الحكومة فى خدمة الحزب - محمد موسى - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 4:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحكومة فى خدمة الحزب

نشر فى : الأربعاء 27 أكتوبر 2010 - 9:42 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 أكتوبر 2010 - 9:42 ص

 على بعد خطوات من منزل فرديناند ديليسبس التاريخى المهجور بالإسماعيلية، يقع مقر الحزب الوطنى للمحافظة. والمبنى تحفة معمارية لا تصل إليها يد الترميم أو الرعاية، رغم وجوده فى قائمة الآثار بالمدينة.

ومنذ نهايات الربيع دارت «الماكينة» الداخلية للحزب فى طبعتها «الأمريكية المنقحة» استعدادا للانتخابات. بدأنا باستطلاع رأى الشارع فى المرشحين المحتملين بصورة سرية، وانتهينا قبل أيام بتصويت داخلى، سرى أيضا.

آلاف من شباب الحزب أنفق الأسابيع والشهور فى تنقية كشوف الأعضاء وتحديثها. بحثوا بين الأسماء عن الراحلين والمهاجرين. اتصلوا بهم، وذهبوا إليهم فى بيوتهم، وأقنعوا نسبة تصل إلى 50% بتحديث العضوية ودفع الاشتراك. لم يبحث شباب الحزب عن أعضاء جدد، لأن «التركيز على أعضاء مخلصين ونشطين أفضل من تجنيد عضو جديد غير مؤثر»، كما قال أحد قيادات الشباب. وتم تحديث 27 ألف عضوية قديمة، من بين 50 ألفا، «والباقون لم نعثر عليهم».

عندما بدأت أول انتخابات داخلية فى تاريخ الحزب قبل نهاية الأسبوع الماضى، كفقرة أخيرة فى اختيار مرشحى الحزب، كان يمكن للحزب أن يسجل نقطة تاريخية فى طريق الشفافية والديمقراطية القاعدية والنزاهة، لكن ما يجرى «ميدانيا» يبعث على القلق أكثر مما يثير الإعجاب.

الاستطلاع السرى أثار ريبة الكثيرين، «هات لى واحد فى الإسماعيلية يقول لك إن الحزب اتصل بيه أو قابله فى الشارع عشان يسأله». الكشوف المحدثة لم تختلف كثيرا عن كشوف الدولة، عشرات من المتوفين والراحلين، ونسبة غياب ليست قليلة عن التصويت الداخلى. أحاديث جانبية تمارس الإرهاب باسم الأمانة العامة، «يعنى القيادات اللى فى القاهرة»، وشائعات.

ومثل كل الأحزاب الحاكمة من أيام كهنة آمون إلى الاتحاد الاشتراكى، يتم تسخير كل أجهزة الدولة لخدمة الحزب الذى لا يرى فى ذلك عارا. «كل موظف تنفيذى هنا بينفذ برامج الحكومة، اللى هى حكومة الحزب الوطنى»، كما قال لى الأمين العام للحزب بالإسماعيلية أكرم الشاعر. الرجل لا يعترف أن الموظف يعمل لخدمة المواطن الذى يدفع له راتبه من الضرائب، «نظام دافع الضرائب وحقوق المواطن دا فى أمريكا مش هنا»، يضيف مبتسما فى ثقة.

هنا مقر الوطنى بالإسماعيلية: قاعدة محطمة كانت ذات يوم تمثالا «للقائد جمال عبد الناصر مؤمم قناة السويس»، وطيور غريبة تمرح بين أشجار الجازورينا على الجانب الآخر للترعة، وفى صمت تتآكل «العرايس» الخشبية لللسقف والفراندات.

محمد موسى  صحفي مصري