زيارة جديدة لشهادة أبو الغيط عن حرب أكتوبر - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 11:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

زيارة جديدة لشهادة أبو الغيط عن حرب أكتوبر

نشر فى : الثلاثاء 3 أكتوبر 2023 - 9:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 أكتوبر 2023 - 9:45 م
أكاد أجزم أننى قرأت كل الكتب العربية التى صدرت عن حرب أكتوبر، والكثير الذى صدر بالإنجليزية أو ترجم عن العبرية. خلال سنوات طوال كانت المكتبة العربية تفتقد إلى كتب من تلك النوعية التى تضعك فى سياقات متعددة للعمل العسكرى الذى انطلقت شرارته بعد ظهر 6 أكتوبر 1973، فى هذا الإطار لسنوات طوال ظل الكتاب المرجعى للأستاذ محمد حسنين هيكل «أكتوبر 73 السلاح والسياسة» وحيدا فى المكتبة العربية الذى يسلط الضوء على مجرى الحوادث على جبهات القتال، وعلى ما كان يجرى فى كواليس السياسة، إلى أن أصدر السيد أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كتابه المرجعى أيضا «شاهد على الحرب والسلام» فى سنة 2013، فأضاف لبنات جديدة مبهرة فى هذا المضمار الذى ينظر إلى الصراع من مختلف جوانبه ويطل عليه من مختلف جبهاته.
فى زيارتى الأخيرة لكتاب السيد أبوالغيط مرت ببالى لثوانٍ معدودات خاطرة تشبثت بها، كتبت فى وصفها للوهلة الأولى أننى أمام «صدفة تاريخية»، وهى أن ينطلق الصلب الرئيسى لكتاب «شاهد على الحرب والسلام» و«أكتوبر 73 السلاح والسياسة» من مكتب الفريق حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى المصرى خلال حرب أكتوبر.. فشاءت مقادير الله أن تمنح أبوالغيط فرصة لا تتكرر كثيرا فى حياة المولعين بالعسكرية مثله وهى أن يكون دبلوماسى فى قلب المطبخ العسكرى والاستراتيجى خلال الحرب كأحد معاونى حافظ إسماعيل والذى كان مكتبه على بعد خطوات قليلة من مكتب الرئيس السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة فى قصر الطاهرة الذى كان يتابع منه مسار الحرب وتطوراتها.. وهيكل كان خلال فترة الحرب شديد القرب من السادات، واللقاءات بينهما تجرى صباحا ومساء حتى فى حجرة نوم الرئيس، على حد ما كتب «الأستاذ» فى الكثير من كتبه.
الحق أننى استبعدت «موضوع الصدفة» وقلت إننى أمام رجلين كبيرين (أبوالغيط وهيكل)، لعب كل منهما دورا فى تاريخ وطنه، وأن هذين الكبيرين استغل كل منهما الفرصة التى أتيحت له وميزه بها الله عن غيره بوجوده داخل المطبخ الاستراتيجى لإدارة عمل عسكرى ضخم فى لحظة مفصلية من تاريخ مصر والعرب الحديث ولم يبخل على تاريخ بلاده بتسجيل ما شاهد وما راقب وما عايش.. كل من موقعه.
لذلك كله أعتبر أن كتاب «أكتوبر 73 السلاح والسياسة» و«شاهد على الحرب والسلام» وقبلهما كتاب «أمن مصر القومى فى عصر التحديات» لحافظ إسماعيل بترتيب صدورهم أهم الكتب التى تناولت الحرب بمفهومها الشامل، على الأهمية العظمى للكتابات التى تناولت الجهد العسكرى وحده من خلال ما كتبه قادتنا العظام الذين أداروا العمليات الحربية، أو ما كتبه نجوم الدبلوماسية المصرية عن الجهد الدبلوماسى للخارجية المصرية خلال هذه الحرب.
لمن لا يعرف الوزير أبوالغيط سيكتشف من خلال كتابه أنه ذو ثقافة عسكرية رفيعة منذ نعومة أظفاره، مكنته من الحديث إلى الفريق صدقى محمود قائد سلاح الطيران ويحذره من ضرب طائراتنا وهى جاثمة فى مطاراتها قبل حرب 1967م، كما يستطيع أن ينقل تخوفاته تلك وهو طالب فى الجامعة إلى الفريق عبدالمنعم رياض، صديق والده، اللواء الطيار.
عمل أبوالغيط بالقرب من حافظ إسماعيل مكنه من الاطلاع على ما يدور على جبهات السلاح بدقة متناهية، وكذلك ما يدور على جبهات السياسة ثانية بثانية، بما فيها الرسائل المتبادلة بين إسماعيل (نيابة عن السادات) وهنرى كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة، وهى القناة السرية التى كان يخاطب الرئيس الأمريكان من خلالها (وهى صلب كتاب هيكل). تسجل يوميات الدبلوماسى الشاب أبوالغيط ملاحظاته بعد بدء عبور قواتنا إلى الضفة الشرقية لقناة السويس يوم 6 أكتوبر ما يلى: «لا أصدق السرعة التى يمر بها العبور رغم حجم القوات، التقارير المتواردة إلينا من الجيش تقول إن وجود القوات حاليا هو فى حدود 2000 ياردة، وتقديرى انه يجب توسيع العمق، وإلا فسوف يهدد العدو رأس الكوبرى، الجميع بدأ يستشعر التفاؤل إلا أننى من جانبى آخذ جانب الحذر، وهو المنهج الأنجح فى مثل هذه الصدامات المسلحة»، وعلى هذا النحو يسجل الرجل يومياته فى مراحل الحرب المختلفة، على مدى 13 فصلا، قبل أن ينتقل فى القسم الثانى للحديث عن السلام.
التعليقات