خلطة يوسف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خلطة يوسف

نشر فى : الأربعاء 3 فبراير 2010 - 9:32 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 فبراير 2010 - 9:32 ص

 كالعادة، أراد خالد يوسف أن يقدم عملا شديد التميز، ينبهر به الكبار، ويشيب من هوله الولدان، وهو طموح مشروع، ولكنه ليس متحققا بالضرورة، خاصة حين تكون المادة التى بين يديه فقيرة، باهتة، فعندئذ يلجأ مخرجنا الذكى، بفطنته المعهودة، إلى خليط من أساليب تتنافر أكثر مما تتناغم، وبالتالى يترنح الفيلم ما بين الكوميديا الخشنة، والميلودراما المزيفة، بالإضافة لأغنيات ورقصات، مع شىء من النقد الخفيف، الآمن، ولا بأس من شذرات لأطفال فى طريقهم لإدمان مخدرات، وحضور مجرم خارج توا من السجن، ولا يفوته حشد مئات الكومبارس، كى يبدو العمل كبيرا، مهيبا.

فى «كلمنى.. شكرا»، يعود خالد يوسف إلى عالم العشوائيات والمهمشين، الذى توغل فى أحراشه، بنجاح، عدة مرات، وتمكن، فكريا وفنيا، من أن يبين بجلاء قوانين إنتاج المتطرفين والبلطجية والمنحرفات، ولكنه، فى هذه المرة، تعثر وتوقف عند السطح، فأمام ديكور متكرر، يذكرك بديكورات المسارح، تتحرك شخصيات كارتونية، أحادية الجانب، يدفعها الفيلم قسرا لتصرفات بعيدة عن المنطق، ولا تتلاءم معها، فمثلا، ثمة رجل عجوز صامت، نصف معتوه، لا يتوقف عن ملازمة واحتضان شاب رفيع، له صلعة بشعة، نصف مجنون، وهى علاقة تثير دهشة حتى بطل الفيلم، عمرو عبدالجليل، الذى يسأل المرة تلو المرة، عما يربطهما سويا. وهناك فتاة تؤدى دورها «حورية فرغلى»، تعرض جسدها، عاريا، على شاشة الكمبيوتر، نظير كروت شحن. ولما تذهب للخارج، تجد نفسها معرضة للانخراط فى أعمال منافية للآداب، فتنتابها نوبة شرف، وتعود إلى وطنها بدموع منهمرة، والأدهى أن شرير الفيلم، غريم البطل، بأداء «شادى خلف»، يغدو فجأة، وبلا مبرر، مناصرا لـ«عمرو عبدالجليل».

«كلمنى.. شكرا»، اعتمد كاتبه، سيد فؤاد، على ما يشبه الإسكتشات، تتورم وتتراكم أكثر مما تنمو وتتطور، بعضها يتعلق بـ«عمرو عبدالجليل»، وبعضها من نصيب بطلة الفيلم «غادة عبدالرازق».. «عمرو»، فى أدائه، لايزال مكبلا بذات الطريقة التى ظهر بها من قبل: مسحة التخلف معززة بخلط الكلمات وتهشيم حروف الكلام، الأمر الذى يعنى أنه يسير فى طريق مسدود، وهو هنا يعمل فى مجالات النصب، ومنها تمثيل مشاهد مزيفة فى برامج تليفزيونية تزعم أنها تسجيلية، وفى أحدها يطلب منه صفع والدته «شويكار» لكن قلبه لا يطاوعه، وعندما تسجعه ينخرط معها فى بكاء لا يقنع أحدا.. إنها «إسكتشات» داخل «الإسكتشات».. أما غادة عبدالرازق، فإنها، طوال الفيلم، لا تتوقف عن الصراخ والجعير، تؤدى دور امرأة فالتة العيار، تنتقل من رجل لآخر، ولا تتوقف عن الشجار معهم جميعا، ولا بأس فى هذا، ولكن المشكلة عندها أنها لم تدرك بعد أن الأداء التمثيلى هو ضبط الانفعال وليس تضخيمه وإطلاقه. وربما جاءت طريقتها هذه بإيعاز من خالد يوسف، كى تتمشى مع خلطته السيئة المذاق، هذه المرة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات