عيون مفتوحة.. لا ترى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 8:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عيون مفتوحة.. لا ترى

نشر فى : السبت 2 أكتوبر 2010 - 11:04 ص | آخر تحديث : السبت 2 أكتوبر 2010 - 11:04 ص

 فكرة كبيرة، عميقة ومبتكرة، يتضمنها فيلم «عائلة ميكى»، المتواضع إنتاجيا وفنيا، والذى تدور وقائعه خلال يوم واحد، بشخصيات تنتمى لإحدى أسر الطبقة المتوسطة: الجدة بأداء رجاء حسين ــ كفيفة، تكاد تكون وحيدة برغم أنها تعيش مع ابنتها وأحفادها، فالكل مشغول عنها، لا يتبادلون معها كلمة واحدة، اللهم إلا ابنتها، لبلبة، التى فى عجلة دائمة من أمرها، فهى ترعى زوجها، وأبناءها الخمسة، فضلا عن التزاماتها الوظيفية الحساسة، مديرة للشئون القانونية فى مصلحة حكومية، ترى فى نفسها درجة من الفطنة تجعلها تشم رائحة الكذب على بعد كيلومتر، وترى أنها نجحت فى تربية أولادها على أكمل وجه.. والدليل على هذا اقترابها من الفوز بجائزة «العائلة المثالية» التى تنظمها إحدى قنوات التلفاز.

يسير الفيلم فى خطين، أقرب إلى متابعة الاكتشافات، أحدهما بعيون الأم ــ لبلبة ــ التى تتبين أنها لا تعرف شيئا عن الجوانب الخفية فى حياة أبنائها، والثانى نراه نحن، الجمهور، حيث ندرك ما لا يخطر على بال الأم.. إنها لا تصدق، فى البداية، أن ابنها «المعجزة»، يرسب بانتظام فى السنة الثانية بكلية الهندسة، ويشيع أنه فى السنة الرابعة. ولكنها تتأكد من خيبة «المعجزة» بعد زيارة الكلية.. تصدم، حين تكتشف أن ابنها الكبير، ضابط الشرطة الحديث التخرج، يستخدم سيارتها الخاصة التى زعم أنها معطلة..

تثور، بتعقل عندما تعلم أن ابنتها تهرب، أحيانا، من المدرسة، مع زميلاتها.. تتألم بسبب إصابة ابنها، التلميذ الإعدادى، بجرح فى رأسه، لأنه ــ حسب زعمه ــ انزلق على الأرض أثناء مباراة كرة قدم.. أما الطفل «ميكى» فالشكوى من شقاوته، تأتى من الجميع.. وفى لحظة صدق وحيرة، تتساءل الأم، بعيون لبلبة التى يزحف على شرايينها اللون الأحمر، وقد اغرورقت بالدموع: هل أنا سعيدة حقا بهذه العائلة؟

أما نحن، الجمهور، فنرى ما لا تراه الأم: ابنها الضابط الخائب تنشل منه «طبنجته» داخل تخشيبة قسم الشرطة.. «المعجزة» يقضى أيامه فى التدخين ولعبة الـ«بلاى ستيشن». البنت لا تتوقف عن ممارسة علاقاتها مع غرباء من خلال «النت». التلميذ يكاد يتحول إلى مشروع بلطجى، وما أصابته فى رأسه إلا نتيجة مشاجرة مع زملائه، الطفل، يمارس الشر بلا تردد، والأدهى أن الضابط يحضر فتاته إلى الشقة، فى غياب الأم، مطمئنا إلى عدم إبصار الجدة، كذلك الحال بالنسبة للبنت المراهقة، التى تستقبل فى الشقة، فتى من شذاذ الآفاق.. وعلى طريقة مسرح «الفودفيل» يتابع الفيلم لعبة الاختباء والظهور، ومخاطر انكشاف المستور، على نحو يكاد يتحول إلى ما يشبه «الفارص» أو الكوميديا الهزلية، فصديقة الضابط تتسلل من حجرة لأخرى، وصديق البنت يكمن مذعورا تحت سرير ويقبع ساكتا فى الحمام. وبعد طول تلكؤ، قبل إعلان نتيجة المسابقة، يقوم مندوب لجنة التحكيم، طالبا منهم مائة ألف جنيه للجنة كرشوة لأن «الأسرة المثالية» ستكسب ربع مليون جنيه، ومن دون تردد يوافق الأب والأم على الصفقة المشينة. هنا ندرك أننا، الجمهور، بعيوننا المفتوحة لم نر أو ندرك الحقيقة.

«عائلة ميكى» فكرة متميزة كتبها صاحب «أوقات فراغ»، عمر جمال، لم يستطع صوغها فى سيناريو متماسك، واعتمد المخرج، أكرم فريد، على ممثلين جدد، لم يستكملوا أدواتهم بعد، وبالتالى بدا الفيلم مهما وباهتا فى ذات الوقت.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات