نسيم الأمل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 9:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نسيم الأمل

نشر فى : الأربعاء 5 مايو 2010 - 10:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 مايو 2010 - 10:15 ص

 فيما يشبه الاحتجاج، جاءت الأفلام الروائية القصيرة، المشاركة فى مسابقة المهرجان القومى للسينما المصرية، وهى أفلام صنعها شباب واعد، يتمتع بروح نقدية واعية، فضلا عن تمكن واضح فى لغته الفنية، الأمر الذى أبهج لجنة التحكيم، وجعلها ــ برغم ارتياح ضميرها ــ تحس بدرجة ما من الإحساس بالألم، من أجل تلك الأفلام البديعة التى لم تفز بجوائز، ذهبت لمن يستحقها عن جدارة، فهكذا النتائج غالبا: أعمال جيدة تتوارى وراء أعمال أكثر جودة، من وجهة نظر لجنة التحكيم بالطبع، وليس بالضرورة أن تكون وجهة النظر تلك هى الحقيقة المطلقة.

فيلمان، على الأقل، يستحقان التأمل، والإشادة، وإن لم يفوزا بجوائز. بينهما أواصر ترفع من شأنهما، يتعرضان، باعتراض حازم وناعم، ضد ذلك القمع المعنوى المحيط بالبنت المصرية: «أحمر باهت» لمحمد حماد عن سيناريو لمحمود فرج. و«قرار إزالة» الذى كتبه وأخرجه شاب جديد، سيكون له شأن، اسمه «محسن عبدالغنى».

«أحمر باهت» يقدم فتاة فى مقتبل العمر، لم تتجاوز العشرين من عمرها، تعيش مع جدتها بعد سفر والديها، حلا فى عينيها ألوان الملابس الداخلية المبهجة، وبتردد، تشترى ملابس داخلية لونها أحمر. تنزعج الجدة من اللون، تسألها باستنكار عما سيقوله الناس إذا شاهدوا هذه الملابس منشورة بعد غسلها؟ تطلب من حفيدتها أن تقوم بغليها مع الكلور كى تفقد لونها.

تذعن الشابة الصغيرة. يصبح اللون فعلا أحمر باهتا. ولا يفوت الفتاة أن تضع ملاءة بيضاء فوق حبال الغسيل. فيلم رقيق، بسيط وعميق، يهتم بالتفاصيل النفسية الدقيقة التى ترتسم على وجه بطلة الفيلم، مثل خجلها أمام بائعة الملابس، وإحساسها بالذنب، من دون مبرر، أمام جدتها.

أما «قرار إزالة» فإنه يتلمس تجربة فتاة فى عمر زميلتها، بطلة «أحمر باهت». إنها هنا، تكتشف أن الشعر بدا واضحا على ذراعيها، تقرر، حين تخلو الشقة من أسرتها، إزالة هذا الشعر. تقف أمام الموقد. تضع السكر والليمون فى وعاء وتشعل النار. جارتها، الفضولية، تطرق الباب وتسألها عن تلك الرائحة التى تفوح من عندها. البنت ترتبك. الجارة، بنظرات إدانة، تسألها عن والدتها، وما إن تعرف أنها خارج البيت حتى يتجلى فى عينيها ذلك الوميض المزعج الذى يلتمع عندما يظفر الصياد بضحية.

يزداد إحساس البنت بالحيرة الممتزجة بالذنب، وتبدو كأنها ارتكبت فعلا مشينا، تماما مثلما كان الحال عند زميلتها فى «أحمر باهت». تطفى الموقد، تصب ما فى الوعاء فى حوض المطبخ. تجلس على الأرض، مغلوبة على أمرها، تنتظر خائفة من انكشاف ما فعلته.

«أحمر باهت» و«قرار إزالة»، يتدفقان برهافة، ينبئان بمولد مخرجين سيلمعان مع الأيام، مع توالى أعمالهما، وهما ــ الفيلمان ــ عينة من إبداعات جيل جديد، يمنحنا بسخاء، نسيم الأمل.




كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات