عذرا حبيبتى.. فى ذكرى نكبتك - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 2:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عذرا حبيبتى.. فى ذكرى نكبتك

نشر فى : الجمعة 27 مايو 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الجمعة 27 مايو 2016 - 10:00 م
• كانت أول محاولة لقلمى فى المرحلة الثانوية حينما بدأت كتابا عن فلسطين بعد قراءتى لعدة كتب عنها.. أدركت بعدما كبرت ونضجت مدى سذاجتى.. فكيف أكتب فى هذه السن الصغيرة عن هذا الموضوع الخطير.. لكننى الآن سعيد بهذه المحاولة الساذجة لأن باكورة قلمى كانت عن حبيبتى فلسطين التى عشقتها أجيالنا التى كانت مشحونة بالشجن على فلسطين والشوق لتحريرها والرغبة فى رؤية القدس.. فقد كانت فلسطين حاضرة فى قلوب العرب جميعا بكل أعمارهم وتوجهاتهم ورتبهم ودرجاتهم، فكم تغنينا مع فيروز عن القدس زهرة المدائن، وكم هزنا صوت عبدالوهاب وهو يشدو برائعة على محمود طه «أخى جاوز الظالمون المدى» التى كانت مقررة علينا فى المدرسة، وكم رددنا خلفه:ــ
وقبل شهيدا على أرضها *** دعا باسمها الله واستشهدا

فلسطين يحمى حماك الشباب *** فجل الفدائى والمفتدى

• ودارت الأيام دورتها، ومرت منذ أيام ذكرى نكبة فلسطين واحتلالها دون أن يذكرها أحد.. فقد تآكلت فلسطين واقعيا كما تآكلت ذكراها فى النفوس والقلوب.

• وكان صلاح الدين الأيوبى موحد العرب والمسلمين وفاتح القدس مثلا يحتذى لأجيالنا، لم نكن نتصور أن يأتى زمان يكتب فيه أحد الإعلاميين المصريين عدة مقالات صحفية يشتم فيه بغير حق أعظم القادة فى تاريخنا.

• والأغرب من ذلك مدحه لـ«بشار الأسد» الذى حكم شعبه بالحديد والنار وشرد معظمه وقتل وسجن وعذب عشرات الآلاف منه، فى الوقت الذى لم يقذف حجرا واحدا على الجولان المحتلة.

• لقد عاش صلاح الدين الأيوبى 27 عاما فى خيمة تهزها الرياح يمنة ويسرة كما حكى عنه المؤرخ ابن شداد، وهو عبقرى الحرب والسلام والعفو والصفح أيضا، وهل حقق حاكم فى تاريخ العرب الحديث شيئا مما حققه صلاح الدين .

• لقد هزم صلاح الدين جيوش الصليبيين التى كانت تمثل كل الجيوش الأوروبية أى تساوى مجازا الآن حلف الأطلنطى.

• لم يكن يتصور أحد من جيلنا أن يأتى زمان يكتب فيه البعض أن المسجد الأقصى ليس موجودا فى فلسطين ولكنه فى الطائف بالسعودية، وكأن كل الأجيال السابقة التى اعتكفت وصلت فيه أو استشهدت من أجله كانوا «حميرا» لم يدركوا أنهم فى الطائف.

• وإذا كان كذلك فلماذا كذبت قريش الرسول فى رحلة الإسراء، ولماذا دهش الناس وظهرت مزايا وعبقرية الصديق أبى بكر يومها، ويعنى أيضا أن كل القضايا التى حارب واستشهد من أجلها آلاف العرب والمسلمين كانت وهما وسرابا.

• لقد كنا فى شبابنا نحلم بتحرير فلسطين كلها، ثم اكتشفنا بعد سنوات أن هذا محال، وأن حل الدولتين هو الممكن والمتاح، فرضى الفلسطينيون ورضينا بتحرير الأراضى التى احتلت عقب نكسة 5 يونيه 1967.. ولكن «رضينا بالهم ولكنه لم يرض بنا» كما يقول المصريون.. فإسرائيل تريد كل شىء «الأرض والسلام والهيمنة الإستراتيجية على الشرق الأوسط كله.

• قلت لنفسى: يبدو أن معها حق فيما تريده، فمن يجد خصمه قزما لماذا لا يتعملق، ولماذا يضيع فرصته الذهبية، فهى ترى عربا يقتل بعضهم بعضا، ويشتم ويلعن ويصارع ويفجر ويغتال أو يسجن بعضهم بعضا، دماؤهم تسيل وأموالهم تذهب على الحروب الطائفية والمذهبية بينهم، بأسهم بينهم شديد، يشترون الأسلحة من روسيا وأمريكا وأوروبا بالمليارات ليدمر بعضهم بعضا، ولو أنفقوا بعض هذه الدماء والأموال لتحرير القدس لحررت منذ زمن طويل «وَلَكِنْ كَرِهَ اللَهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ».

• إن إسرائيل تسخر اليوم من عقولنا وتصرفاتنا فقتلانا فى سوريا والعراق واليمن على أيدى بنى وطننا وجلدتنا أكثر من قتلانا على يد الصهاينة.

• كنا قديما نعتقد أن قوله تعالى «يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ» نزلت فى الصهاينة ولكننا الآن نرى العرب يفعلون ذلك بطريقة بشعة لا مثيل لها، فنظرة واحدة على سوريا أو ليبيا أو اليمن أو العراق كافية لتثبت صحة تلك الفرضية، فاليمنيون والعراقيون والسوريون والدواعش والميليشيات الشيعية يخربون بلادهم وديارهم بأيديهم.

• وبعض اليمنيين يريدون تحرير صنعاء أو عدن من يمنيين آخرين، وبعض العراقيين يريدون تحرير الموصل والفلوجة أو بغداد من عراقيين آخرين، وبعض السوريين يريدون تحرير حلب أو دمشق أو الرقة من سوريين آخر «وأمجاد يا عرب أمجاد».

• فلتطمئن إسرائيل ولتهنأ، فلا أحد يذكر فلسطين ولا أحد يشتاق للقدس أو الصلاة فى المسجد الأقصى، بعدما انخفضت رايات العروبة والتدين فى قلوب الناس وواقعهم.
التعليقات