تقييم الطلب المستقبلى على الجيش الأمريكى فى النزاعات - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 12:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تقييم الطلب المستقبلى على الجيش الأمريكى فى النزاعات

نشر فى : الإثنين 24 أكتوبر 2022 - 9:20 م | آخر تحديث : الإثنين 24 أكتوبر 2022 - 9:23 م
نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مقالا للكاتب عدنان موسى بتاريخ 21 أكتوبر حول التنبؤ بمدى احتمالية اشتراك القوات البرية الأمريكية فى المستقبل لتحقيق الاستقرار فى بعض البلدان مثل أفغانستان والعراق والمتطلبات العسكرية لذلك.. نعرض من المقال ما يلى:
يمثل الاستعداد للصراعات المستقبلية أحد مجالات الاهتمام الرئيسية للجيوش حول العالم، والتى على أساسها يتم بناء خطط التطوير الاستراتيجية والتشغيلية للقدرات العسكرية، سواء للأفراد أو المعدات أو تحديد الأماكن التى يتم التمركز فيها. هنا، تكمن أهمية الخبرة الأمريكية لكونها قوة عسكرية عالمية مهيمنة تضع السيناريوهات المختلفة للصراعات فى المستقبل من أجل تقييم القدرة العسكرية للتعامل معها، واكتشاف نقاط القوة والضعف.
وتسلط تجربة الجيش الأمريكى فى العراق وأفغانستان الضوء على قيود أدوات تخطيط القوة العسكرية غير المتوافقة مع المشهد الاستراتيجى المتغير، ولتجنب هذه الفجوة، يحتاج المخططون العسكريون إلى أدوات أفضل تستفيد من الاتجاهات الناشئة فى البيئة الجيواستراتيجية العالمية للتنبؤ بحالات الطوارئ المستقبلية لبناء وتشكيل وإعداد القوات الأمريكية بشكل استباقى لأنواع المهام التى من المرجح أن يقوموا بها فى المستقبل، وللحالات الطارئة التى تشكل أكبر خطر استراتيجى على الولايات المتحدة.
فى هذا السياق، نشر مركز «راند RAND » الأمريكى دراسة حول «التنبؤ بالطلب على القوات البرية الأمريكية: تقييم الاتجاهات المستقبلية فى الصراع المسلح والتدخلات العسكرية الأمريكية»؛ تستهدف الدراسة تقديم تقييمات تستند إلى أسس تجريبية للطلبات المستقبلية للقوات البرية الأمريكية، من خلال طرح نموذج ديناميكى للتنبؤ يعرض التدخلات الأمريكية المستقبلية فى مجموعة من السيناريوهات حتى عام 2040، وتتضمن التوقعات المستقبلية لتدخل الولايات المتحدة فى النزاعات المسلحة ثلاثة أنواع رئيسية: الحروب والصراعات المحتملة بين الدول وداخلها، والتدخلات البرية الأمريكية المستقبلية، وأخيرا، تقدير القوات التى تتطلبها تلك التدخلات.
• • •
أما السيناريوهات، فقد تم اشتقاق خمسة سيناريوهات للصراع والتدخل المستقبلى، لكلٍ منها توقعات مرتبطة بالطلب المستقبلى على القوات البرية الأمريكية على المستويين العالمى والإقليمى، هذه السيناريوهات هى: (1) سيناريو أساسى، والذى يمثل البيئة المستقبلية الأكثر احتمالا، والتى تفترض تغييرات تدريجية فى العوامل العالمية الرئيسية.
(2) سيناريو الكساد العالمى، الذى يمثل آثار الانهيار الاقتصادى العالمى الدراماتيكى.
(3) سيناريو المرجعية الصينية، والذى يأخذ فى الاعتبار آثار التوسع الكبير فى الجهود الصينية لمراجعة النظام الدولى الراهن.
(4) سيناريو الجائحة العالمية، الذى يأخذ فى الاعتبار آثار جائحة لمدة عامين وما ينجم عن ذلك من خسائر فى عدد سكان العالم، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية.
(5) سيناريو الانعزالية الأمريكية، والذى يفترض أن الولايات المتحدة تقلل بشكل كبير من مشاركتها الدولية، بما فى ذلك الانسحاب من جميع التحالفات الرئيسية، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف والمؤسسات الدولية.
فى السيناريوهات البديلة، يكون خطر الحرب بين الدول أكبر فى سيناريو الكساد العالمى، حيث تظهر صراعات جديدة عند نقاط الاحتكاك بين التكتلات الجيوسياسية والتجارية المنفصلة، وكذلك فى سيناريو المرجعية الصينية، حيث ينشأ الصراع بين مجموعة الدول التى أصبحت مرتبطة بشكلٍ وثيق مع الصين وغيرها من الدول التى لا تزال خارج مدارها.
كذلك، تشير التوقعات إلى انخفاض فى الصراع داخل الدول من المستويات الحالية فى السيناريو الأساسى وكذلك البدائل، وينتشر هذا الانخفاض بشكلٍ عام عبر المناطق لكنه أكثر وضوحا فى شرق وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط، وهى المناطق التى بها أعلى المستويات الحالية لهذا الصراع، وحتى مع الانخفاضات المتوقعة، فإن الصراع سيكون فقط عند المستوى الذى ساد فى فترة نهاية التسعينيات وأوائل القرن الحادى والعشرين. الجدير بالذكر أن هذا الاتجاه يبدو قويا عبر مختلف السيناريوهات، حتى سيناريوهات الكساد الكبير والوباء العالمى، والتى يتوقع المرء أن ترهق الدول الأقل نموا.

