عن الأراجوزات والشعب «اللى لابد فى الدرة» - حسام السكرى - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 3:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن الأراجوزات والشعب «اللى لابد فى الدرة»

نشر فى : الأحد 5 أكتوبر 2014 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأحد 5 أكتوبر 2014 - 8:45 ص

«ما تزعلش منى حضرتك.. انتو أراجوزات. لو ماشى فى الشارع وشفت أراجوز هتقف تتفرج واللا لأ؟.. هتتفرج طبعا.. تفتكر أى واحد من اللى فى الشارع دول بيصدق الإعلام؟ أبدا.. الشعب ده مش عبيط.. بيتسلى.. بس لابد فى الدرة» هذه كلمات الأستاذ مجدى، المحامى والمحكم الدولى. التقيت معه بشكل عفوى فى نهاية العام الماضى، أثناء تصوير برنامج لم يقدر له الخروج على الشاشة المصرية اسمه «الضيف الرابع».

تذكرته عندما حللت ضيفا فى برنامج خصصه الأستاذ مجدى الجلاد للحوار حول وضع الإعلام، مشاركا الأصدقاء: الكاتب محمد فتحى، المذيع أسامة كمال، والأستاذ علاء الكحكى صاحب قنوات النهار، إضافة إلى الأستاذ فايز بيومى المحاسب، ممثلا للجمهور. وقد أسفت لأن الوقت لم يتسع لنقل درجة الانزعاج التى يشعر بها المشاهدون فى مصر، من الحال الذى انتهت إليه برامج التليفزيون. فى الشارع التقيت وبشكل عشوائى مع كثيرين، كان منهم الحاج محمد الشهير بشحتة. عامل مطعم أضرب تماما عن مشاهدة التليفزيون ولم يعد يتابع سوى القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية مثل روسيا اليوم، بى بى سى، دويتشه فيله، فرنسا 24 لأنه لم يعد يصدق ما يقوله الإعلام المصرى.

يشاركه فى الإحساس بعدم الثقة الأستاذ عيد، الذى يعمل على «خزنة» مقهى زهرة البستان. أضرب عيد تماما عن مشاهدة برامج التوك شو، وصار من قناعاته الأكيدة أن المذيعين الذين أكلوا على موائد كل نظام، هم المستفيدون الحقيقيون من كل ما جرى، فيما وصفه بصراع السلطة. تضخمت ثرواتهم وزادت رواتبهم وأثروا على حساب الناس.

أما الست بطة التى تبيع الخبز بالقرب من ميدان طلعت حرب فى القاهرة، فتشعر بالانزعاج من الملاسنات والشتائم التى صارت من لوازم المهنة، وتتمنى ألا يشارك الإعلام فى دفع الناس لمزيد من الإحباط.

الشواهد كثيرة وهى ليست نادرة. فى لقاءاتى العفوية مع الناس فى الشوارع، لم أعثر على شخص واحد يثنى على ما يقدمه إعلامنا. بل التقيت ببعض من تجاوزوا الإعراض عن المشاهدة، إلى حد إزالة القنوات المصرية تماما من أجهزة الاستقبال، لأنهم يشعرون بانزعاج بالغ من مجرد وقوع أعينهم عليها بالصدفة، أثناء تقليب المحطات بالريموت كونترول.

من الإيجابيات ربما، أن نشهد هذه الأيام صحوة تمثلت فى الندم ومراجعة للذات انعكست فى البرنامج الذى شاركت فيه، وفى مقالات منها ما كتبه الجلاد معربا عن «كسوفه»، وما تبعه من أصداء مماثلة فى برامج شردى ومصطفى الحسينى وغيرهما، إضافة إلى ملفات صحفية أعدت على عجل لترصد سقطات الإعلاميين.

ما يقلقنى فى هذا كله أنه لم يحدث بدافع الخجل من الضحايا الحقيقيين من المشاهدين المنكوبين بإعلام لا يتحرى الحقيقة، وينزلق إلى التدليس حينا وإلى التحريض والتشويه والعنصرية أحيانا.

هذه الوصلات من الندم والاعتذار كانت موجهة لمشاهد واحد هو الرئيس السيسى، وعقب انتقادات سمعها منه الإعلاميون فى أحد لقاءاتهم. أما الذين طالت معاناتهم، مثل الحاج شحتة، والست بطة، والأستاذان عيد ومجدى المحامى فلم يعتذر لهم أحد، ولا يوجد ما يشى بأن أحدا قد أدرك حجم الجريمة المستمرة التى تمارس فى حقهم كل يوم. فلايزال عرض الأراجوزات مستمرا، ولايزال الجمهور «لابد فى الدرة».. ربما إلى حين.

التعليقات