أيام القلق! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 8:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيام القلق!

نشر فى : الجمعة 4 أغسطس 2023 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 4 أغسطس 2023 - 8:15 م
أصعب ما يمكن أن تخلفه أى أزمة اقتصادية خانقة، كالتى تعيشها مصر فى الوقت الراهن، هى تلك الأيام القلقة التى تمر على مواطنيها وحكومتها، من دون أن تبدو فى الأفق ملامح انفراج حقيقى يرسخ حالة من اليقين والأمل فى المستقبل.
فالمواطنون الذين يكابدون مرارة الوضع الاقتصادى، يشعرون بقلق مضاعف فى كل وقت.. كلما نزلوا الأسواق مخافة من سياط الأسعار التى تلهب ظهورهم.. كلما جلسوا تحت المراوح بحثا عن نسمة هواء فى هذا الصيف الخانق خشية انقطاع الكهرباء.. عندما يذهبون إلى الصيدليات ولا يجدون الدواء الضرورى لبقائهم على قيد الحياة.. ويخافون من الاستيقاظ على وقع قرارات حكومية قد تعصف بعملتهم ومدخراتهم البسيطة التى يعتمدون عليها لمواجهة أعباء الحياة الصعبة.
فى المقابل، تجد الحكومة نفسها فى خضم حالة قلق أكبر وترقب بالغ، نظرا للزيادة المستمرة فى أرقام الديون، خصوصا مع «ارتفاع إجمالى الدين الخارجى إلى نحو 165.4 مليار دولار بنهاية مارس الماضى مقابل 162.9 مليار دولار فى ديسمبر الماضى بزيادة قدرها 2.4 مليار دولار فى 3 شهور»، وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى.
تشعر الحكومة بالقلق خشية عدم الالتزام بجدول سداد الديون المزدحم، لاسيما وأن «إجمالى الفوائد والأقساط المستحق سدادها خلال النصف الثانى من عام 2023 يُقدر بـ11.327 مليار دولار»، وذلك وفقا لتقرير الوضع الخارجى للاقتصاد المصرى الصادر عن البنك المركزى.
كذلك تدرك الحكومة أن عليها الاستعداد لمواجهة ثلاثة مخاطر تمويلية محتملة، منها إمكانية خفض التصنيف الائتمانى للبلاد فى الفترة المقبلة، مما يعرقل قدوم استثمارات أجنبية جديدة، والتخفيض المتوقع للعملة من أجل تخطى المراجعتين الأولى والثانية مع صندوق النقد الدولى، والمرجحتان فى شهرى سبتمبر وأكتوبر المقبلين، وتوقف اتفاقية تصدير الحبوب بين روسيا وأوكرانيا مما سيؤدى إلى مضاعفة فاتورة الاستيراد، وفقا لبنك الاستثمار الأمريكى «مورغان ستانلى».
أيضا يجب على الحكومة أن تشعر بقلق مضاعف، بعدما اتضح أن أحد «إنجازاتها الكبيرة»، وهى حل أزمة الكهرباء، قد سقطت فى اختبار «قيظ صيف»، تأبى درجة حرارته فى أن تهدأ، ما تسبب فى ارتفاع منسوب الشكوى والتذمر والسخط لدى المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعى.
هنا مكمن الخطر الحقيقى، الذى ينبغى على الحكومة الالتفات إليه وعدم تجاهله، ونعنى بذلك أن استمرار حالة القلق لدى الكثير من المواطنين، يمكن أن يتسبب فى إحداث تراكم للغضب والنقمة فى النفوس، جراء غياب السياسات والرؤى الواقعية، التى تسمح بتحقيق عبور آمن من هذه المرحلة الصعبة وتحدياتها الضخمة والكفيلة بتهديد استقرار وأمن أى دولة على سطح الكرة الأرضية.
أولى الخطوات التى ينبغى على الحكومة اتخاذها للخروج الآمن من هذه الأزمة، هو العمل على استعادة ثقة المواطنين وتهدئة مخاوفهم وقلقهم من المستقبل، عبر سياسات وقرارات واعية ومتوازنة تراعى ظروفهم المعيشية القاسية ولا تحملهم مزيدا من الأعباء الحياتية، وفى الوقت نفسه الشروع بشكل جاد فى معالجة الاختلالات الهيكلية الخطيرة فى جسد الاقتصاد المصرى، وتصحيح الأخطاء التى وقعت فيها خلال الفترة الماضية.
كذلك يجب على الحكومة لجم شهيتها المفتوحة للاقتراض من الخارج، إلا فى أضيق الحدود وللضرورة القصوى، مثلما طالبت بعض الأصوات فى جلسات المحور الاقتصادى للحوار الوطنى، والبحث عن حلول حقيقية لهذا الملف الذى قد يتسبب فى تداعيات خطرة للغاية على استقرار الدولة المصرية.
أخيرا، ينبغى على الحكومة ترشيد سفرها الداخلى إلى الساحل الشمالى لعقد اجتماعها الأسبوعى، تقليلا لنفقات المواكب الرسمية فى ظل هذه الأزمة الطاحنة، وضبط تصريحات بعض مسئوليها، التى تزيد من غضب ونقمة المواطنين وترفع من ضغطهم، مثل قول أحدهم: «اللى بره بيحسدنا على اللى إحنا فيه».. مثل هذه التصريحات الاستفزازية بالطبع، تباعد المسافة بين الشعب والحكومة وتطيل من أمد أيام القلق التى تعيشها البلاد.
التعليقات