التدخلات المستقبلية
التدخلات فى الصراعات المسلحة: تشمل هذه الفئة العمليات القتالية الرئيسية، مثل حرب فيتنام والحربين العالميتين، والحروب فى العراق وأفغانستان، وكذلك عمليات أصغر كما هى الحال فى بنما.
تدخلات عمليات الاستقرار: التى تشمل الجهود المبذولة للحفاظ على السلام والاستقرار وإضفاء الطابع المؤسسى عليه، سواء أثناء النزاع أو بعده مباشرة، مثل أنشطة حفظ السلام وبناء المؤسسات، على غرار العمليات العسكرية فى الأجزاء اللاحقة من نزاع العراق وأفغانستان، وإعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية فى أوروبا وآسيا، وعمليات ما بعد الصراع فى البوسنة.
تدخلات الردع: التى تهدف إلى تشكيل سلوك الحلفاء والخصوم، وحماية الحلفاء والمصالح الأمريكية الرئيسية، ومنع الحلفاء من اتخاذ خطوات قد تعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر.
وفيما يتعلق بعدد التدخلات البرية المستقبلية للولايات المتحدة والقوات المتوقع استخدامها فى تلك التدخلات، فإنها تختلف أيضا عبر السيناريوهات الخمسة المشار لها سلفا، ففى السيناريو الأساسى، من المتوقع أن ينخفض العدد الإجمالى للتدخلات البرية للولايات المتحدة قليلا أو أن يظل كما هو حاليا، ولا يختلف الأمر كثيرا فى السيناريوهات البديلة، فلا يتوقع زيادة كبيرة فى عدد التدخلات فى أى سيناريو.
ولا تزال بعض المناطق الرئيسية لديها أعلى مخاطر التدخلات البرية الأكبر للولايات المتحدة، وتتمثل فى الشرق الأوسط، وأوراسيا، وشرق وجنوب شرق آسيا. ففى حالات الشرق الأوسط وشرق وجنوب شرق آسيا، ستستمر مثل هذه التدخلات فى أنماط تاريخية طويلة الأمد، كما يتوقع نموذج «راند» بأنه يمكن نشر قوات أمريكية كبيرة فى أوراسيا، وهو ما سيكون خروجا استراتيجيا ملحوظا للولايات المتحدة، ما قد يعزى إلى التوترات المتزايدة مع روسيا أو الصين أو كليهما.

