انعكاسات مشاركة القائمة العربية فى الحكومة الإسرائيلية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الإثنين 13 مايو 2024 7:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انعكاسات مشاركة القائمة العربية فى الحكومة الإسرائيلية

نشر فى : الإثنين 5 يوليه 2021 - 7:45 م | آخر تحديث : الإثنين 5 يوليه 2021 - 7:45 م
نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة تحليلا عن المشاكل التى تواجهها الأقلية العربية داخل إسرائيل، كما تناول التحليل التحديات التى تقف عائقا أمام القائمة العربية الموحدة للدفاع عن مصالح عرب إسرائيل وذلك بعد أن أصبحت جزءا من الائتلاف الحكومى الإسرائيلى... جاء فيه ما يلى.
شهدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة المعروفة بـ«حكومة التغيير» ائتلاف العديد من التيارات السياسية المتباينة، والتى اتفقت على تحقيق هدف واحد، وهو الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلى السابق بنيامين نتنياهو.
وتمثل التطور البارز فى تشكيل هذه الحكومة فى مشاركة العنصر العربى فيها لأول مرة فى تاريخ إسرائيل، بل وتمكنت «القائمة العربية الموحدة» الإسلامية، بقيادة منصور عباس، من لعب دور مهم فى تمرير الحكومة الائتلافية بقيادة نفتالى بينيت، وهو ما جنَّب إسرائيل مأزق خوض انتخابات خامسة. وستكون لهذا التطور تداعياته المباشرة، سواء على صعيد وضع المكون العربى داخل إسرائيل، أو على الصعيد المجتمعى والسياسى بإسرائيل.
أزمات عرب إسرائيل
يمثل المكون العربى أكثر من 20% من سكان إسرائيل، ينتمى أكثر من 80% منهم إلى الدين الإسلامى، ونجحوا فى الحصول على 10 مقاعد برلمانية بالكنيست، وفقا لآخر انتخابات، غير أن الأحزاب العربية غير موحدة. وتعانى هذه الأقلية المشاكل التالية:
1ــ عمق الانقسامات المجتمعية: يتمتع عرب إسرائيل بحقوق وامتيازات تفوق تلك التى يتمتع بها الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة، غير أن العديد منهم يعتبرون أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية. كما تواجه الحكومة الإسرائيلية اتهامات من المؤسسات الحقوقية بانتهاجها سياسات اضطهاد وتمييزا عنصريا ترقى إلى وصف ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين والفلسطينيات والأقلية العربية بإسرائيل.
كما أنه مع تصاعد سياسات الاستيطان الإسرائيلى وأحداث حى الشيخ جراح، وممارسات بعض المستوطنين المتطرفين واعتدائهم على الممتلكات العربية الخاصة، وكذلك الأماكن المقدسة، وصولا إلى المواجهات العسكرية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية فى مايو الماضى، اندلعت عمليات عنف متبادلة بين عرب ويهود إسرائيل، وهو ما كشف عن حجم الاحتقان الداخلى.
2ــ انقسام الولاءات: تواجه التيارات العربية والإسلامية داخل إسرائيل مأزقا، فهى تفاضل إما بين الحصول على حقوقها المدنية عبر الاندماج فى النظام السياسى والمجتمعى الإسرائيلى، أو أن تتمسك بالهوية العربية القومية لا الهوية المدنية فى إطار الدولة الإسرائيلية.
وتعجز الأحزاب والتيارات العربية الإسلامية بإسرائيل عن تكوين جبهة تتسق فى موقفها بشأن المشاركة السياسية والتعامل مع النظام السياسى الإسرائيلى، فثمة تيار مؤيد للمشاركة السياسية، وثمة تيار فكرى آخر ينادى بالمقاومة والجهاد ويُعادى الصهيونية وتأسيس الدولة الإسرائيلية.
وانعكس ذلك الخلاف على الأحزاب العربية، وهو ما وضح فى خوض القائمة العربية الموحدة والقائمة المشتركة الانتخابات بقائمتين منفصلتين، وهو ما ساهم فى تفتيت أصواتها فى الانتخابات الأخيرة وخسارة 5 مقاعد بالكنيست بعد انقسامها لفريقين هما القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس التى حصدت 4 مقاعد، والقائمة المشتركة التى تضم ثلاثة أحزاب عربية برئاسة أيمن عودة وحصلت على 6 مقاعد.
3ــ مدى دمج المكون العربى: يأتى ذلك فى الوقت الذى يتعهد فيه رئيس الحكومة بينيت بتوحيد الأمة، إذ أشار خلال كلمته فى الكنيسيت أثناء جلسة منح الثقة للحكومة إلى محورية دور منصور عباس والتعويل عليه لفتح صفحة جديدة مع المكون العربى.
