الجيل Z مدمن للذكاء الاصطناعى.. والفجوة الرقمية فى تزايد

الأحد 23 يونيو 2024 - 7:10 م

ستُكتب بكالوريا 2024 فى السجل الذهبى؛ فلأول مرة، قام طلاب السنة الثالثة من التعليم الثانوى فى الثانويات الجزائرية بمراجعة الاختبارات والتحضير للبكالوريا هذه السنة بشكل كبير بفضل الذكاء الاصطناعى: فنحو 35٪ من الشباب الجزائرى يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعى لمراجعة دروسهم وامتحاناتهم، وتكشف دراسة أجرتها المؤسسة الناشئة المجتهدون  (startup Elmoujtahidoun) بين الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 20 عامًا.

بعد ثمانية عشر شهرًا من إطلاق ChatGPT، أصبح الثانويون الجزائريون مدمنين للذكاء الاصطناعى التوليدى، إذ استخدمه 70٪ منهم فى الأشهر الثمانية الماضية، وفقًا لتلك الدراسة، إذ «أصبح استخدام الذكاء الاصطناعى يوميًا لأكثر من مستخدِم واحد من كل ست طلبة».

لم يكن روبوت المحادثة ChatGPT من OpenAI مفاجئًا، إذ قال أكثر من نصف المستجيبين لهذه الدراسة إنهم يستخدمونه «لقد أصبح رد فعل للشباب».

ويأتى فى المركز الثانى My AI، روبوت الدردشة المدمج فى الشبكة الاجتماعية Snap-Chat، المدعوم بتقنية GPT من OpenAI، والتى يستخدمها واحدٌ من كل شابين تقريبًا. يظهر Copilot وهو ملك مؤسسة ميكروسوفت (Microsoft) فى المرتبة الثالثة.

من بين المنافسين، الخدمات المتخصصة Gamma (إعداد العروض التقديمية أو العروض التقديمية Power-Point) أو  Quizlet(إنشاء بطاقات المراجعة) أو Photomath (حل تمارين الرياضيات من صورة المشكلة) التى اشترتها Google العام الماضى.

وبغضِّ النظر عن الأدوات المستخدَمة، فإن الواجب المنزلى هو العامل الرئيسى للاستخدام، سواء كان البحث أو التنقيح أو صياغة أو إعادة صياغة النصوص. يقول أحد شباب الثانوية «عندما يكون عندى بحثٌ فى الفلسفة عن الديمقراطية، أقوم بطرح سؤالى على Google، فأجد نفسى تائها فى قائمة طويلة عريضة من العناوين… أما عندما أسأل ChatGPT، فسوف يصنع لى نصا كاملا، وفى ظرف قياسى، ما علىّ إلا قراءته والاقتباس منه مباشرة»، حسب شهادته.

ويعتقد الشباب الذين شملهم الاستطلاع أن استخدام الذكاء الاصطناعى يمكن أن يضيف بعض النقاط وقد تصل الى 5 نقاط إلى نسخهم «لقد أدمجوها بالكامل فى أساليب عملهم ونهجهم فى الواجبات المنزلية»، وأقول هنا بأن هذا التفوق من الطالب الذى ينتمى الى الجيل Z على الأستاذ الكلاسيكى الذى مازال يُدرِّس بالطريقة القديمة، ويعتمد على البرنامج الرسمى الذى تقدمه وزارة التربية الوطنية. سيؤدى ذلك، أو بالأحرى أدى إلى إزعاج هؤلاء الأساتذة الذين لم يدخلوا بعد فى العصر الرقمى، إلى درجة زعزعة العديد من الأساتذة وحتى المشرفين على تلك الثانويات، وازدادت الفجوة الرقمية فى الاتّساع بين الأستاذ والطالب من ناحية، وأصبح المشرفون على التربية عندنا فى الجزائر، يغرِّدون خارج السرب.

والسؤال الذى بقى مطروحا منذ مدة طويلة، لماذا يُقطع الإنترنت فى أيام امتحانات شهادة التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا؟.