متطلبات عسكرية
فى المقابل، يرجح زيادة فى القوات البرية المطلوبة لتلبية متطلبات التدخلات الأمريكية المستقبلية، حيث يقترح نموذج دراسة راند طلبا يتراوح بين 100 ألف و425 ألفا، ويتأثر هذا الطلب بمرور الوقت بافتراضات مختلفة فى السيناريوهات الخمسة، حيث يتوقع أن تكون أكبر زيادة فى الطلب على القوات مع التدخلات فى الصراع المسلح لسيناريوهى الكساد العالمى والمرجعية الصينية.
من المتوقع أيضا أن آثار الانهيار الاقتصادى فى سيناريو الكساد العالمى تكون أكثر حِدة، فغالبا ما يتم التفكير فى الانهيار الاقتصادى من حيث آثاره المحلية على الأجور والتوظيف، لكن النماذج المستخدمة فى دراسة راند تشير بوضوح إلى أنه إذا كان الانكماش الاقتصادى الحاد مصحوبا باضطرابات جيوسياسية وإنشاء تكتلات تجارية منافسة، فقد يكون أيضا مرتبطا بزيادة فى العلاقات بين الدول، ومن ثم تصاعد الطلب على القوات القتالية الأمريكية، وقد تكون هناك موارد أقل لتزويد الجيش بالمعدات والتدريب والأفراد اللازمين لتحقيق النجاح؛ مما يؤدى إلى تعقيد التدخلات الأرضية للولايات المتحدة فى هذا السياق.
وفيما يتعلق بالطلب المستقبلى المحتمل على كل من القوات الثقيلة والخفيفة، فبينما تشكل القوات الثقيلة ما يقرب من خُمس العدد الإجمالى للقوات الأمريكية المطلوبة حاليا، لكن من المرجح أن التدخلات المستقبلية ربما تكون لها مطالب أعلى على القوات الثقيلة، ففى السيناريو الأساسى، يشير النموذج إلى طلب قوات ثقيلة مساوية لعدد الذروة من القوات الثقيلة المنتشرة فى العراق وأفغانستان، بمتوسط يقارب ثلثى إجمالى القوات المطلوبة.
من ناحية أخرى، تمثل الطبيعة التنافسية بين القوى العظمى فى النظام الدولى أحد المحددات الرئيسة التى ربما تسهم فى زيادة حجم التدخلات الرادعة للقوات الأمريكية، لمواجهة التهديد المحتمل من قبل الخصوم الصاعدين بهدف حماية المصالح الأمريكية وفرض رقابة على طموحات الخصوم.

عمليات الاستقرار
من غير المحتمل أن يكون عصر عمليات الاستقرار الأمريكية الكبيرة قد مضى إلى الأبد، فقد استخدم الجيش الأمريكى التجربة فى العراق وأفغانستان لبناء خبرة قوية فى كيفية تنفيذ عمليات الاستقرار المعقدة فى المناطق الحضرية والبيئات الأخرى، كما طور الجيش عمليات محاكاة وتدريبات لإعداد قواته للعمل فى هذه البيئات واكتسب المعدات اللازمة لدعم هذه العمليات، إن ترك هذه القدرة المؤسسية وضمور المعرفة من شأنه أن يُقوِض قدرة الجيش على إجراء هذه الأنواع من العمليات فى المستقبل وتقليل استجابة الجيش فى حالة ظهور مثل هذا الطلب مرة أخرى؛ لذا من المرجح أن يحتاج الجيش إلى الاحتفاظ بالخبرة الكافية فى هذا المجال وإبقائه محدثا مع تغير بيئة التشغيل العالمية، وتطوير استراتيجية اندفاع للتحوط ضد مخاطر مهمة.
ختاما، يسلط سيناريو العزلة فى الولايات المتحدة الضوء على ديناميكية مهمة محتملة فى ضوء المناقشات السياسية المعاصرة، ففى أعقاب الحروب الأخيرة فى العراق وأفغانستان، ليس من المستغرب أن يعرب الكثير من السياسيين عن اهتمامهم بالانسحاب والحد من النشاط العسكرى الأمريكى فى الخارج، هناك أيضا مخاوف بين بعض صانعى السياسات وشرائح من الجمهور حول قيود وتشابكات التحالفات، والمؤسسات متعددة الجنسيات، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، وقد اقترح بعض القادة أن الولايات المتحدة ستكون فى وضع أفضل بدون هذه الالتزامات والعلاقات.

النص الأصلى
https://bit.ly/3MYkdTR


التعليقات