وللمرة الأولى، أسُندت حقيبة وزارية إلى وزير عربى وهى حقيبة التعاون الإقليمى، وكُلف بها عيساوى فريج من حزب ميرتس اليسارى. ويؤمل أن يؤدى هذا التطور إلى تعزيز الاندماج السياسى والمجتمعى للمكون العربى والاعتراف بشرعيته، بما قد يؤدى على المدى الطويل إلى تحسن العلاقات بين العرب واليهود داخل إسرائيل.
تحدى القائمة العربية
على الرغم من نجاح القائمة العربية الموحدة فى أن تكون جزءا من الائتلاف الحكومى فى إسرائيل، فإنه من غير الواضح، ما إذا كانت ستنجح فى الدفاع عن مصالح عرب إسرائيل أم لا بالنظر إلى العوامل التالية:
1ــ صعود اليمين المتطرف داخل إسرائيل: يتنامى صعود اليمين المتطرف داخل إسرائيل، حتى مع رحيل نتنياهو عن رئاسة الحكومة، فهو لايزال يتزعم الليكود اليمينى الذى يهيمن مع حلفائه على 59 مقعدا بالكنيست، وسيظل له دور مؤثر فى صنع السياسات الإسرائيلية وفى تحريك الأغلبية المؤيدة له بالشارع الإسرائيلى.
كما أن رئيس الوزراء الحالى بينيت، المنشق عنه، ينتمى لليمين المتطرف أيضا، وله سجل من التوجهات المتطرفة المعادية للمكون العربى، وإن كانت التقديرات تشير إلى إمكانية تحجيم بينيت لتلك التوجهات على المدى القصير على الأقل خشية تفكك الائتلاف الحاكم وإسقاط حكومته الوليدة.
2ــ محاولة تمرير قانون «لم الشمل»: يأتى أول اختبار للعلاقات العربية ــ الإسرائيلية داخل الكنيست بعد أيام من تأسيس الائتلاف الجديد، حيث من المقرر مناقشة تمديد العمل بقانون «لم الشمل» لعام آخر. ويقضى هذا القانون المعمول به منذ عام 2003 بوقف عمليات لمّ شمل العائلات الفلسطينية التى يحمل أحد الزوجين فيها الهوية الإسرائيلية، فى حين يحمل الآخر الهوية الفلسطينية، على العيش سويا داخل مناطق الخط الأخضر والقدس.
وفى حين تؤيد الأحزاب اليمينية والوسطية المشاركة فى الحكومة، فإن الأحزاب اليسارية والعربية ترفضها. ومن المتوقع أن يستغل الليكود بقيادة نتنياهو هذا القانون للمزايدة على بينيت، ودفع بعض أحزاب الائتلاف الحكومى للتصويت عليه بما يحدث انقساما داخل الائتلاف الحكومى مع اليسار والتيار العربى الذى يقوده عباس، خاصة أن الليكود يصر على تحويل القانون إلى قانون دائم ويضغط للتصويت لصالحه.
3ــ مدى تحقيق المطالب العربية: أعلن عباس أنه لا يمانع التعاون مع أى تيار يحكم إسرائيل سواء من اليمين أو اليسار طالما سيحقق مطالب العرب بالحصول على المزيد من الدعم وتوفير الخدمات للمدن العربية الإسرائيلية، وهو الاتفاق الذى أنجزه مع بينيت، حيث حصل على وعود بتخصيص نحو 16 مليار دولار على مدى خمس سنوات لصالح خطط التنمية ومعالجة أزمة الإسكان ومكافحة العنف والجريمة المنظمة. ومن غير المعروف مدى وفاء حكومة بينيت بهذه المطالب.
سيناريوهات مستقبلية
بعد نجاح التيار العربى الإسلامى فى الوجود بالائتلاف الحاكم فى إسرائيل، يمكن تقدير سيناريوهين أساسيين لذلك التطور، والذى يتمثل فى التالى:
1ــ تعزيز دمج عرب إسرائيل: يعتقد البعض أن إدماج حزب عربى فى الحكومة الإسرائيلية سيكون له تأثير إيجابى طويل الأمد على الدولة الإسرائيلية واستقرارها وشرعيتها وتجانس مكوناتها عبر تعزيز فرص مشاركة عرب إسرائيل فى الحكومة الإسرائيلية، ومن ثم تمكينهم من الدفاع عن حقوقهم، أو تحسين وضعهم داخل إسرائيل.
2ــ انسجام مؤقت: يرى آخرون أن الائتلاف الحكومى القائم سيكون مؤقتا فى ظل تصاعد اليمين الإسرائيلى المتطرف الذى ينتمى إليه رئيس الحكومة بينيت، بالإضافة إلى تعرضه للمزايدة من قبل الليكود، بما قد يمثله ذلك من قيد على الحكومة الإسرائيلية وتجاوبها مع المطالب العربية. وفى هذا الإطار، يشير آخرون إلى أن المهمة الرئيسية للائتلاف الحكومى هى التخلص من نتنياهو، وفور تحقيق ذلك، من خلال محاكمته فى قضايا فساد، على سبيل المثال، فإن إسرائيل قد تتجه لانتخابات مبكرة لإنتاج حكومة أكثر تجانسا من منظور أيديولوجى.
ولذا يبقى تبنى الأطراف المعنية نهجا برجماتيا، وتجاوز الملفات الخلافية، والتماهى مع بعض المطالب العربية المشروعة هى التى ستحدد وضع العرب فى النظام السياسى الإسرائيلى، ومدى جدوى مشاركتهم من عدمها، كما يبقى التساؤل قائما حول مستقبل مشاركتهم فى الحكومة الإسرائيلية إذا غاب تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق نتنياهو.

النص الأصلى:

التعليقات