«فى حرب».. فيلم يعكس أزمة اجتماعية كبرى فى فرنسا ويمهد لثورة على «العولمة» - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:41 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«فى حرب».. فيلم يعكس أزمة اجتماعية كبرى فى فرنسا ويمهد لثورة على «العولمة»

خالد محمود
نشر في: الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 - 11:47 م | آخر تحديث: الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 - 11:47 م

المخرج ستيفان بريزيه يدين بالصورة تكوين الثروات على حساب اليد العاملة.. وبطله لاندون يكافح من أجل البقاء


يشكل المخرج الفرنسى ستيفان بريزيه مع نجمه المفضل فانسان لاندون فى فيلم «فى حرب» حالة اشتباك كبرى بين ثلاثة أطراف هى القضية الساخنة التى يطرحها والأداء الثرى الملىء بالتحدى لأبطاله، والجمهور الأوروبى الذى ظل يلهث مع الحكاية التى بدأت وانتهت على نفس الدرجة من سخونة الأحداث وسرعة الإيقاع.
يروى الفيلم قصة مناضل نقابى يدعى لوران اميديو يقود ألفا ومائة عامل للوقوف فى وجه إغلاق مصنعهم الذى يتخصص فى قطع غيار السيارات، حيث تحاول إدارته الألمانية تصفيته فجأة، ونجدهم وهم فى حالة غضب يناضلون بشكل سلمى فى ظل عدم وجود شبكة أمان اجتماعى لحماية أسرهم وتقرير المصير على الرغم من انهم وافقوا على العمل ساعتين إضافيتين بدون مقابل، حيث الإدانة الكاملة للمأزق الرأسمالى كمجتمع خال من العواطف.
المخرج هنا يطرح ــ بقسوة وجرأة ولغة سينمائية مفعمة بمشاعر غضب ــ قانون السوق وآلياته الجديدة، والمأزق الرأسمالى، وتجىء صورة المد والجزر فى مفاوضات أصحاب المصنع والعمال لتكشف عن لغة سينمائية حيوية تجعلك وكأنك أحد أطرافها وتعيش الحدث بكامل وجدانك، بينما ترفض الإدارة التزحزح عن قراراتها إلا بعد انتهاء مسألة الإضراب والعودة إلى العمل أولا والدخول فى مفاوضات بشروط جديدة.
ترصد الكاميرا مشاهد لتظاهرات الصراع بين الإدارة والطبقة العاملة على طريقة كاميرات القنوات التلفزيونية، لرصد واقعهم المرير وهم أمام ماكيناتهم، ووسط آلية عبثية للمنافسة الدولية بين الشركات الكبرى التى تضارب بعضها البعض على حساب اليد العاملة. المشهد يعكس صورة اجتماعية تبرز بدون شك الاحتجاجات والإضرابات التى تهز فرنسا، وأن بعض الشركات ليست فى أحسن ظروفها، وأن الأجواء مشوبة بنوع من حرب غير معلنة، فهو طرح أزمة بلد.
تحل كاميرا بريزيه محل كاميرات القنوات التلفزيونية بعد التقاطها بعض المشاهد الظاهرية عن الصراع بين الإدارة والطبقة الكادحة. وهو يصور الحدث كما لو كان يصور الأحداث أثناء حدوثها فى الوقت الحقيقى، فنبقى مع المخرج لرصد واقع العمال المرير فى مواجهة ماكينة عبثية لا تأبه بالمسئوليات العائلية التى على عاتقهم، وسط منافسة دولية طاحنة بين الشركات الكبرى، حيث تصور انفاس كواليس الكفاح وقاعات الاجتماعات وطاولات التفاوض والنقاشات المحتدمة وكأنه نقل حى لوضع راهن ومستمر.
وكأن المخرج بريزيه يفتش فى حقيقة ما تبرزه الصور الاعلامية وبالطبع التساؤل: ما الذى سبق أن مهد لهذا العنف المفاجئ، وأى من الأطراف كان وراء هذا المشهد الذى نتج عنه الشعور بالظلم واليأس، وهو ما ظهر جليا فى مشاهد المواجهات بين أعضاء النقابات أنفسهم ثم بينهم وبين الإدارة، لترصد شرخا كبيرا فى المجتمع الفرنسى.
ونشاهد الطريقة التى يتحدث بها لوران مع رفاقه عن أرباب العمل الذين يصنعون ثرواتهم على حساب الطبقات العاملة، فى الوقت الذى بدأ يتسلل إلى رفاقه الاحساس باليأس، بينما تردد الإدارة كلمات عن الموازنة المالية والعولمة وواقع السوق، وكأن الصورة برمتها تمهد لثورة على تلك العولمة، أو «الأخطبوط الكبير» ودق ناقوس الخطر.
يمكن أن نعتبر الفيلم ــ الذى اتخذ شكلا أقرب للوثائقى ــ عملا سياسيا، من منطلق القضية العامة التى يتناولها، لكنه فى النهاية شاهد على نظام فى حالة انسجام على مستوى سوق المال، لكنه عكس ذلك على المستوى الإنسانى أى أن البعد الاقتصادى فى مواجهة البعد الإنسانى. وفى صراع الأطراف كل له مبرراته ومصالحه ورؤيته للموقف والمشاهد له أن يختار إلى أى جهة ينحاز، وعلى الرغم من أن العمل يبدو مثير للاكتئاب لكنه واقعى جدا، وبدون شك ساهمت الكاريزما الكبيرة التى غلفت الأداء الرائع للنجم ستيفان لاندون، فى وصول رسالة العمل وفى قتاله حتى النهاية ضد الشركة العالمية، وهى الشخصية التى تقفز به نحو مكانة خاصة بين نجوم السينما الفرنسية.
ففى عدد من المشاهد القليلة تظهر الدولة عبر شخصية مستشار الإليزيه فى دور الحكم، الذى يكتفى بإعلان تضامنه مع العمال والموظفين بعد إقراره بالعجز أمام لعبة السوق الحرة، كما كانت هناك عدة مشاهد تلفزيونية توثق لأحداث فى السياق الدرامى، منها مشهد يطارد فيه الموظفون مدير «إير فرانس» ويمزقون قميصه.
بريزيه يقترب هنا من عالم المخرج كين لوتش وبول جرينجراس اللذين صورا من قبل محنة العمال.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك