جيش الإنقاذ - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 11:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جيش الإنقاذ

نشر فى : الثلاثاء 4 مارس 2014 - 6:05 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 4 مارس 2014 - 6:05 ص

فى ظنى أن إدارة «المهرجان الوطنى للفيلم المغربى»، وجدت نفسها فى مأزق فإما أن تمنع دخول «جيش الإنقاذ» فى التسابق، وحينها سيصبح المهرجان فى مرمى نيران جماعات حقوق التعبير عن الرأى بمؤازرة دوائر فرنسية وإما أن توافق على عرض الفيلم مما سيؤدى بالضرورة إلى حركة احتجاجات شعبية لا أحد يعرف مداها بكياسة، خرجت الإدارة من المأزق بأقل خسائر ممكنة: عرض الفيلم فى الحفلات الأخيرة للمسابقة وبالتالى لا تغضب أنصار حرية التعبير من ناحية ومن ناحية أخرى تتحاشى اتاحة الوقت الكافى لتنظيم صفوف المنزعجين من الفيلم ومخرجه المشاكس المثير للجدل عبدالله الطايع.

ولد فى سلا 1973 داخل أسرة فقرية متعددة الأفراد محافظة بل ربما متزمتة وحاول تعلم اللغة الفرنسية قراءة وكتابة نجح فى مسعاه سافر إلى فرنسا عام 1992 لفت له الأنظار مع صدور أول أعماله «حمرة الطربوش» 2004 ثم «جيش الإنقاذ» 2006 و«يوم الملك» 2010 التى حصل بها على جائزة «فلورن الأدبية». رواياته تعكس جوانب من حياته الشاقة الضنينة فى حوارى المدينة البائسة. وإذا كانت «يوم الملك» قد أحدثت صدمة بحضور الملك الحسن شخصيا فى صحائفها على نحو غير مسبوق فى الأدب المغربى سواء المكتوب بالعربية أو الفرنسية فإن الصدمة الأشد جاءت حين أعلن عبدالله الطايع بوضوح فى أكثر من حديث صحفى أو تلفازى أنه «مثلى» جنسيا ودافع بلا تردد عن مثليته وهاجم القوانين التى تعاقب المثليين.

اعتمادا على رواية «جيش الإنقاذ» حقق الطايع فيلمه المذكور بتمويل من شركات فرنسية وسويسرية وعرض فى مهرجان البندقية بإيطاليا وتورينتو بكندا وفاز بالجائزة الكبرى فى مهرجان «أن جيرسى» الفرنسى المخصص للأفلام الأولى مناصفة مع فيم «نجوم» للفرنسية ديانا كاى.

الطايع يبدأ فيلمه بصفعة سينمائية شديدة الإيلام بطله الفتى أو الشاب الصغير عبدالله ــ بأداء أمين الناجى ــ فى طريقه لشراء الخبز يلتقيه عامل بناء يسحبه من رسخه يتجه به إلى مكان مهجور العامل يسند عبدالله إلى حداد يقف خلفه يطأه الشاب الصغير مستسلم تماما كما لو أنه تعود على ذى مشهد فظ يلجأ إلى التصريح الفج المباشر ويؤكد مع مواقف لاحقة على ذات المنوال أن عبدالله يستمرئ الأمر أى أن المخرج، المؤلف لا يقدم بطله كضحية ولكن كشخص «مثلى» يمارس ما يمارسه بإدارته كاملة.

فى البيت تبدو العلاقات قائمة متوترة تعيسة. الأب، طاغية مهزوم لا يتوقف عن التدخين غاضب وحزين وأثناء الليل يستيقظ عبدالله فزعا على صوت مقاومة خلف باب مغلق. الفتى مع بعض أفراد الأسرة، يطرق الباب.. إحدى البنات تجهش بالبكاء ووالدها بالداخل.. ما الذى يجرى.. صانع الفيلم يتعمد هذه المرة ألا يبوح بالسر فقط يوحى بأن شيئا ما خارج المنطق والإنسانى والمألوف يدور فى الخفاء وفى الصباح حين يقترب عبدالله فى «طبلية» الإفطار ترفض الأم جلوسه وسط شقيقاته إنها محافظة على نحو بالغ الرعونة.

تتوالى مشاهد الفيلم على هذا المنوال الذى يكشف الأجواء الخانقة التى يعيشها البطل مع إهمال تام لمعظم المحيطين به.. وبعد تسكع فى أحداث ومواقف يقرر عبدالله الهجرة إلى حيث أرض الحرية كى يصبح ذاته ويعيش حياته بعيدا عن أرض الموت وفعلا بعد محاولات مضينة يتنفس براحة عقب وصوله جينيف فى طريقه إلى باريس ليعيش بين زملائه المثليين الذين يعتبرهم جيش الإنقاذ.

الفيلم ضعيف فنيا جارح أخلاقيا أثار حفيظة الجميع فبينما هتف الجمهور ضده وأحاط الأمن بالمخرج عقب ندوة متفجرة كى يخرج سالما من صالة الندوات كتب النقاد مقالات منددة بعضها يصف الفيلم بألفاظ نابية من نوع «أردأ وأبشع وأقود وإشنع.. و.. وأقحب فيلم فى تاريخ السينما الكونية» وكتب آخر شاتما «لعن الله الناكح والمنكوح».. والآن بعد أسبوعين من انتهاء المهرجان لا يزال «جيش الإنقاذ» يثير الزوابع.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات