سفينة أبو الغيط - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 7:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سفينة أبو الغيط

نشر فى : الأحد 3 يوليه 2016 - 8:25 م | آخر تحديث : الأحد 3 يوليه 2016 - 8:25 م
بدا لى الدبلوماسى المخضرم، أحمد أبوالغيط، الأمين العام الجديد للجامعة العربية، صباح أمس وهو يدخل ردهات الأمانة العامة بخطواته الواثقة، كربان قديم متمرس، يقدم على قيادة سفينة يعلم أن الرياح العاتية تحاصرها من كل اتجاه، وأن قراصنة أشداء لن يدخروا وسعا أو جهدا للتضييق عليها وعرقلة حركتها فى بحر متلاطم من المشكلات، فضلا عن أن الموجودين على متنها (الشعوب العربية) قد فقدوا الثقة فيها، وفى قدرتها على النجاة بهم من كل هذه الأخطار المحدقة بهم؛ بالنظر لتجاربهم السابقة معها.

بدأ أبوالغيط أمس ممارسة مهام منصبه الجديد، فى توقيت بالغ الصعوبة والدقة، ذلك أن أعمدة النار تحاصر الفضاء العربى – تقريبا – من كل اتجاهاته الاستراتيجية الرئيسية؛ فالمطل على الخريطة العربية سيجد الدخان يتصاعد من شمالها الشرقى، حيث تقع سوريا، التى أصبحت معرضة لخطر التقسيم، فى ظل أطماع إقليمية تركية وإيرانية فى موقعها الاستراتيجى، ناهيك عن أنها باتت حلبة مصارعة لاستعراض النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا، التى تعمل بقوة على تثبيت أقدامها شرق المتوسط.

إذا نظرت إلى الجوار السورى، حيث الحدود الشرقية للعالم العربى ستجد العراق، الذى أضحى يجاهد للاحتفاظ بهويته العربية التى أصبحت مهددة بفعل التأثير الإيرانى الفارسى الحصرى فى شئونه الداخلية، وفى ظل محاولات تركية للحيلولة دون عودة ذلك البلد العربى المهم لسابق قوته، وسط غيبة عربية ملموسة عن التأثير فى بلاد الرافدين.

وإذا انعطف بصرك غربا ستجد ليبيا التى باتت معرضة للتقسيم أكثر من أى وقت مضى؛ فالمطل على الأوضاع الداخلية لهذا البلد العربى مترامى الأطراف، سيجد صعوبات كثيرة فى إمكانية الوصول إلى حكومة مركزية قوية بإمكانها السيطرة على نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع خالية إلا من نحو 7 ملايين نسمة!. كل ذلك بخلاف القضية الفلسطينية التى تراجع حجم الاهتمام بها بمعدلات غير مسبوقة منذ النكبة سنة ١٩٤٨م؛ بسبب تراجع القدرة العربية.

الرابط الجامع بين المآسى العربية فى سوريا والعراق وليبيا هو توحش تنظيم «داعش» الإرهابى الذى يحتفظ بنقاط ارتكاز استراتيجية وحاكمة فى البلدان الثلاث، وهو الخطر الذى يرى الأمين العام، أحمد أبوالغيط – فى حوارات ممتدة لى معه بعد انتخابه أمينا عاما للجامعة العربية فى مارس الماضى ــ أنه «الخطر الأول الذى يجب أن يتم حشد القوى العربية للخلاص منه»، وهو توصيف دقيق جدا من الناحية الاستراتيجية؛ فلا معنى لمحاولة محاصرة أعمدة النار المشتعلة فى هذه البقاع العربية الثلاث من دون القضاء على هذا التنظيم الوحشى، الذى «لن يسمح وجوده ــ ناهيك عن فاعليته ــ لا باستقرار ولا بإعادة إعمار ولا بإعادة بناء عملية سياسية تضم جميع أطياف ومكونات كل بلد من هذه البلدان، توطئة لانطلاقه نحو المستقبل».

ورغم كل هذه الرياح المعاكسة والشريرة التى تواجه السفينة العربية فى آن واحد، إلا أن الربان أبوالغيط يصر على النجاح، ورهانه فى ذلك، سنوات خبرته الممتدة فى دهاليز الدبلوماسية العربية والدولية، ويقينه بأن الرغبة فى التضامن العربى لم تمت بالكلية، وفى هذا الصدد فهو يراهن فى إعادة الروح للعمل العربى المشترك، على مجموعة من الدول يسميها «ائتلاف القوى العربية التى لديها الرغبة والقدرة على فتح طريق التضامن»، والتى تضم: مصر والامارات والسعودية والجزائر والمغرب والأردن، والتى يرى أنه بإمكان هذه الدول أن تكون بمثابة القاطرة التى تسحب – وربما تشجع – بقية الدول العربية على تحقيق التضامن العربى المنشود، الذى يشدد أبوالغيط على أن الطريق الوحيد لتحقيقه «تقديم مصالح الوطن العليا على أية مصالح آنية ضيقة».

وفى الختام نقول للأمين العام الجديد: الظروف التى يمر بها العالم العربى تفرض عليك الاستفادة بالصلاحيات التى منحها لك ميثاق الجامعة بأعلى سقف ممكن، ولعلى أتجاسر عندما أطالبك – كمواطن عربى – بأن تتجاوز هذا السقف، بالمبادرة واقتحام المشكلات التى ترى أن منسوب التوافق عليها سيكون محدودا، فلا تنظر – أو تتوقف ــ أمام حسابات ضيقة لحاكم عربى هنا أو هناك.. بل اضبط بوصلتك فى اتجاه مصلحة العالم العربى كله من محيطه إلى خليجه، فى هذه اللحظات العصيبة من عمر هذه الأمة.

kaboubakr@shorouknews.com
التعليقات