أيها الفارس النبيل أنطونيو جوتيرش.. سلام عليك - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 3:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيها الفارس النبيل أنطونيو جوتيرش.. سلام عليك

نشر فى : الثلاثاء 31 أكتوبر 2023 - 5:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 31 أكتوبر 2023 - 5:55 م

وسط أكبر عملية تواطؤ وتدليس يشهدها العالم بالدعم المطلق لقتلة الأطفال والنساء من جانب من يدعون أنهم سدنة الحضارة وأساطين حقوق الإنسان، التى تنتهك على الهواء مباشرة أمام أعينهم فى غزة، أراد الله أن يبعث من بين هذا الركام والحطام الأخلاقى بفارس نبيل.. برجل شريف قال كلمة الحق من دون اعتبار للعواقب والمآلات، التى يعلم أنها فادحة على أولئك الذين يسيرون فى مواكب النفاق خوفا وطمعا فى مدد أطول فى المناصب الدولية.. كان هذا الفارس النبيل هو أنطونيو جوتيرش، السكرتير العام للأمم المتحدة، الذى سيظل اسمه محفورا فى ذاكرة الأجيال العربية وذاكرة كل إنسان حر على ظهر الأرض إلى أبد الآبدين، بعدما انتقد إسرائيل بوضوح أمام جلسة مجلس الأمن المنعقدة فى 24 أكتوبر الماضى، بسبب عدوانها الغاشم على قطاع غزة.
****
قال جوتيرش أمام جلسة لمجلس الأمن فى 24 أكتوبر الماضى: إن «حماية المدنيين لا تعنى إصدار الأمر بإجلاء أكثر من مليون شخص إلى جنوب غزة، حيث لا مأوى ولا طعام ولا ماء ولا دواء ولا وقود، ثم الاستمرار فى قصف الجنوب نفسه». مضيفا «إننى أشعر بقلق عميق إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنسانى الدولى التى نلاحظها فى غزة». و«لا يوجد أى طرف فى النزاع فوق القانون الإنسانى الدولى». ورغم إدانته هجمات حماس، إلا أنه قال أيضا: «من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تأتِ من فراغ.. إن الشعب الفلسطينى يتعرض لاحتلال ظالم منذ 56 عاما. لقد شهدت بلدها وقد دمرته المستوطنات ودمره العنف، بحسب نص الكلمة المنشور على موقع الأمم المتحدة.
فور انتهاء السكرتير العام من كلمته تعرض لهجوم حاد من وزير خارجية إسرائيل إيلى كوهين، الذى قال مستنكرا: «سيدى السكرتير العام، فى أى عالم تعيش؟»، وهو الدرب الذى سارت عليه الكثير من الأقلام ووسائل الإعلام المنحازة لإسرائيل.
****
الحقيقة أن موقف جوتيرش الذى أقر حقيقة أن الشعب الفلسطينى يتعرض لاحتلال ظالم منذ 56 عاما، يأتى من خلفية الرجل الذى شغل قبل انتخابه سكرتيرا عاما منصب مفوض الأمم المتحدة السامى لشئون اللاجئين فى الفترة من يونيه 2005 إلى ديسمبر 2015، وعلى مدى ذلك العقد اطلع بشكل يومى على معاناة الشعب الفلسطينى فى المخيمات وفى قطاع غزة.
وبهذه المناسبة فإن من يتابع موقف منظمات ووكالات الأمم المتحدة جميعها عدا مجلس الأمن سيجد أنها اتخذت ذات الموقف المشرف للسكرتير العام جوتيرش من أحداث الحرب على غزة، ويراجع فى ذلك المواقف المنددة بالعدوان الوحشى الإسرائيلى والمحذرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء ذلك العدوان، الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) واليونيسيف ومجلس حقوق الإنسان، والمفوض المفوض السامى لحقوق الإنسان وغيرها.
****
انتظر المرء دعما سياسيا وإعلاميا عربيا للسكرتير العام للأمم المتحدة بعد موقفه المشرف من معاناة الشعب الفلسطينى، لكن خاب فى ذلك الرجاء، ففيما عدا الإسناد والدعم الفورى الذى تلقاه جوتيرش من السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية مر الأمر وكأن الكثير من المسئولين العرب يتضامنون بالصمت العاجز قليل الحيلة مع احتجاج الوزير الإسرائيلى، فقد قال أبوالغيط من نيويورك: «إن الهجوم الذى يتعرض له سكرتير عام الأمم المتحدة من جانب إسرائيل يعكس محاولة مكشوفة للإرهاب والابتزاز الأخلاقى والسياسى»، مؤكدا أن «الرجل عبر خلال كلمته أمام مجلس الأمن عن موقف أخلاقى ومبدئى سليم يتفق وواجباته والأمانة التى يتحملها على رأس المنظمة الأممية».
****
ليس ذلك هو الموقف المشرف الأول لأنطونيو جوتيرش، فلم يصمت الرجل على جريمة حرق القرآن الكريم وإهانة المشاعر الدينية لمليار مسلم، فقد خصصت الأمم المتحدة فى عهده يوم 15 مارس من كل عام بداية من سنة 2021 باعتباره «اليوم العالمى لمكافحة كراهية الإسلام» (الإسلاموفوبيا)، وتشدد وثيقة القرار على أن «الإرهاب والتطرف العنيف لا يمكن ولا ينبغى ربطهما بأى دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية». كما تدعو الوثيقة «إلى تشجيع إقامة حوار عالمى بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات، استنادا إلى احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات».

التعليقات