نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالاً للخبير الاقتصادى العراقى، وليد خدورى تناول فيه عدة توقعات لسياسات الرئيس القادم دونالد ترامب، فى ضوء إدارته السابقة وتصريحاته فى عدد من الخطابات، ومدى تأثيرها على ملف الطاقة الأمريكية، إذ يتوقع الكاتب حدوث توتر فى العلاقات الأمريكية الصينية نتيجة تطبيق شعار «أمريكا أولاً» الذى يهدف لزيادة التعريفة الجمركية على السلع المستوردة. أما بالنسبة لقضية المناخ فستنال نصيبًا من هذه السياسات، حيث يشير كاتب المقال إلى تخوف عدد من مجموعات مكافحة التغير المناخى الأمريكية من أن تؤدى سياسات الرئيس المقبل إلى كارثة مناخية، منها انسحاب أمريكا من «اتفاقية باريس 2015 للحد من التغير المناخى».. نعرض من المقال ما يلى:أدى انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية، وفى انتخابات تاريخية، إلى تغيير موازين القوى للناخبين والولايات ما بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى؛ حيث حاز ترامب على تفويض واضح لتنفيذ برنامجه الانتخابى، الذى سيغير كثيرًا فى السياسات الأمريكية، والطاقة منها بالذات، خلال السنوات الأربع المقبلة، على الأقل.صرح المراقبون الأمريكيون بعد إعلان النتائج بأن السبب فى فوز ترامب يعود إلى انتقاداته ووعوده بإصلاح سياسات عقيمة لإدارة بايدن، وعدم تمكن هاريس من مواجهتها بجدية والابتعاد عن مناقشتها وطرح حلول لمعظمها، نظرًا لحساسية المواضيع لها كنائبة الرئيس فى عهد بايدن؛ منها، مثلاً: الصحة العامة، والهجرة، والبطالة، والإجهاض، والسكن، وزيادة الرسوم الجمركية، والتمويل الضخم لحرب أوكرانيا، وارتفاع معدلات التضخم. كما أن تأخر انسحاب بايدن مبكرًا من ترشيحه للانتخابات، لم يمنح هاريس وقتًا كافيًا للإعداد لحملتها الانتخابية، الأمر الذى بدأ موجة من الانتقادات الواسعة للديمقراطيين، كسبب لخسارتهم.هناك خلاف أساسى بين بايدن وترامب حول مدى التنقيب عن البترول فى الولايات المتحدة، وبالذات فى الأراضى الفيدرالية الواسعة، ومدى تأثير الإنتاج البترولى فى المحميات الفيدرالية ذات الخصوصيات البيئية.من اللافت للنظر أن الرئيس بايدن أعلن، بعد ساعات من إعلان فوز ترامب الأسبوع الماضى، عن قراره بتقليص أهداف وحجم الامتيازات لاكتشاف البترول فى «محمية ألاسكا الوطنية للحياة البرية». كان قد منح الرئيس ترامب الامتياز لشركتين فى عهد إدارته الأولى للاستكشاف والتنقيب البترولى فى «المحمية». لكن إدارة الرئيس بايدن قررت حال تسلمها الإدارة منع العمل البترولى فى «المحمية» ومن ثم تأجيل العمل حتى اليوم، ولكن بشروط جديدة خفضت فيها أهداف وحجم العمل.يهدف قرار إدارة بايدن الأخير إلى تقليص وتأجيل إمكانية التوسع والتسريع للحفر البترولى فى «المحمية» عند تسلم الرئيس المنتخب ترامب ولاية الحكم فى 25 - 1 - 2025. لكن من المتوقع أن يبادر ترامب فى الأيام الأولى من حكمه بإصدار «قرار رئاسى» مما لا يحتاج إلى موافقة «الكونجرس» يسمح بالبدء بالعمل البترولى فى «المحمية» وبقية أراضى الحكومة الفيدرالية، مما سيفتح المجال للشركات النفطية ببدء العمل فى الأراضى الفيدرالية الشاسعة بعد عقود من إغلاقها عليهم.تقع أراضى «محمية» ألاسكا على مساحة 19.3 مليون فدان بالقرب من بحر بوفورت الجنوبى حيث تقطنها الدببة القطبية وعشرات الألوف من الطيور المهاجرة الموسمية، وتتراوح الاحتياطات البترولية ما بين 5.7 و16 مليار برميل من النفط.من المعروف أيضا عن ترامب معارضته لحملات الحد من تغير المناخ. وصرح أثناء حملته الانتخابية فى ولاية نيوجرسى خلال هذا العام، بأنه فى حال انتخابه رئيسًا، سيوقع فى اليوم الأول من حكمه قرارًا رئاسيًا لمنع مشاريع طاقة الرياح فى الولايات المتحدة. كما صرح ترامب فى الحملة الانتخابية بأنه سيساند ويدفع قدمًا بتشييد المشاريع التى تساند توظيف الأيدى العاملة الأمريكية، مثلاً: محطات الكهرباء التى تستعمل الفحم الحجرى.كما صرح ترامب أيضًا فى خطبة بأنه ينوى إيقاف تشييد مجمل الطاقات المستدامة الأخرى فى الولايات المتحدة. لكن، من المتوقع أن يواجه معارضة من قبل حكام الولايات الديمقراطيين فى تهميش دور الطاقات المستدامة التى تم تشييدها، وبالذات بعد أن استفادت الولايات المعنية من هذه الاستثمارات المليارية التى وفرتها لها إدارة بايدن عن طريق قوانين «البنى التحتية» و«تخفيض التضخم» التى حصلت على موافقة الحزبين الديمقراطى والجمهورى فى الكونجرس. إلا أنه من الممكن للرئيس ترامب أن يخفض من سرعة دعم الاستثمارات الجديدة، أو تخفيضها.والسبب فى ذلك، وكما هو معروف عن مواقفه فى عهد رئاسته الأولى، هو دعمه للشعار الذى طرحه «أمريكا أولاً»؛ إذ يعتبر أن الطاقات المستدامة تزيد من قيمة تكاليف الصناعات الأمريكية، ومن ثم تخفض من إمكاناتها فى التنافس مع السلع الأجنبية. كما يعتقد أنها تقلص من فرص مجال العمل للأمريكيين. وكان ترامب قد سحب فى عهد رئاسته عضوية الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس 2015 للحد من التغير المناخى».من الجدير بالذكر أن بعض مستشارى ترامب قد دعوا إلى إنهاء قانون «البنى التحتية»، الذى دعم تشييد مشاريع الهيدروجين، والتقنيات النظيفة، والسيارات الكهربائية والطاقات المستدامة؛ حيث بلغت قيمة تكلفة هذه المشاريع أكثر من نصف تريليون دولار، التى أدت إلى فتح المجال لآلاف الوظائف.يتخوف الكثير من مجموعات مكافحة التغير المناخى الأمريكية من أن تؤدى سياسات ترامب المناخية فى ظل سياسات دراماتيكية لعدم تقليص الانبعاثات إلى «كارثة مناخية»، وإلى سحب الولايات المتحدة من عضوية «اتفاقية باريس 2015 لمكافحة التغير المناخى»، وبالذات لأن الولايات المتحدة مسئولة عن نحو 10 فى المائة من التلوث المناخى للكرة الأرضية.وكجزء من سياسته فى دعم الصادرات الأمريكية وشعار «أمريكا أولاً»، تشمل سياسات ترامب الطاقوية زيادة الصادرات البترولية، وبالذات صادرات الغاز المسال إلى أوروبا.تشكل الطاقة عاملاً مهمًا فى سياسات الولايات المتحدة مع كل من الصين من جهة، وأقطار السوق الأوروبية من جهة أخرى. ومن المتوقع أن تتوتر العلاقات الأمريكية ــ الصينية، نتيجة تنفيذ شعار «أمريكا أولاً»، الذى يهدف لزيادة التعريفة الجمركية على السلع المستوردة، وبالذات السيارات الكهربائية، وبطاريات الليثيوم وألواح الطاقة الشمسية الصينية، الأمر الذى قد يزيد من التوترات الاقتصادية الضخمة بين الدولتين، مما يؤدى إلى تقليص حجم التجارة الخارجية بين أكبر دولتين مستهلكتين للطاقة. وبالنسبة لأقطار السوق الأوروبية المشتركة، فإن أولويات الطرفين ستكون متناقضة فى حال نفذ بوتين سياساته لتقليص تشييد الطاقات المستدامة فى الولايات المتحدة، فى الوقت الذى تعتبره أقطار السوق الأوروبية المشتركة فى قمة أولوياتها. وستتأثر العلاقات أكثر فى حال سحب ترامب عضوية الولايات المتحدة ثانية من «مؤتمر باريس 2015 لمكافحة تغير المناخ».لكن، فى الوقت نفسه، ستحتاج الأقطار الأوروبية إلى مراعاة مواقف واشنطن بخصوص الحرب الأوكرانية، وكذلك مسألة تمويل حلف الأطلسى. وينظر السياسيون الأوروبيون بقلق إلى إمكانية دعم وتعاون الحزب الجمهورى بقيادة ترامب مع الأحزاب اليمينية الأوروبية ذات الصعود النافذ فى أوروبا حاليًا.
مقالات اليوم محمد عبدالمنعم الشاذلي أخى جاوز الظالمون المدى محمد المنشاوي خريطة ترامب لصفقة القرن الجديدة قضايا جندرية تكنولوجيا فى خدمة النساء.. منصات عربية للحد من العنف الرقمى
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك