقعيا.. ومنذ البداية، ساهم تكوينه الجسمانى الضخم، المتسق مع ملامح وجهه الواضحة، ذات اللون المصرى، فضلا عن صوته العريض، العميق فى اختياره لأدوار الرجال المتسمين بالقوة، والرسوخ، سواء كانت ذات طابع وطنى، مترع بالنبل، كما فى «فتاة من فلسطين» لمحمود ذوالفقار 1948، و«عمالقة البحار» للسيد بدير 1957، حيث يطالعنا كضابط فى الجيش المصرى، يبعث على الثقة والاحترام أو فى الأدوار ذات الطابع الشرير، خاصة فى العديد من أفلام صلاح أبوسيف، على رأسها «الفتوة» 1957، حين أسند له دور أحد مخالب تاجر سوق روض الفرج، لا يتوانى عن الدفاع عنه بكل شراسة.

نظيم شعراوى «1920 ــ 2010»، من ذلك الجيل الذى تعلم الكثير إبان التحاقه بمعهد التمثيل، برعاية من زكى طليمات، الأستاذ، الذى صقل مواهب طابور طويل من الفنانين: شكرى سرحان، عمر الحريرى، سناء جميل، توفيق الدقن، برلنتى عبدالحميد، وآخرين.. ولعل أهم ما استوعبه هذا الجيل، بفضل طليمات، يتمثل فى أمرين، أولهما الابتعاد عن الأداء الخارجى الصاخب، والاعتماد على الانفعال الداخلى الصادق، مع الاختصار والاختزال فى التعبير، ليس عن طريق ارتفاع الصوت ولكن عن طريق تلوينه.. أما الدرس الثانى، وربما الأهم، فيتعلق بالحضور الفعّال لأصحاب الأدوار الثانوية والهامشية والصامتة، فهؤلاء ليسوا قطع أثاث ثابتة أو ديكورات خرساء، ذلك أن متابعتهم اليقظة لما يدور حولهم وأمامهم، حتى لو كانوا صامتين، يمنح العمل قدرا كبيرا من الحيوية، ويرتفع بمستوى الأداء الجماعى.

بهذا الفهم الناضج، يقدم نظيم شعراوى عشرات الأدوار، فوق خشبة المسرح، وعلى شاشة السينما، فحين يجسد شخصية القاضى فى «شاهد ما شافش حاجة»، يتعمد بمتابعته، التى تجمع بين الدهشة والضيق والشفقة أن يبرز سذاجة «سرحان ــ عادل إمام»، المضطرب خوفا.. وطبعا، لا يمكن إغفال تلك اللحظات المتوهجة، التى تألقت به وهو يؤدى دور «أفندينا» فى «سيدتى الجميلة»، حين يراقص «صدفة.. شويكار»، وقد اشتعلت نظراته بالرغبة، الأمر الذى يرعب حبيبها «كمال ــ فؤاد المهندس». إنه أحد أسباب نجاح المسرحيتين، وارتفاع نجمى فؤاد المهندس وعادل إمام.

بعيدا عن المسرح والكوميديا، يحقق نظيم شعراوى، على شاشة السينما إنجازا مهما، يتمثل فى أدائه المتفهم، السلس، المقنع لرجل الأعمال الفاسد، القابع فى عمق أعشاش «طيور الظلام»، حيث يبدو نظيفا، أنيقا، مبتسما، كريما، وفى ذات الوقت، بركانا من الأذى، يكاد يخنق الجميع بحبل من حرير، وبأصابع الآخرين.. نظيم شعراوى، مثله كمثل ملح الأرض، يمنح الأعمال المشارك فيها، مذاقا محببا، ومحترما.

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات