x قد يعجبك أيضا

دلالات «خناقة الكوامل» فى سوهاج

الأحد 13 أبريل 2025 - 6:30 م

ما حدث من خناق وشجار وشتائم بين سكرتير عام محافظة سوهاج اللواء علاء عبدالجابر ونائب المحافظ الدكتور محمد عبدالهادى وبحضور المحافظ اللواء عبدالفتاح سراج عقب افتتاح أحد المساجد بقرية الكوامل بالمحافظة بعد صلاة الجمعة الماضية، ينبغى ألا يمر مرور الكرام، وأن تكون معالجته جذرية وليست شكلية.
‎مساء الجمعة انتشر كالنار فى الهشيم فيديو مدته ١٥ ثانية فقط على مواقع التواصل الاجتماعى وفيه يقوم السكرتير العام بالاشتباك اللفظى مع نائب المحافظ ويسبه فى حضور المحافظ، ولولا تدخل جمع غفير بينهما لتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدى ومن يتابع التعلقيات على هذه المواضيع، سوف يكتشف ببساطة أن صورة الدولة المصرية تعرضت للتشويه الشديد.
‎الحكومة مشكورة قررت إقالة السكرتير العام ورغم ذلك فإن ذلك لا ينهى القضية لأن هذا الفيديو القصير يكشف عن مجموعة من الظواهر علينا أن نتأملها وندرسها جيدا:
‎أولا: المشادة تمت داخل مسجد الكوامل الجديد وهو ما يعنى أنه لا يوجد حتى الحد الأدنى من التقدير والتبجيل والاحترام لبيت الله.
‎ثانيا: سبب المشاجرة المعلن يدعو إلى التعجب والخزى، وطبقا للدكتور محمد عبدالهادى فإنه وقف بجوار المحافظ لالتقاط الصورة التذكارية، لكنه فوجئ بسكرتير المحافظة يدفعه بيده قائلا له: «يلا يا بابا من هنا»، حتى يقف هو بجوار المحافظ، فرد عليه نائب المحافظ بقوله «انت مجنون!».
‎ثالثا: وطبقا لما تسرب من تقارير صحفية وما كتبه الدكتور محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والإعلام فى مجلس الشيوخ، وحواره مع الأستاذ نشأت الديهى على قناة تن فإن ما حدث يوم الجمعة لم يكن الخلاف الأول، بل إن سكرتير المحافظة وضع كاميرات فى مكتب نائب المحافظ، الذى قام بإزالتها. إضافة لمشاكل وخلافات بين المحافظ ونائبه وصلت إلى أن المحافظ أصدر توجيهات بعدم اعتماد تأشيرات نائبه.
‎وعلى عهدة دكتور مسلم فإن المسئولين الثلاثة «أكملوا خناقتهم» فى ديوان المحافظة بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، وهو ما يعنى أن الثلاثة لديهم خلل إدراكى كامل لمعنى المسئولية.
‎رابعا: أخطأ المحافظ خطأ كبيرا لأنه لم يعالج هذه الخلافات بين السكرتير العام والنائب وهى خلافات من الواضح أنها قديمة، وكان مفترضا أن يحل المحافظ هذه الخلافات أو يرفع تقارير لوزيرة التنمية المحلية ورئاسة الحكومة تفيد بتعذر العمل فى هذه الأجواء.
‎وبالتالى أن يتم التراشق والتعارك أمامه وأمام الكاميرات فمعناه أنه فقد السيطرة على إدارة موظفيه. وعلينا تذكر أن محافظ سوهاج هو بطل واقعة مستشفى المراغة المركزى الذى عنف الطبيبة سمر أنور فى يوليو الماضى.
‎وقال لها يومها: «مفيش ضمير ولا إحساس»، وبعدها اضطر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ووزير الصحة للاعتذار للطبيبة، واضطر المحافظ لاستقبالها والاعتذار لها.
‎خامسا: ما حدث يوم الجمعة يعنى أن هذه النوعية من المسئولين لا تدرك حجم التحديات التى تواجهها البلاد على المستوى الداخلى والخارجى. هل يعقل مثلا أن يحدث هذا الشجار فى ظل الأزمة الاقتصادية خصوصا بعد زيادة أسعار الوقود فى نفس اليوم. والمعاناة التى يشعر بها ملايين الناس؟! هل تخيل هؤلاء المسئولون رد فعل المواطن العادى الذى استيقظ صباح الجمعة على قرارات رفع أسعار الوقود، وفوجئوا بأن هذا هو سلوك كبار المسئولين المحليين الذين يفترض أن يديروا ملفات العمل اليومى فى محافظتهم.
‎سادسا: النقطة الجوهرية التى ينبغى أن نتوقف عندها من واقعة خناقة مسجد الكوامل هى معرفة المعايير التى يتم من خلالها اختيار القيادات المحلية.
‎واقعة الكوامل تكشف عن خلل جسيم فى هذه المعايير ونتمنى أن تكون الظاهرة فردية وليست عامة.
‎أعتقد أن الحكومة ووزارة التنمية المحلية مطالبة من الآن فصاعدا بفحص مستوى كل القيادات المحلية، وهل هناك نماذج أخرى مشابهة لما حدث فى سوهاج، وإذا تم اكتشافها فيجب إبعادها فورا، على الأقل من واجهة العمل العام والاحتكاك بالمواطنين.
‎سابعا: وإذا كانت الدولة تقوم بإعطاء دورات فى الأمن القومى لكل الموظفين فى كل الوزارات والهيئات والمؤسسات، أليس من الأوجب أن تكون هناك دورات للقيادات المحلية وسائر المسئولين فى البروتوكول والسلوك العام وأدب التعامل مع الغير، خصوصا مع الجماهير، وأن يدرك كل مسئول أنه موظف لخدمة المواطنين وليس التعالى عليهم أو السخرية منهم بدلا من اكتشاف أن كل ما يشغلهم هو «اللقطة».
‎واقعة مسجد الكوامل كاشفة ونتمنى سرعة علاجها حتى لا تتكرر بصورة أكثر مأساوية.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة