حلم شارون باللعب فى ستاد القاهرة!! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 12:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حلم شارون باللعب فى ستاد القاهرة!!

نشر فى : الأحد 28 فبراير 2016 - 11:30 م | آخر تحديث : الأحد 28 فبراير 2016 - 11:30 م
(١)
كان صباحا ماطرا فى 18 سبتمبر الماضى، عندما توجهت لزيارة «متحف نوبل» بالعاصمة السويدية ستوكهولم، قررت التقاط صورا تذكارية مع صور المصريين الفائزين بهذه الجائزة المهمة بترتيب حصولهم عليها والموجودة بالمتحف، بدأت بالرئيس السادات، وبينما أتأمل صورته جاءت سيدة أربعينية، وقفت بجوارى تتأمل صورة الرئيس بإعجاب، استأذنتها فى التقاط صورة لى مع صورة الرئيس الراحل فرحبت؛ ولأن نظام الإضاءة بالمتحف يجعل التقاط مثل هذه الصور يحتاج إلى محاولات عديدة فقد بذلت جهدا كبيرا فى ذلك، وأدت المهمة بلطف شديد.

ما إن انتهت من التقاط الصورة المناسبة، حتى قالت لى بالإنجليزية وهى فى غاية التأثر: «أحب هذا الرجل أكثر مما تتصور.. لقد شق طريقا صعبا للسلام فى وقت عصيب.. تحلى بشجاعة نادرة...»، قبل أن تكمل سألتها عن جنسيتها، وبعد لحظة صمت قالت وهى ماطة شفتيها وبصوت خفيض «إسرائيل».

لم أجد ما أرد به، جالت بخاطرى فى ثوان معدودات أفكار كثيرة جدا من عينة أنه من المحتمل أن أحد أفراد عائلة هذه السيدة الواقفة أمامى قد قتل الأسرى المصريين فى حربى 1956 و1967، أو شاركت هى بنفسها فى عدوان كيانها ضد لبنان أو قتلت فلسطينيين.. ولما طال صمتى وشرودى قالت وهى تنسحب من المكان وبنفس الصوت الخفيض: «أتمنى لك يوما سعيدا».

بعد انصرافها نظرت على الفور إلى السادات.. خاطبته وكأنه يسمعنى «هذا هو سلامك يا سيادة الرئيس.. لم ينجح فى إقناع مصرى ولد بعد حرب أكتوبر فى أن يطبع مع إسرائيلية بعد أكثر من 36 سنة من كامب ديفيد».

(٢)
بعد انصراف السيدة تذكرت عبارة للسفاح الإسرائيلى شارون أوردها فى مذكراته التى كان يحكى فى أجزاء منها عن أحلامه وهو على جبهات القتال فى سيناء خلال حرب 1973، التى منيت فيها إسرائيل بهزيمة موجعة «أحلم برؤية منتخبنا (الإسرائيلى) لكرة القدم يلعب أمام نظيره المصرى فى ستاد القاهرة.. عندما يتحقق السلام».

بالرغم من تحقق الجزء الأول من هذا الحلم «الشارونى»، المتمثل فى إنجاز معاهدة سلام مع مصر، فإن الشق الثانى وهو لقاء المنتخبين المصرى والإسرائيلى فى ستاد القاهرة لا يزال حلما بعيد المنال، لأنه يمثل مرحلة متقدمة من «التطبيع» الذى تقابله الأغلبية الساحقة من المصريين بمعارضة كاسحة؛ فضلا عن أنهم اعتبروا معاهدة السلام «شأنا خاصا بالحكومة»، ولا دخل لهم بها.

السنوات الأولى التى تلت توقيع اتفاقية السلام عرفت ما يمكن أن نسميه «السلام البارد»، فلم يقابل المصريون الإسرائيليين بالورود كما توقع قاداتهم، وهو ما أصابهم بإحباط شديد، وإن شهدت تلك الفترة نشاطا ملحوظا مثل تبادل الزيارات والوفود الرسمية بين البلدين، خاصة قبل رحيل الرئيس السادات.

قاوم المصريون «التطبيع» بمنتهى الشراسة؛ ولم يتسامحوا أبدا فيه؛ فمجرد شائعة واحدة عن قيام فنان أو مثقف أو صحفى بالتعامل مع أى جهة أو أشخاص إسرائيليين كفيلة بحرقه فى الشارع إلى الأبد.

(٣)
تذكرت كل هذه الوقائع المرتبطة بالتطبيع مع إسرائيل بعد أن استقبل النائب توفيق عكاشة السفير الإسرائيلى فى منزله، بعد 5 سنوات تلاشى فيها حضور القضية الفلسطينية على الساحة العربية، بعد زلزال الانتفاضات العربية، التى اندلعت فى 2011، فانكفأت الشعوب على شئونها الداخلية المتفجرة.. فلم يعد للكوفية الفلسطينية ذلك البريق.. ولم يعد لسقوط الشهداء فى الأراضى المحتلة نفس وجع القلب الذى كان ينتابنا ونحن طلاب بالجامعة فى أواخر التسعينيات.. بعد أن صار القتل فعلا اعتياديا فى شوارعنا العربية طيلة السنوات الخمس الماضية.

إن المرء يكاد يبكى دما عما آلت إليه مواقفنا حيال القضية الفلسطينية التى كانت ــ ويجب أن تظل ــ قضية العرب المركزية، بعد أن هان فعل «التطبيع» على بعض من تم تصديرهم للمشهد بفعل فاعل، لكن ما يعيد إليك التوازن النفسى هو استحضارك لتلك الصرخة المدوية للمسرحى العملاق سعد الدين وهبة «التطبيع جريمة لا يرتكبها المثقفون»، وتنظر إلى المهرولين صوب التطبيع مع العدو فتكتشف أنهم من أراذل الناس؛ فتهدأ قليلا أعصابك.

kaboubakr@shorouknews.com
التعليقات