مزاعم مسئول إسرائيلي سابق لجيروزاليم بوست.. جنوب لبنان وصيدا وصور أراض يهودية

الأحد 24 نوفمبر 2024 - 6:45 م

«جنوب لبنان من وجهة نظر تاريخية هو فى الواقع شمال إسرائيل.. وجذور الشعب اليهودى فى هذه المنطقة عميقة».

هذا ما يدعيه نائب مدير الاتصالات فى حكومة بنيامين نتنياهو سابقا مايكل فرويند، فى مقاله المنشور فى صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية بتاريخ 17 نوفمبر، وبعنوان «جنوب لبنان هو فى الواقع شمال إسرائيل»، معتبراً أنّه «حقيقة تاريخية مهمّة يبدو أنّ كثيرين قد نسوها ومن الجدير تسليط الضوء عليها فى هذا الوقت الذى تقاتل فيه قوات الدفاع الإسرائيلية لتطهير جنوب لبنان من إرهابيى الحزب»، بحسب زعمه. ما يتطابق مع حديث النخبة الإسرائيلية عن «نهر الأوّلى»، كخطّ حدود قد تصل إليه القوات الإسرائيلية فى اجتياحها. ويستند إلى «سفر التكوين» فى هذا المعطى المُستجد.

فرويند هو مؤسّس ورئيس منظّمة «شافى إسرائيل/إسرائيل العائدة» (Shavei Israel/Israel Returns)، وهى منظّمة مقرّها القدس تبحث عن القبائل المفقودة فى إسرائيل و«اليهود المختبئين» الآخرين الذين يسعون إلى العودة إلى المشروع الصهيونى، ويساعدهم.

وبالتالى ليس مستغربا أن يدّعى أنّ «الحدود الحالية بين إسرائيل ولبنان لا يزيد عمرها عن قرن من الزمان ومصطنعة تماما، وهى من بقايا زمن رسم فيه المستعمرون الأوروبيون خطوطا على الخرائط وهم يشربون زجاجة براندى فى غرفة يغطّيها دخان السجائر». ويضيف: «من الناحية التاريخية، جنوب لبنان هو فى الواقع شمال إسرائيل، وجذور الشعب اليهودى فى المنطقة عميقة. وسواء كان من الممكن أو ينبغى أن تترجم هذه الحقيقة الآن إلى واقع سياسى، فهى مسألة أكثر تعقيدا، لكن لا يمكن إنكار علاقتنا بهذه الأرض».

«صيدا وصور جزء من أرض كنعان»

يستشهد لتبرير ادعائه أن جنوب لبنان كان «فى العصور التوراتية جزءا واضحا من أرض إسرائيل»، بما يزعم أنّه ورد فى سفر التكوين (10: 19) الذى يقول: «كانت حدود كنعان تمتدّ من صيدا إلى جرار فإلى غزة، ثمّ نحو سدوم وعمورة وأدما وتزيفيم إلى لاشا». ويضيف أنّ البطريرك التوراتى يعقوب بارك أبناءه الاثنى عشر، قبل وفاته مباشرة، وكانت البركة التى منحها لزبولون الابن العاشر (ومؤسس سبط زبولون)، أنه «  ستكون زفولون عند شاطئ البحر وتكون مرفأ للسفن، وتمتد حدودها نحو صيدا» (سفر التكوين 49: 13).

كما يدّعى فرويند أنّ سفر يشوع (13: 6) يذكر صراحة أنّ صيدا وُعدت للشعب اليهودى، وأنّ «حدود قبيلة آشر امتدّت إلى صيدا»، (19: 28). بل إنّ المدراش (بريشيت رباح) (39: 8) يقول إنّه «فى صور (التى تقع الآن على بعد 19 كيلومترا شمال الحدود الإسرائيلية) وعد الله إبراهيم بأرض إسرائيل». وينقل المدراش عن الحاخام لاوى قوله: «عندما مرّ إبراهيم عبر آرام النهرين وآرام ناحور، رآهم يأكلون ويشربون ويفرحون. فقال: «ليت نصيبى لا يكون فى هذه الأرض». وعندما وصل إلى رأس صور، رآهم منهمكين فى إزالة الأعشاب الضارّة فى موسم إزالة الأعشاب الضارّة، وفى الحرث فى موسم الحراثة. فقال: ليت نصيبى يكون فى هذه الأرض. فقال له القدّوس تبارك اسمه: لنسلِك أعطى هذه الأرض» (سفر التكوين 12: 7).

«مقامات يهودية» فى جنوب لبنان!

وتزعم نظرية فرويند المستجدّة على النقاش السياسى، أنّ هناك «أدلّة» على ارتباط اليهود بالمنطقة فى «أماكن مقدّسة» مختلفة و«مقابر الصالحين» فى جنوب لبنان. ويعدّد منها الآتى أشهرها:

أولا: قبر زبولون فى صيدا، الذى كان لقرون مكانا للحجّ لليهود من جميع أنحاء المنطقة وخارجها. «ففى القرن السادس عشر، وفقا لفرويند، «زار الحاخام الإيطالى موشيه باسولا القبر وكتب عنه. وفى منتصف القرن الثامن عشر، قال الحاخام يوسف سوفر إنّ العائلات كانت تجتمع وتقيم وجبات احتفالية بجواره. ووصف الحاخام ناتان من بريسلوف تجربة روحية ملهمة فى قبر زبولون. وعندما زار السير موسى مونتيفيورى إسرائيل فى القرن التاسع عشر، ذهب أيضا إلى هناك لرؤية القبر».

ثانيا: قبر شخصيّة توراتية أخرى هى أهولياف بن أحيساماخ، الذى ساعد بتسلئيل فى بناء المسكن فى الصحراء. وبحسب فرويند «يقع فى قرية سجود فى جنوب لبنان». وينقل عن عالم الآثار الإسرائيلى تسفى إيلان قوله إنّ «مكان دفن أهولياف كان موقعا مهمّا للحجّ اليهودى خلال الفترة العثمانية. كما كان العرب المحلّيون يقدّسون الموقع ويقولون إنّه قبر «نبى يهودى». وحتى أوائل القرن العشرين، اعتاد اليهود فى صفد السفر إلى القبر لأداء عادة «أبشرين»، وهى أوّل قصّة شعر للصبى، التى تتمّ بشكل شائع الآن فى ميرون».

ثالثا: قبر النبى التوراتى صفنيا بن كوشى الذى يقع فى قرية جبل صافى اللبنانية. وقد تكهّن البعض بأنّ اسم القرية مشتقّ من اسم النبى الذى دفن هناك.

رابعا: يقع أحد أقدم المعابد اليهودية (كنيس) فى العالم فى حارة اليهود فى صيدا. وقد بُنى قبل ما يقرب من 1,200 عام فى عام 833، ويُعتقد أنّه بُنى على موقع بيت عبادة يهودى أقدم يعود تاريخه إلى فترة وجيزة بعد تدمير الهيكل الثانى. وعلى الرغم من أنّه لم يعد يستخدم بسبب هجرة معظم اليهود اللبنانيين خلال الحرب الأهلية فى البلاد من 1975 إلى 1990، إلا أنّه يظلّ شهادة صامتة على الوجود اليهودى الطويل الأمد فى المنطقة.

كيف انفصل جنوب لبنان عن إسرائيل؟

هذا السؤال يطرحه فرويند، ويجيب: يعود أصل هذا الانقسام، إلى ما قبل قرن من الزمان، حين توصلت بريطانيا وفرنسا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية إلى اتفاقية سرّية فى عام 1916 أُطلق عليها اسم اتفاقية سايكس بيكو، التى قسّمت فعليّاً جزءاً كبيراً من الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ بين لندن وباريس. وتمّ بشكل أساسى رسم خطّ على الخريطة، وكانت هذه الخربشة بمنزلة الحدود بين إسرائيل ولبنان كما نعرفها اليوم.

يشير فرويند أخيرا إلى أنّه تمّ فى وقت سابق من هذا العام تأسيس منظّمة إسرائيلية تسمّى أورى تسافون (استيقظ يا شمال) بهدف تشجيع الاستيطان اليهودى فى جنوب لبنان، ودعت الحكومة إلى التحرّى فى هذا الشأن. ويعتبر أنّه «بينما قد ينظر البعض إلى هذه الفكرة على أنّها بعيدة المنال، يجب التذكير أنّه قبل قرن واحد فقط كانت فكرة الدولة اليهودية ذات السيادة بعيدة المنال أيضا. ففى نهاية المطاف، تميل أحلام اليوم إلى التنبّؤ بواقع الغد، وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط».

 

ترجمة إيمان شمص

موقع أساس ميديا اللبنانى

النص الأصلى

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2024 - جميع الحقوق محفوظة