أيعقل أن يقطع الإنترنت حتى على الهاتف الثابت؟ لماذا لا تطرح هذه المسائل التى لم تستطع وزارة التربية، ومعها الحكومة، على الجامعات الجزائرية حتى تُدرَس بشكل جيد ويتم إيجاد الحل النهائى الكافى والشافى؟

وهنا أقول: «على الرغم من تخلف الأساتذة عن غالبية الطلاب، فقد أدركوا هذا الاضطراب». بالإضافة إلى أسئلة الغش البسيطة، يجب عليهم الآن التفكير فى استخدام الذكاء الاصطناعى لتطوير الطلاب. أدوات الذكاء الاصطناعى هى أيضًا وسيلة للحصول على المشورة لما يقرب من واحد من كل ثلاثة طلاب. يستخدمون أيضًا مساعدين افتراضيين للحصول على طريق أو حتى لتقديم المشورة لهم فى أمورهم الخاصة. تقول إحدى الطالبات البالغة من العمر 17 عامًا: «ذات يوم واجهت معضلة فى مسألة ما، فقمت بطرح  السؤال على My AI وساعدنى على اتخاذ القرار».

تقنية يسهل الوصول إليها

تم إطلاق Snapchat Chatbot العام الماضى، ويبدو أنه يحظى بشعبية لدى الشباب الجزائرى لتقديم التوصيات والحصول على المعلومات فى أخرى. وفقًا لبعض الإحصائيات من الشبكة الاجتماعية، فإن أكثر من نصف الطلبات على  My AI (100 مليون حتى الآن فى جميع أنحاء العالم،) تتعلق بمبادرى المحادثة، كالبحث عن نكتة جيدة. تشمل الموضوعات المفضلة محادثات حول السيارات (65 مليونا) والحيوانات (59 مليونا) وتوصيات حول مستحضرات التجميل (12 مليونا) أو الملابس (16 مليونا).

فى حين أن العديد من البالغين لا يزالون يكافحون للتعامل مع «الذكاء الاصطناعى»، فقد اعتاد الطلاب الشباب عليها بسرعة كبيرة، إذ تؤكد الدراسة: «بين استخدام اللغة الطبيعية والقدرة على تقديم الطلبات من خلال النص المكتوب أو الصوت أو تنزيل المستندات، إنها تقنية يسهل الوصول إليها بسرعة». بالنسبة لهم لا يوجد حاجز عند المدخل «وهم يعرفون كيف يكونون أذكياء فى التعامل مع هذه الأدوات، ولديهم سيطرة جيدة على المؤشرات لإعطاء الذكاء الاصطناعى إذ تتوافق مع واجباتهم ومستواهم».

لكنهم مازالوا غير واثقين كثيرا فى هذه الأدوات. «إنهم يدركون أن النتائج ليست صحيحة دائمًا، لقد جربوها بالفعل فى الغالب». وبالتالى، يتم وضع الذكاء الاصطناعى المولد، وفقًا للمستجيبين، كرابع مصدر جدير بالثقة للمعلومات وراء الأقارب والأساتذة ومحرِّكات البحث. ولكن من ناحية أخرى، يثقون بالذكاء الاصطناعى المولد أكثر من ويكيبيديا وما ينشر فى الصحافة وينشره الصحفيون والمؤثرون.

والذكاء الاصطناعى المولد «هو دليل أول على المستقبل». وسنرى غدًا كيف سيضعون أنفسهم عندما يكون هناك استقرار أكبر فى النتائج، فكل شىء سريع جدّا اليوم.

بعد سحر الاكتشاف ومرحلة عدم الثقة، يتساءلون الآن: كيف يمكنهم حقًّا استخدام الذكاء الاصطناعى؟

يبدو أن هؤلاء الشباب قد خطَّطوا بالفعل للمرحلة المقبلة. وغالبيتهم يقبلون فكرة وجود مساعد ذكاء اصطناعى فى بريدهم الإلكترونى «التكامل الذى حقِّق بالفعل داخل Snapchat والذى يفتح آفاق Meta وLinkedIn  و TikTok". كما أنهم ليسوا مترددين فى إنشاء الذكاء الاصطناعى من قبل المعلنين.

يستمع الكثيرون إلى الموسيقى التى صممها الذكاء الاصطناعى على TikTok. لقد تحولوا بالفعل إلى «عصر لن يكون فيه من الممكن تمييز المحتوى الذى أنشأه الذكاء الاصطناعى»، من دون تركهم غير مبالين بحياتهم المهنية؛ ما يقرب من نصفهم يخشون أن تختفى وظيفتهم المستقبلية بالذكاء الاصطناعى.

 عثمان عبد اللوش

جريدة الشروق الجزائرية

النص الأصلى 

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2024 - جميع الحقوق محفوظة