استعادة «التعايش المفقود» - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 7:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استعادة «التعايش المفقود»

نشر فى : الجمعة 23 ديسمبر 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 23 ديسمبر 2016 - 9:15 م
الخوف على مصير الدولة الوطنية، جراء الحروب والاقتتال الأهلى والمذهبى الذى يتفشى فى منطقتنا حاليا، سيطر بشكل كبير على فعاليات الدورة الثالثة لمنتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة، التى استضافتها العاصمة الإماراتية أبوظبى الأسبوع الماضى.

فعلى مدى يومين، تداول أكثر من 400 شخصية من العلماء والمفكرين والباحثين العرب والمسلمين، المشكلات الراهنة التى تهدد وجود الدولة الوطنية، خصوصا فى ظل وجود جماعات تتسلح برداء الدين، وتسعى إلى نشر الفوضى والعنف والتعصب والإرهاب من أجل هدمها وإقامة كيانات جديدة تزعم أنها تعبر عن صحيح الدين، أو أنها امتداد لدولة الخلافة التى كانت موجودة فى صدر الإسلام.

الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس المنتدى، قال إن دولة الخلافة صيغة حكم غير ملزمة، وأنه لا يجوز نزع الشرعية عن الدول الوطنية، التى نشأت فى القرن الماضى.. فهى موافقة لمقاصد الشريعة فى النظام والانتظام وفى العمران البشرى وفى المحافظة على الأمن والسلام والشعائر.

الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ركز تقريبا على نفس الفكرة، عندما قال فى المنتدى، إن بيان مشروعية الدولة الوطنية بات أمرا فى غاية الأهمية فى واقعنا المعاصر لسد جميع أبواب الشبهات فى ذلك على المتطرفين، مشيرا إلى أن الإسلام لم يضع قالبا جامدا لنظام الحكم لا يمكن الخروج عنه، إنما وضع أسسا ومعايير متى تحققت كان الحكم رشيدا يقره الإسلام، وفى مقدمتها مدى تحقيق الحكم للعدل والمساواة وسعيه لتحقيق مصالح البلاد والعباد.

أما وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، فتحدث عن الذين اعتدوا على حرمات الله فى الأموال والأعراض والحريات، ودلَسوا على الناس ولبَسوا عليهم الكثير من المفاهيم المغلوطة، ومنها مفهوم الخلافة، حيث يزعمون أن الحكم الذى ينبغى أن يعترف به الناس دون سواه، هو ما يكون على غرار الخلافة الإسلامية التى سادت فى عصور تاريخية سابقة، وبالتالى علينا أن نثور على الأنظمة السائدة فى مجتمعاتنا الإسلامية فى هذا العصر لنسقطها ونعيد نظام الحكم الإسلامى الأوحد وهو نظام الخلافة.

الاتجاه العام فى المنتدى، ركز على أن خطاب هؤلاء المتطرفين مجافى لصحيح الإسلام، وأن ما يقومون به من إشعال للحرائق فى جميع الأقطار لا يمت للدين بصلة، وهو ما دفعنى إلى سؤال بعض المشاركين.. إذا كان هذا هو فكر علماء الأمة وقناعاتهم، فلماذا يبدو خطاب المتطرفين أكثر انتشارا وتأثيرا وجمعا للمؤيدين؟، فأجابوا أن الكثير من العلماء لا يستطيعون الاقتراب من جوهر المشكلة، وهو إعادة تجديد الخطاب الدينى بشكل يناسب العصر ومقتضاياته، ويبرز مبادئ الإسلام وخصائصه وسماته الصحيحة، وأهمها اليسر والسماحة والوسطية والصبر والحلم فى الدعوة إلى الله، كما أن بعضهم لا يستطيع المطالبة برفع الظلم والقهر عن الناس، وهما من أبرز مسببات الغلو والتطرف.

كان لافتا أيضا أن المنتدى، حاول أن يرسخ فى ختام فعالياته لثقافة تعزيز التسامح والتعايش السلمى، عندما قام الشيخ عبدالله بن زايد، وزير الخارجية والتعاون الدولى الإماراتى، بتسليم جائزة «الإمام الحسن بن على للسلم الدولية»، التى تمنح لأكثر المؤثرين والفاعلين فى صناعة السلم وثقافة التسامح حول العالم، إلى «المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام» فى جمهورية أفريقيا الوسطى، التى قامت بدور كبير فى ترسيخ قيم السلم بعد الحرب الأهلية التى شهدتها هذه الجمهورية الأفريقية، وذلك عبر شبكة من المساجد والكنائس المنتشرة فى أرجاء البلاد.

أخيرا ينبغى التأكيد على أن الحفاظ على الدولة الوطنية الحديثة، واستعادة التعايش المفقود بين مواطنيها، لن يتحقق إلا بتجديد الخطاب الإسلامى، وبتصحيح وتطوير وتعديل الكثير من المفاهيم الحالية، بحيث تستطيع الاستجابة لشروط الزمان والمكان وحاجات الإنسان المتغيرة.
التعليقات